اغلقت الهاتف وتنهدت بعبوس لفت نظره اثناء جلستهم العائلية بعد العشاء
"ما الامر ؟!"سالها باهتمام
بتردد"هناك مؤتمر طبي اعلنت عنه النقابة وأرسلوا لي لحضوره "
"حسنًا "قال يحثها لتكمل بينما تنبه الآخرين لحديثهما
"المؤتمر اسبوعان الى ثلاثة اسابيع وسيكون في المدينة "اجابته سما وأكملت "يجب ان ابقى في المدينة خلال تلك الفترة لا يمكننا الذهاب والعودة"
"واين المشكلة "تدخلت الجدة فوز
"مرعد لن يترك القرية كل هذه المدة وانا لا اريد ان اكون وحيدة هناك "
ابتسم مرعد لها بينما الجدة تقول "انت لا تريدي ان تتركيه "شعرت بالحرارة التي اجتاحت وجهها بينما الآخرون يخفون ابتساماتهم
"ولما لا يذهب العم مرعد فهو بحاجة لإجازة "علق صقر
"فعلا أنت لم تحصل على اجازة منذ زواجك " تدخل صخر ليعلق رعود ضاحكًا
"ان كنا نسمي اليومين اجازة زواج اساسا "
نظر له مرعد من تحت حاجب معقود "لن اذهب حتى اطمئن انك على راس عملك "اجابه مرعد
"لم أتوقعها منك يا عم ، ان كنت سابقى فذلك لانتبه للبيت ومن فيه "
"خلي عنك ،قال مرعد البيت فيه من يهتم به وزيادة اهتم انت بعملك "
"لدي مهمة لمدة شهر يا عم لا تقلق نفسك "قال رعود
"هكذا افضل "
"عما تتحدثان تدخلت الجدة "
"لاشيء مهم لكن رعود تراخى في الفترة الأخير ولا اريده ان يهمل في عمله "
"كانت فترة صعبة "تدخلت سما "واحتجنا ان نكون مع بَعضُنَا كنت سأقترح ان ناخذ الٍفتيات معنا أنهن بحاجة للتغيير ...."
"لا "قاطعتها فرحة سامحيني قالت مدركة حدة رفضها لا اريد لابنتي ان تبتعد عني ارجوك "
"ابنتك بحاجة لعلاج نفسي يا فرحة لقد مرت بالكثير حتى دراستها لم تعد تهتم بها الحمد لله ان المدرسة تفهمت الوضع وسمحت لها بان تقدم الامتحانات النهائية في المنزل لكن فوز بحاجة لمتابعة ...هنادة مرت بفترة عصيبة ولو ان الاحداث مختلفة ان كنت لاتريدي ان تعرضيها على طبيب سأجعل هنادة تجالسها لفترة ستستفيد من الحديث معها طبعا هذا بعد إذنك "قالت سما تحاول ان تخفف عن فرحة
"افعلي ما تريه مناسبا لكن لا أريدها ان تبتعد عني"إجابتها فرحة بحزن
"كل شيء سيكون على ما يرام لا تقلقي لكن لي طلب صبابة اريد ان اخذها معنا "
"لماذا تدخلت راية هذه المرة بينما صقر ينظر لها بتساؤل
"المفترض ان زفافها بات قريبا وصبابة لم تتعامل مع والديّ ولا تعرف شيء عن حياتها الجديدة اريدها ان تندمج مع المجتمع الذي ستصبح عضوًا فيه ووجودي معها سيساعدها كما انها بحاجة لدورة لغة هذا سيكون ضروريا لاجل دراستها "
صمت صقر وراية لحظة ينظران الى مرعد الذي تفهم انهما يريدان رأيه
"حسنًا نأخذها معنا ...اذا وافقت"اجاب مرعد ليوما الاثنان بموافقة
***********
اجرت سما اتصالاتها بعائلتها فهذه قد تكون الفرصة الوحيدة التي ستخرج بها صبابة من القرية وتجعلها تتأهل لحياتها القادمة ووالدتها كانت اكثر من مرحبة وعملت سريعا لتحجز لصبابة عدة دورات وجلسات لازمة ،حضرت جناح في بيتهم بناءً على توصيات سما ومن ضمنه غرفة لصبابة مع تلميح على ضرورة ابلاغ اخيها الاحمق ان يتواصل مع من ستصبح زوجته
********
كل شيء مر بسلاسة هاهي مستقرة منذ اسبوع في منزل والديها صبابة بدات تخرج قليلا عن تحفظها مع عائلتها الجديدة والفضل لوالدتها التي تكفلت بكل ما يخصها حتى تكاد سما ترى مدى التغيير عليها الذي لاحظه مرعد ايضا المراقب كالصقر لكل شاردة ووارده فهو اوضح لها منذ اليوم الاول ان صبابة لن تفعل شيء دون اعلام والديها وموافقتهم أولا ثم موافقته ثانيا وهذا ما عقد الامور قليلا كما قالت لها والدتها التي اقترحت ان تبدا صبابة بجلسات الليزر طالبة من سما مفاتحته بالامر
"أمي ...لن يرفض شيء كهذا أنه أمر طبيعي "
"لا سما أجابت والدتها لقد رأيتي كيف أعترض عندما سجلناها في دورة اللغة الانجليزية واشترط ان تكون مدرسة انثى هي من تعلمها وكذلك دورة اللباقة والتصرف العام ،أما الملابس أوضح لي على لسان صبابة أن لاتكون هناك ملابس خارجة عن الزِّي التقليدي مع قائمة ممنوعات لا تنتهي لا أريد أي اشكال عندما نخرج غدا ولا يوجد غيرك ليفاتحه بالامر بالطبع صبابة لن تفعل ولا أنا "
"آآه حسنا الأعمال الصعبة تترك لي "
"حسنا لقد أخبرتك من قبل زوجك كبير ليفهم الامور بوضعها الصحيح ولا داعي للف والدوان معه لأنه سيكتشف الامر مهما حاولتي أن تخفي اذا كوني صريحة معه وأخبريني بالنتيجة "
قالت والدتها لتتركها قبل موعد عودة مرعد فقط استغل وجوده في المدينة ليقوم ببعض الأعمال الضرورية الخاصة بعمله حتى تنهي سما دورتها الطبية
"حسنا سما تشجعي فكرت تحدث نفسها الصراحة ستخبر مرعد بِمَا يُتوقع من إقامة صبابة هنا
**********
جلست العائلة للعشاء كالعادة نقلت صبابة نظرها بين عمها مرعد وسما من كان ليعتقد أن عمها ممكن أن يكون متفتحا هكذا لقد فاجاها عندما اخبرها والديها أنها ستغادر معهما الى المدينة لتتعرف الى عائلة زوجها وتتعلم بعض الامور التي ستساعدها في تعلميها وفي حياتها القادمة
لكن ما فاجأها أكثر هو إهتمام مرعد بها في كل كبيرة وصغيرة فهو يراقب كل شيء يخصها دوراتها التعلمية والتثقيفية شعورها ومدى تقبلها لذلك حتى ملابسها صمم أن يبدي رأيه بهم مع توصية ملحة منه أن لا تنسى من تكون و لا ما يفرضه عليها دينها والتزامها ... في النهاية حتى سما قد التزمت مثلهم وأصبحت واحدة منهم حتى لا تكاد تفرقها عنهم
هل يعقل أن حياتها ستكون مثل حياة سما مع مرعد لقد اجبر الاثنان على الزواج وها هما السعادة تكلل حياتهما فقط مجرد النظر لهما سيشعرك بمدى الحب والتفاهم بينهما حتى هي الجاهلة تلاحظ ذلك ، لا تنكر أن هذا الزواج أتى ليحقق لها جزء كبير من أحلامها ألا وهي دراسة الطب ايعقل أن يكون هذا استجابة لدعواتها أن يَيسر امر أن تصبح طبيبة
نداء مرعد أخرجها من أفكارها "ما الذي يشغل بالك هكذا ؟"
سألها مرعد باهتمام ابوي بينما يجلس جوارها
"لا شيء يا عم كنت افكر ببعض الامور "
تنهد مرعد "أعلم أن كل هذا جديد عليك لكني أعلم ايضا أنك قادرة على التأقلم معها أهم شيء هو الثوابت التي نشأتي عليها عندما يكون لدينا ثوابت تكون كالجاذبية دائما تمسكك حتى لا تهيمي في الفضاء بلا هدف أنت صغيرة لم تختبري الحياة لكن كل ما اريدك أن تفعليه هو التركيز على دراستك القادمة حلمك بأن تصبحي طبيبة "
"هل تعتقد أنني سأنجح "
"أنا اعرف أن المثابرة والإصرار هي طريقنا للنجاح مهما كان الدرب صعبا ضعي هدفك أمامك واسعي اليه "
ابتسمت صبابة فكلماته بطريقة ما طمأنتها فمرعد لم يكن جدها أو عمها كان وما زال ركيزة عائلتها وما رأته في حياته مع سما هو لن يقبل أن يصيبها سوءً أو أن تعامل بقلة تقدير كذلك والدها لقد أكد لها أنها ان تظام مادام فيه نفس حتى وإن كان زواجها قد تم بتلك الطريقة فقد حافظوا على عزتها ولم ينقصوها شيء....وعائلة زوجها ترحب بها سما تعتبرها كأخت لها ...لكن ماذا عنه ذلك المغترب والغريب تماما عنها ماذا سيحدث لها عندما تعيش معه بعيدا في بلاد لا تعرف عنها شيء