المقدمة الجزء الثاني

2.5K 44 0
                                    

تنهدت تنظر للباحة التي تطل عليها شرفة غرفتها كم مضى على قدومها هنا. فكرت هنادة شهر اثنين لا تعلم فقد فقدت العدد ، هذا امر غريب في السابق كانت تعد كل ليلة كل ساعة كل دقيقة حتى ينتهي كابوسها اما هنا الامر مختلف فلا يوجد كابوس فيما تعيشه لاول مرةً تشعر انها انسانة كيان تفعل ما تريد في اي وقت تريد تاكل تنام والاهم ان لها عملها الذي تعشقه فهي اصبحت مدرسة للمرحلة الابتدائية للاطفال اللاجئين هذا شيء اسعدها بقدر ما غلفها بالالم مجرد رؤية الاطفال تذكرها بماساتها وماساتهم ، عزاءها الوحيد انهم اطفال لم يتعرضوا لما تعرضت ، ولو ان كثيرين منهم لم ينجو ولم يشفع لهم عمرهم الصغير طرقات على بابها جعلتها تنفض افكارها فمع وجودها في بيت الطبيبة سما وعائلة زوجها نادرا ما تجد وقت الشرود او التفكير احيانا يمكنها ان تراهن انهم اتفقوا على ان لا يتركوها وحدها وهو امر اسعدها معهم تشعر بالانتماء شعور غريب يلفها بمجرد البقاء معهم سكينة هدوء طمأنينة كانها في بيتها وسط عائلتها ، التفتت تضع ابتسامة على وجهها للفتى الصغير الذي وقف على بابها مشيحا ببصره كما يفعل رجال عائلته
"الجدة اسال عنك لم تشربي قهوتك معها اليوم "
"سآتي حالا ...الا تريد الحلوى "قالت عندما رات التفافه للمغادرة
"إذا أردت حلوى سأحضر أنا لي ولك "مشددا على كلمة أنا
"لا بأس أنا اعطيك هذه المرة "
"لا قال لي أبي أن الرجال هم من يعتنون بنساء بيتهم وليس العكس "
ارادت ان تجادله فهو طفل لكن هذا سيزعجه فهو يرى نفسه رجلا كباقي افراد عائلته
"حسنا اذن سإخذ الحلوى للفتيات هلا انتظرت قليلا حتى توصلني "
"حسنا لكن لا تتاخري وانتحى جانبا خارج الباب ينتظرها
ابتسمت هنادة سعيدة بتصرفات هذا الفتى التي يعتبرها رجولية فتذكرة قيما مماثلة تربت عليها في بيت والدها واخ اصغر كام يمارس عليها الغيرة والحمية التمعت عيناها بالدموع التي ابعدتها بسرعة لا لن تبكي وتفسد جلستها مع الجدة والعائلة
*********
نظرت الى نفسها في المراة قريبا سيأتي مرعد لاصطحابها الى البيت أخيرا قد انتهى المؤتمر
تحركت لتخرج من غرفتها متجهة الى غرفة اخيها طرقت الباب قبل فتحه لتراه مستلقيا في سريره بالكاد يرتدي بنطال قطني واسع
"سياتي مرعد بعد قليل "قالت مترددة منذ تلك الليلة التي غادر بها مرعد هي لم تناقش معه امر زواجه
تنهد مؤمن "سما..."
"حاول أخي من أجلك هذه حياتك لما لا تجعلها أيسر عليك وعليها هي أيضا لا ذنب لها "
أومأ برأسه "حسنا ، هلا تركتني الان لأبدل ملابسي"
خرجت مبتسمة من غرفته بينما نظراته تعلقت بالسقف لقد فكر في الأيام الاخيرة كثيرا وبكل الاحتمالات ما السيء الذي قد يحدث ربما أن أخته معها حق ...ليحاول !
************
تفاجأت سما عندما اخبرها مرعد انه يريد أن يتحدث مع اخيها ويدعوه ليقيم عندهم فترة لم تتوقع ان يستجيب مرعد لأفكارها ، لذا بعد العشاء عندما طلب مرعد ان يتحدث مع مؤمن على إنفراد انسحبت مسرعة مع والديها بعد أن أعطاهما لمحة عن الموضوع في وقت سابق
********
دخل غرفة المكتب الخاصة بوالده يتبعه مرعد الذي اتخذ من الاريكة التي تقابل المكتب مجلسا ليجلس مؤمن امامه
"أنا أؤمن أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم لذا سأدخل في الموضوع مباشرة ، لقد انهت صبابة دراستها وتم تقديم أوراقها للجامعة في بريطانيا تبقى القبول وإمتحان المستوى والإقامة قد انتهى العمل عليها كما أخبرني والدك وأنت هنا ، متى سيتم الزفاف ؟"
نظر مؤمن متفاجئا لوهلة لم يظن أن يسأله مباشرة ربما في عقله كان يتجنب التفكير في الامر ، يؤجله لم يعلم أن الأمر أصبح قريبا
"أنا لا ارى داعي للتأجيل "قال مرعد
هل يظنوا أنه سيتزوج من فتاة لا يعرفها
"كنت أريد تأجيل الأمر قليلا "قال مؤمن مترددًا
"لما ما السبب؟!"نظر له مرعد بتفهم لقد أتت مباغتته بثمارها
"أنت تعلم أنا لا أعرفها ...."
قاطعه مرعد "ما الذي يمنعك لم تطلب مني او من والدها أن تتعرف إليها لم تزرنا مع أنك هنا منذ اكثر من اسبوعين "
"ظننت أن هذا ممنوع !"
ابتسم مرعد "إذا كان ممنوعا إذن كيف ستحله بالتأجيل ، اسمعني مؤمن أعلم أن ظروف زواجكما ليست اعتيادية ، أنا رجل وأعرف كيف تفكر ، أنت مجبر على هذا الزواج من فتاة صغيرة لا تعرف شيء ، وأنت شخص مجرب وخبرت من الحياة الكثير ، ما الذي يجعلك تتقبله او تتقبلها ، دعني أخبرك عندما تزوجت سما لم أظن أنها ستتقبل حياتنا أو تتعايش معها لكن بالتفاهم كل شيءٍ يتغير ولا تفكر بأنك لست مجبر على ذلك فكر بأنه نصيبك اختيار الله لك ..."
قاطعه مؤمن "لم أفهم قصدك من كلمة مجرب ليس لدي علاقات اذا كنت تقصد هذا "
"أعرف لقد أخبرتني سما أنك تزوجت من قبل أكثر من مرة"
رفع مؤمن حاجبيه أخته الواشية
"أنا لن أتحدث عن ماضيك فهو لا يهمني ما يهمني ما أراه أمامي أنت شخص متعلم ومثقف ولك مركزك ، لا أظنك ستهين صبابة أو تعاملها بطريقة غير لائقة نساءنا غاليين ومعززين عندنا لا نقبل أن يصيبهم سوء "
نهض مؤمن من مقعده "هل تظن أنني قد أسيء إليها "
"لا ، مؤمن لا أظن ذلك أفهم ما أقوله الزواج أكبر بكثير من تأمين المسكن والملبس والمأكل ، أنه مشاركة احترام تقدير ، شعور بالاهتمام وهذا لا يحدث بين ليلة وضحاها بل يحدث بالعشرة والحياة المشتركة ما أريد قوله أنا أعرف أنك رجل كفاية لتأمن لابنتنا كل متطلبات الحياة لكن في الوقت الذي ترى أنك قد تقصر في احترامها أو تقديرها كامرأة أعدها إلينا ، بالمختصر نحن لن نقبل أن تكون ابنتنا ، زوجة احتياطية ربما المشاعر لم تتدخل في زواجكما لكني آمل أن تولد بعد عيشكم معا وفي حال وجدت استحالة ذلك فنحن أولى بابنتنا لكن ، نظر له مرعد محذرا -نحن لن نقبل ان يمسها سوء أو أن تجرح كرامتها "
حسنا ، نظر مؤمن له هم يخافون أن يتزوج عليها وتصبح زوجته المهملة شكرا سما فكر مؤمن وشايتك جعلتهم يظنون أنني مزواج محب للنساء
"ليس أنا من تظام النساء عنده يا أبا عدي ، أنا لن أدافع عن نفسي أمامك كلمات فأنا اعذر أنك لا تعرفني ..."
قطع مرعد كلمات مؤمن مبتسما بتسامح "ها نحن نصل لمربط الفرس ، لما لا نهد هذا الحاجز أنا ادعوك لزيارتنا وإقامة عندنا لفترة تتعرف علينا ونتعرف عليك "
"لكن .."
"لا يوجد لكن نحن عائلة وليس لديك شيء لتفعله هنا ، في القرية يمكنك أن تذهب للمشفى إذ ربما تجذبك إحدى الحالات المكدسة ، ستكون فرصة لتتعرف حياة زوجتك كما سبق وتعرف هي حياتك وخير البر عاجله سننطلق أنا وسما بعد قليل جهز نفسك لنذهب معا "قال مرعد كلماتها وغادر المكتب تاركا اياه يفكر بعمق في كل هذه المستجدات التي تحدث في حياته
*************
ابتسمت سما لأخيها الذي اتخذ مكانه بجانب مرعد بينما هي جلست في المقعد الخلفي مع ابنها عدي
لينطلقوا في رحلة العودة
********
قرأت الرسالة مرة أخرى تنظر للكلمات والوجه الضاحك الذي ارسلته لها سما لما يأتي لزيارته هل أتى من تلقاء نفسه أو أن سما طلبت منه ، أم أن عمها مرعد دعاه
زفرت بضيق لا يعجبها هذا لكن ماذا تفعل فكرت هل عليها ان تستقبله أو ماذا ؟!!
طرقات على بابها جعلتها تغلق الهاتف لترى من
"لقد أخبرني والدك أن خطيبك قادم مع العم مرعد وسما وسيقيم هنا لفترة "قالت والدتها
خطيبي كم تبدو الكلمة غريبة فكرت صبابة
"حسنا "نظرت لها والدتها تحاول أن تفهم عدم حماسها
"حسنا سنجهز جناح الضيوف ..."
"أمي لدي دراسة أنت تعلمي دورة اللغة يمكن لأي أحد أن يساعد "
"لكنه خطيبك إبنتي هذا لا يجوز بالتأكيد سيجلس معك و صبابة دعك من التفكير في طريقك زواجكما الان هو خطيبك وبعد مدة قصيرة سيصبح زوجك إنها فرصة جيدة لتتعارفا قليلا"
" لا تقلقي امي ، عندما يصل سأكون قد انتهيت "
"حسنا "قالت والدتها باستسلام لتخرج تاركة الأخرى تتضاربها الأفكار
*********
كعادة عائلتهم يتجمع الجميع في المجلس ، لكن الليلة كانت حدثا مختلفا فالجدة متحمسة لرؤية عدي ، والباقيين ينتظرون بحذر الخطيب المزعوم
تململ رعاد "لا أرى سببا لزيارته"
"أنه نسيبنا وصهرنا وضع طبيعي أن يزورنا "تدخل صخر
"لكن .."قاطع صقر ابنه رعاد
"لا يوجد ولكن منذ متى نسأل عن سبب الزيارة لا تعد لذكر ذلك مرة أخرى "
هل تنسحب فكرت هنادة الجلسة عائلية وهي ليست من ضمن العائلة وقفت تريد أن تستأذن
"إجلسي هنادة أنت من أهل البيت "قالت الجدة لها بهدوء لتعود الاخيرة لتجلس بجوارها
******
المنزل البيت اخيرا فكرت سما تسلم على الجميع بسعادة لفتت نظر مؤمن للجو الاسري الذي يحيطون به اخته فقد بدا الجميع سعيد برؤيتها دون استثناء بينما تقدم الرجال ليسلموا عليه بطرق متفاوتة هل سيحظى بمكانة سما مع الوقت
نظر الى النساء اللاتي اومأن من بعيد بتحية له ترى أي واحده هي صبابة بينهن
فكر يغض من نظره
بعد السلام وتبادل الاخبار استأذنا سما لتغير ملابسها وتنقل ابنها الى غرفته قبل موعد العشاء
"أخي أظن أنك بحاجة لإنعاش نفسك "
"لقد حضرنا له الجناح المقابل لنا"قال مرعد متأكدا أن صقر أتبع تعليماته
"حسنا "قالت سما تحثه على النهوض ليستأذن ويغادر معها أثناء سيرهما أخذت تشرح له الممرات للخروج والدخول وأبواب الخاصة بمجلس الرجال والأخرى الخاصة بالنساء حتى وصلت جناحها
"هذا بيتي وهذا جناحك تعال لترتاح عندي حتى أضع عدي ثم نذهب الى جناحك "
نظر لها مؤمن بصمت عندما جلست امامه حيث تركته في غرفة الاستقبال في بيتها "مابك لمًا أنت صامت "
"هل كان ضروريا أن تشي بي أختي "
احتقن وجهها
"ليست وشاية من حقها أن تعرف "
"أنت أخبرتها هي أيضا "
"بالطبع "
"يبدو أن ولاءك تغير أختي "قال متهكما
"لم يتغير كما أخبرتك أنت أخي وهي أختي لن أقبل بأي ضر لأي أحد منكما "
نظر لها بصمت ما الذي يجعل أخته ذات النشأة الغربية والمتعلمة تتعلق بهم هكذا وتتأقلم على حياتهم
"هل هو الحب "خرج السؤال من عقله الى لسانه
"ماذا "سالته سما
"هل هو الحب ما يجعلك تشعين سعادة عند رؤيتك لهم وخصوصا مرعد "
ابتسمت له "الحب التقدير والاهتمام والاهم الاحترام هنا تشعر أنك جزء من كل واحد منهم ان أصابك شيء سواء حسد أو سيء الجميع يكونوا الى جانبك دون استثناء يفرحون من أجلك يتألمون معك كيف لا أشع سعادة "
"سعيد من أجلك أختي كنت أظن أن زوجك هو السبب لكن بعد رؤيتك معهم ، عرفت أن الأمر أكبر من ذلك "
"حسنا بالطبع مرعد له الدور الأساسي أنه زوجي ، لكن معهم لا أشعر بالغربة ولا الوحدة هناك شعور يلفنا جميعا عندما نجتمع أنه الانتماء مؤمن شيء لم نشعر به في طفولتنا ، عشنا غرباء في بلاد اجنبية وعندما عندنا أصبحنا غرباء عن والدينا ، صحيح أن أبي وأمي يحاولون تدارك الامر الآن لكن تبقى فجوة لا يمكن ملأها ابدا ، حياتي هنا ملأتها صدقني مؤمن العائلة لا تعوض هذا فرصتك لتكون اسرتك الخاصة بك وستكون جزء من عائلتها ولن تندم على وجودك معنا "
"تبدين كمن يعرض فليما دعائيا وترويجيا سما "ابتسم متهكما وهي تعرف انه يلجأ للتهكم عندما لا يريد أن يفكر
"عندما تتعرف علينا أكثر ستفهم ما أعني والان عيا الى جناحك لارتب ملابسك "قالت له ناهضة
*********
نظرت اختها مزنة لها بعد أن خرج المدعو خطيبها
"لا بأس به "
"ماذا تقصدين "قالت صبابة
"أنه جيد يبدو مهذب "
نظرت الى أختها دون أن تتكلم فكل تفكيرها في لقاءهما معا الذي سيكون قريبا
********
انسحب الرجال الى مجلسهم للعشاء وبينما بقيت النساء مكانهن في ترتيب اتخذ منذ قدوم هنادة للعيش معهم
وضعت المائدة المكونة من الطبق المفضل للجميع في هذه المناسبات المنسف نظر مؤمن مبتسما فهو من الأطباق المفضلة لديه
جلس في الوسط بين مرعد وصقر الذي قدم له ملعقة ليأكل
"حسنا ربما أبدو ابن مدينة وطبيب لكن المنسف لا يؤكل الا هكذا "قال مؤمن ضاحكا يضع الملعقة جانبا ويتناول الطعام مثلهم بيده
بادله الآخرون الضحك في أول بادرة للتفاعل بينهم
تبع الطعام جلسة القهوة وتداول الحوار الذي جعل مؤمن والاخرين يتعرفوا الى بعضهم
نظر الى شاشة هاتفه "سما تريدك "
قال مرعد موجها كلماته لمؤمن الذي ارتبك للحظة قبل ان ينهض "لا أظن أنني أعرف الطريق وحدي"
ابتسم صخر "سيوصلك فايز "
نهض ابنه الصغير "أجل فأنا أريد رؤية عدي "
وانطلق أمامه
"كان الأفضل أن أدله انا او متعب "قال رعاد مستغربا تصرف عنه صخر
"لا بأس مؤمن ليس ضيف "قال مرعد
تراجع رعاد قبل أن يتنبه لينهض "هل ...تساءل غاضبا لقد ذهب لرؤية صبابة "
"اجلس رعاد قال مرعد مانعا صقر وصخر من الكلام
ان اكون أكثر حمية مني أو من والدك وعمك مؤمن قد عقد قرانه على أختك شرعا هي زوجته لا يضر أن يجلس معها ويحادثها مع وجود أم عدي معهما طبعا والدك ووالدتك موافقان وكذلك أنا وعمك هل اظن أننا نقبل بشيء يضر أختك أو يقلل منها "
"لكن يا عم "عاد رعاد ليقول
"لا يوجد ولكن ظروف زواجهما مختلف وقريبا سيعقد الزفاف ويسافران الايام التي سيمضيها مؤمن هنا هي فرصتهما الوحيدة ليتعارفا وهما هنا في منزلنا والجميع يراهما لا يوجد مانع لذلك ، إهدأ بني "
جلس رعاد على مضض مع أن كل ما قاله مرعد منطقي الا انه لم يقنعه ابدا
*********
نظرت راية للرسالة التي أرسلها زوجها والتي تؤكد رسالة سما
"صبابة نادت ابنتها سما تريدك اذهبي لها "
توترت قليلا ترى هل تريدها لتخبرها عن أخيها أو عن لقاءهما القادم لا محالة
تحركت صبابة بقلة حماس متجهة الى جناح اوليت عمها مرعد كما تحب أن تسميه سما

صبابة العشق الجزء الثاني من سلسلة (إني عشقتك)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن