السادس
يحمل الفجر معه وعدا بامل جديد لطالما احبت النظر لأشعة الشمس وهي تنتشر تزاحم الظالم وتفرض وجودها ، الشروق كان فسحتها الوحيدة ايام اسرها مهما واجهت صعوبات ولادة يوم اخر كانت تعني لها املا بالخلاص ، اما الان فقد تغير كل شيء فهي حرة لم يعد احد يتحكم بها ولا يجبرها ومع ذلك هناك شعور بداخلها غريب هناك شيء مختلف لا تعلم ما هو منذ تلك الليلة التي قبل رأسها فيها ومحاورة سما وطبيبتها النفسية معها وهي لديها هذا الاحساس ، حتى رعود لم يعد يتركها كل صباح بعد ان يعود من صلاة الفجر تجده ينتظرها في غرفة جلوس جناحها وتُجبر هي على البقاء معه ومحادثته حتى يحين موعد الافطار كان في السابق يغيب لايام في معسكر الحدود اما الان فهو لا يفارق البيت لقد باغتها عدة مرات في جناحهما اثناء اعطاء الدرس عن بعد مرة يحضر لها القهوة واخرى الشاي او وجبة خفيفة اي شيء المهم ان يراها وبعد ذلك يحين موعد الغداء ويكون متواجد ثم مجلس العائلة وبعده العشاء والسهرة ثم يأوي كل شخص الى جناحه ، اولا سهرة الرجال واوقات الصلاة لقالت انه لا يفارقها ، طرقاته على باب غرفتها جعلتها تتنبه اسلوب جديد منه عندما تتاخر في الخروج قبل الافطار قلبت عينها قبل ان تتوجه الى الباب وتفتتحه لتطالعها ابتسامته "ظننت انك نائمة ، تاخرت ، لقد حضرت القهوة "
اجابته هنادة على مضض "صباح الخير
سابدل ثيابي قالت مشيرة لملابس الصلاة كانت هذه خطتها ان تستهلك اكبر قدر من الوقت في غرفتها حتى يحين موعد الافطار
**********
تحركت بانزعاج في سريرها تشعر ببعض الالم اسفل بطنها كان الوقت قبل الفجر بقليل نهضت لتجد انها وحدها هكذا كام الحال في معظم الاوقات متى يغادر اخر شيء تتذكره هو سقوطها في النوم بعد ممارستهما المنهكة اجل منهكة عادت لتكرر لنفسها فالامر الذي اكتشفته في مؤمن انه لا يكتفي بمرة او اثنان بل يكررون ذلك عدد لا نهائي احيانا يستمر الامر لوقت الفجر فيضطرا ان يقطعاه للصلاة ثم يعود مرة اخرى حتى تنتهي هي بالنوم ويكون ذلك اخر ما تتذكره ، هل هذا امر عادي لا اعلم ربما لانهما زوجان جديدان فكرت صبابة تتقلب في فراشها ، لكن الامر المستغرب انه كل لهفته الليلية هذه تختفي في الصباح ، لقد ظنت انه عندما تتمم زواجها ستتغير الامور لكن بقيت كما هي منذ تواصلا جسديا وهي تشعر انه يتجنبها في النهار حتى يحين العشاء ، ربما تكون مخطئة فهو طبيب ولديه اعمال وتقارير وهي طالبة ولديها دراستها ربما هذا السبب بابتعاده ليترك لهما مجالا لاتمام اعمالهما لكنه يعوض ذلك فلا يوجد مكان في المنزل لم يمارسا فيه علاقتهما فكرت بخجل في تلك الاماكن وهي تنهض من فراشها متجهة الى الحمام وقت الصلاة قد حان
**********
أغلق الهاتف متنهدا لقد ازعجته مارغريت بأسئلتها لم تكن لحوحة من قبل ولم يكن يتململ منها من قبل ربما لان الوضع مع صبابة مختلف لقد شعر بالضيق فعلا ولم يرغب ان يخوض مع مارغريت بالتفاصيل حسنا لقد اخبرها بعض الامور لكن هناك أشياء وجدها شخصية ولا ضرورة لقولها رغم استمرارها بالسؤال نهض من نكتبه وقت الصلاة قد حان وعليه ان يرى صبابة ويناقش معها امر هام خصوصا ان القيود قد خففت الان بعض الشيء عليهما الذهاب الى الطبيبة النسائية في اسرع وقت اذا كانت حساباته صحيحة اليوم او غدا على الاكثر
**********
محاولا أن لا يغتاظ من تصرفاتها التي تتعمد بها التاخير حتى لا تجلس معه تحرك في غرفة الجلوس ثم تقدم من باب الغرفة وطرقه يحثها على الخروج
زفرت عندما سمعت طرقاته على الباب انه لحوح فتحت الباب لتخرج اليه بكامل ملابسها نظر اليها والى غطاء رأسها واتجهت الى الاريكة لتجلس عليها
تنهد بصبر ما يفعل بالجفاف الذي يعيش فيه جلس مكانه مناولا اياها فنجان القهوة
"هنادة فاجأها ما أن جلست رفعت نظرها اليه تستعلم بصمت عما يريد
"يمكنك خلع الحجاب كما تعلمي لا داعي لارتدائه هنا "
نظرت له بارتباك "لا بأس "
"لكن ، هذا تقيد لا داعي له انت تعرفي أنه لا يوجد داعي لارتدائه امامي نظرت له باستنكار
"انا لا اطلب منك شيء خاطيء هنادة في أفضل الظروف انا زوجك وفي أسوأها انا خطيبك كل ما اطلبه ان تخففي من تفيدك امامي انا مثلا لا استطيع النوم بملابسي بالكاد البس سروال قصير لكن لاني اعلم ان هذا سيخجلك تخليت عن عادتي انت ايضا عليك ان تتخلي عن بعض عاداتك لاجلي "
عيناها توسعت أكثر حتى اصبحت تملأ وجهها
"لاااا ، انا لا اقصد أن تتخفي من ملابس لا تفهميني خطأ ، كل ما في الأمر أنني أريد أن تعتدي على وجودي تتصرفي بطبيعتك "
هدأت قليلا "أنا أتصرف بطبيعتي "
نظر لها أنها لا تسهل الامر "هنادة انا اريد ان ارى شعرك ،على اعتبار انني خطيبك الذي عقد قرانك ، ولا تنظري الي هكذا انا لا أطلب شيء خاطيء انه حقي "
وجهها الذي اصطبغ باللون الاحمر والنظرة اللامعة في عينيها جعلته يحتار هل هي غاضبة أم خجلة لكن نهوضها السريع وقولها "سنتاخر عن الافطار "
جعله يرجح انها الاثنان معا
*********
خرجت من الحمام على مضض لتجده امامها
"هل انت بخير "
"اجل "اجابت بتردد
"هل بدات فترتك "لوهلة شعرت بالخجل من سؤاله قبل ان تتنبه "كيف عرفت ؟!"
"اجريت حساباتي انها متوقعة اليوم او غدا "
اجرى حساباته هل كان يراقبها
"عرفت من استخدامك للفوط الصحية ، لا تنظري لي هكذا انا طبيب وزوجك هذا امور عادية ، لكنك لم تجيبي هل بدات ؟"
ابتلعت استغرابها "أجل "
"حسنا سنذهب الى الطبيبة اليوم "
"لماذا انا بخير ليس لدي مشاكل "
"هذا جيد لكن سبب ذهابنا هو ان تفحصك الطبيبة لتختار لك نوع المانع المناسب "
"مانع ؟!"كل كلمة يقولها مؤمن تجعل صبابة تصاب بالدهشة اكثر
"مانع الحمل ما بك صبابة "
"لكني لا اريد ان آخذ مانع "
"ماذا سألها باستنكار بالطبع انت لا تريدين طفل الان يشغلك عن الدراسة هذا الامر غير وارد حاليا "
"لا اريد ان نؤجل الامر لكن تناول المانع قد يسبب مشكلة ثم كان عليك ان تسألني قبل ان تقرر عرضي على طبيبة "اجابته صبابة
"لذا سنذهب الى الطبيبة لتختار النوع المناسب لك ثم ها انا اخبرك "
"تخبرني وكأن رأيي تحصيل حاصل كان يجب ان اعرف قبل ان تتخذ هذا القرار لانه يخصنا معا "
ادار عينيه بتبرم "لم أظن ان لم رأيي اخر اذا تصرفت"
"انا لا ارفض الامر لكن الانجاب امر يخصنا نحن الاثنان لا يجوز ان تتخذ بقرار فيه دون الرجوع لي "كان مندهشا بسبب الحوار الدائر
"لست ادري لما تجادلين وفي النهاية لنا الرأي نفسه"
"انا لا اجادل مؤمن لكن هذه الامور يجب ان نتناقش بها أولًا قبل اتخاذ القرار ثم انا اريد ان أؤجل الانجاب بسبب الدراسة ماذا عنك لما لا اريد الانجاب الان "
يا الهي كالعادة عندنا يتناقشان دائما ما تبعد عن الشيء المهم وتناقش الامور الفرعية
"لان لدي عملي انا ايضا ثم انني لا افكر بالانجاب "
"لما لا لقد سبق وتزوجت من قبل الم تنجب "
"لا لم انجب "
"لم لا ؟"
احتد مؤمن "صبابة انا لا اناقش حياتي السابق نحن نتحدث عنا انجاب طفل الان امر غير مناسب جهزي نفسك عند العاشرة حتى نذهب الى الطبيبة ،و صحيح مدبرة المنزل ستاتي كل يوم لتهتم بالمنزل بعد تخفيف القيود اصبح بمقدورها ان تحضر فلا تزعجي نفسك بالاهتمام بالمنزل او الوجبات "قال كلماته وذهب
هل بالغت بردة فعلها فكرت صبابة ربما هو حقا مهتم بامور دراستها لكن ما زالت تظن انه كان يجب ان يناقشها بالامر قبل ثم لما تشعر ان موضوع الانجاب بالنسبة له لا شيء لقد شعرت من كلماته انه رافض للفكرة لا يريد تاجيلها فقط
*********
الافطار كالعادة يكون مناسبة لاجتماع العائلة وكالعادة ينهيه رعود بوضع قبلة على راسها قبل ان يخرج مع اخوانه وعمه فكرت هنادة وهي تراهم يغادرون كل يوم يمر تشعر انه يحاصرها به ليس هو وحده بل عائلته ايضا تشعر ان هناك اتفاق ضمني بينهم
"ما بك شاردة هكذا هنادة هيا لديك صف عليك تعليمه "قالت لها سما التي كما يبدو لاحظت وقوفها المفكر
******
ما كادت تدخل الى الغرفة التي اتخذتها مقرا للتدريس عن حتى اتى اليها رعود مقدما الشاي لكن اليوم على غير عادة بقي جالسا معها مرت الحصة والثانية والثالثة دون ان يغادر الا لجلب شيء ما لها
"اليس لديك عمل "سالته هنادة عن اخذها استراحة وعندما لاحظته عدم وجود نية لديه للمغادرة
"لا الم اخبرك لقد نقلت عملي هذه الفترة تعلمي بسبب الحظر صحيح ان القيود خففت قليلا الان لكن يبقى حظرا قررت ان ابقى هنا للساعد عني واخواني"
"لكنك لا تساعدهم "اجابته
ابتسم "بلى اساعدهم لكن العمل مقسم على فترات واخترت فترتي عندما تكوني في مجلس الجدة حتى لا تبقي وحيدة "
"لا مشكلة لدي فكما ترى انا اعمل "
"هل معنى هذا انك تريديني ان اغادر ؟!"سالها ببراءة مصطنعة
ارتبكت "لا لكن لا اريد ان اشغلك "
"لا باس انا سعيد بانشغالي معك ، هل اخضر لك شيء وجبة خفيفة عصير ؟"
"لا لا داعي بعد انتهاء الدوام ساذهب الى المخيم" قالت تلتفت لجهاز الحاسوب المحمول امامها لتتابع عملها
"ماذا ؟!" اتى سؤاله مستهجنا لترفع رأسها له باستغراب
"لدي زيارة لمخيم اللاجئين ،هناك وفد فرنسي اتى رغم ظروف الحظر ليقدم بعض المعونات وبطبيعة الحال انا كنت من اهل المخيم ويجب ان اتواجد"
"انا لست معترضا على ذهابك اعتراضي لعدم اخبارك اي الا الان "
"لم تأتي مناسبة "اجابته بلا مبالاة تتابع عملها
يحلس معها كل يوم قبل الافطار وبعده وبعد العشاء وان تجد مناسبة لتخبره لانها لا تريد ان تخبره بشيء عنها
تنهد بصبر حسنا سيجاريها "لا باس سنذهب معا "
"ولكن انت لست من اهل المخيم "
"اعتبريني موجود بصفة رسمية متى ستغادري ؟"
دون اخفاء امتعاضها "بعد الانتهاء من الدوام عن بعد "
اخفى ابتسامته بينما ينظر لها تتجاهله
***********
انتهى الافطار بصمت واتت السيدة حنين لترفع الاطباق بينما صبابة تساعدها وتلحقها الى المطبخ
"لا داعي سيدتي "
"ناديني صبابة ، ولا باس ليس لدي الكثير لافعله "قالت صبابة تكمل حمل الاطباق قبل ان تسألها حنين عما تفضل للغذاء
"كالمعتاد ما يفضله مؤمن "
ابتسمت السيدة حنين لها "لم أتوقع أن يستقر دكتور مؤمن لقد كان يعيش حياة فارغة وكنت قلقة ان يتزوج من تلك المدعوة مارغريت لم احبها ابدا "
قالت كلماتها والتفتت الى عملها بينما تغادر صبابة والافكار تتضارب برأسها مارغريت مرة أخرى لقد تجاهلت ماضي مؤمن ولم تفكر وتجاهل المكالمات الهاتفية بين الاثنين وقررت اعتبار ما يحدث صداقة وزمالة عمل لكن كلمات حنين اعادت احياء الشكوك لديها مع ان سما اكدت لها ان اخيها لا يمكن ان يقيم علاقة غير شرعية كما انه لا يمكن وجود علاقة بين دكاترة الجماعة فهذا مرفوض هنا لكن يمكن ان تكون هناك علاقة صداقة مفتوحة فهذا امر عادي هنا خرجت من المطبخ متجهة الى مكتبه لتخبره انها جاهزة
وانطلق الاثنان لزيارة الطبيبة في صمت
"سألتني السيدة حنين عما تفضل للغداء فأخبرتها أن تفعل كما اعتادت "قالت تكسر الصمت بينهم
"انا اختار عادة اطباق بسيطة لا احب الوجبات الدسمة لكن ان كنتي تفضلي طبقا معين اطلبيه منها "
"احب في بعض الاحيان أن أطبخ بنفسي هل لديك مانع "
"لا بالطبع السيدة حنين تاتي ثلاث مرات في الاسبوع يمكنك ان تفعلي بباقي الايام ما تريدين "
"وهل ستأكل انت مما اطهو "
"لقد طهونا معا خلال الحظر المشدد لم اعترض على طهوك كما ان السيدة حنين تبقي بعض الاطباق البسيطة الجاهزة اذا لم ارغب بتناول ما طهرت ان اموت جوعا "علق وصمت بعدها
تنهدت صبابة لما تشعر بان هناك تباعدا بينهما ليس هذه الحياة التي كانت تتوقعها كل يوم تشعر باحساس غريب
كان لقائهما مع الطبيبة سريعا فقد اكدت ان امورها جيدة ولا مانع من وصف حبوب منع الحمل لها والتي اختارتها لتناسبها في الطريق استلم مؤمن اتصال لكن ردوده الغامضة لم تجعلها تعرف مع من يتحدث الا ان احساسها اخبرها انها مارغريت وهذا امر جعلها امتعض وتبقى صامتة حتى وصولها وحال وصولهما نزلت من السيارة مسرعة لتعتصم في غرفتها متعللة بالدراسة
*************
كان المخيم في حالة استعداد عندما وصلوه فالوفد قد وصل مع اخر من الجهات الحكومية الجميع ملتزم باجراءات السلامة تقدمت هنادة لتعرف بنفسها ورافقت الوفد كونها معلمة ومتمكنة من اللغة الفرنسية التي انطلقت تخاطبهم بها بينما راقبها رعود بفخر ، لكن بقي مع الوفد الحكومي بينما هي اكملت مع الوفد الفرنسي لتقليل الاختلاط
مر الوقت وهو ينتظر انتهاء الجولة التي يقيم من خلالها الوفد الوضع في المخيم ، عندما عادوا اليهم كانت هنادة منخرطة بالحديث مع احد اعضاء الوفد وابتسامتها تملأ وجهها يرافقها سعاد زميلتها وزوجها
لقد كانت تتصرف بتلقائية وتحاور الاخرين دون اي ملامح للانغلاق التي تمارسها معه وهو الامر الذي ازعجه اذن هي لا تعاني من الرفض الا معه
كانت عودتها صامتة فالطريق قصير وخالي لا يوجد احد يخرج من بيته رغم ان القيود خففت الا ان معظم الاشخاص تقيدوا بعدم الاختلاط او الخروج الا للضرورة اختلس رعود نظرة اليها كانت مرحبة بالصمت ولم احاول مرة كسره وهو ما عزز شعوره ان الرفض موجه اليه شخصيا مع ذلك لم يعلق وأكمل الطريق حتى وصولهما ودخولهما للتعقيم عند موعد الغداء عادت هنادة لتكون منفتحة وحدثت سما والاخرين كأن الوقت المستقطع الذي كانا فيه معا اعاد شحن طاقتها في مجلس جدته عندما اجتمع الجميع ارسل رعود الطبيبة النفسية المسؤولة عن هنادة رسالة يخبرها بما حدث لترد عليه بتعليمات جديدة وتؤكد له ما توصل اليه اغلق هاتفه يراقب بصمت ما يدور حوله وخصوصا ما يتعلق بها ، حتى لاحظ انسحابها لترتاح وتحضر بعض دروس الغد قبل ان يحين العشاء
********
لاحظت سما الصمت الذي اعتصم به رعود وتحركه ليغادر بعد هنادة بقليل هناك تحركات بينهما هنادة تتعامل مع رعود كانه غير موجود وهو لا يكاد يلاحظ وجود احد غيرها تنهدت الطريق طويل بينهما لكن لا شيء سيدرك فرحتها بتقدم حياة صبابة ومؤمن لقد تلقت اتصال من صبابة اخبرها باخر المستجدات كانت منزعجة لانها ستتناول مانعا للحمل لكنها هدأتها ونصحتها بذلك فمازال الوقت مبكر حاليا لتصبح مسؤولة عن عائلة عليها ان تهتم بدراستها ولدي وقت طويل لتنهيها مع كل طمأنتها لها الا ان سما ان هناك شيئا اخر يشغل بال صبابة لكنها احترمت خصوصيتها ولم تطلب منها ان اخبرها المزيد التفتت سما حولها لترى مرعد يراقبها بينما يضع عدي في حضنه وقد بدا بقيلولته
نظرت اليه باستفسار
"اعتقد انه من الافضل ان ترتاحي قليلا بما ان عدي نام الان "
"انا مرتاحة هنا معكم "اجابته سما ليبتسم لها مرعد بتلك الطريقة التي تظهره متاكدا انها ستنفذ ما يريد
"انت بالك مشغول ولن تتوقفي عن التفكير الا بالنوم فالى غرفتك لا تجعليني اعيد ذات الكلمات "
تنهدت بصبر مهما فعلت لا يمكن ان يخفى عليه حتى لو فكرت فهو يعلم
راقب صقر وصخر والجدة ما يحدث بصمت باسم من كان يعتقد ان سما وعمهم سيكونان بهذا التفاهم
**********
حركت شعرها بعد ان سرحته لتسمح له بان يجف سترتاح قليلا ثم تصلح الواجب المرسل من الطلاب وتحضر لدروس الغد فكرت هنادة وهي تتجه الى سريرها عندما سمعت طرقات على باب غرفة النوم الداخلية في جناحها لم تكد تلتفت حتى رأته امامها لم يفعل ذلك من قبل كان يطرق الباب وينتظر ان تفتحه هي له نظرت له بصدمة وهي تدرك انها ترتدي منامتها الخفيفة وشعرها مكشوف
"ما الامر اما انت مصدومة هكذا اتيت لاطمئن عليك هل انت بخير ، هل تريدي النوم "
لم تحبه فالصدمة قد عقدت لسانها فعليا هي حتى لم تستطع ان تتحرك لتغطي راسها
ابتسم رعود بهدوء بينما يدخل الى غرفتها
"هل هذه صدمة لانني دخلت عليك اتساءل بما كل هذا لم اراك تنصدمين اليوم وانت تحاوري مع الوفد الفرنسي ام ان الصدمة شعور خاص بي وحدي "
كان قد اصبح امامها تحركت للخلف بذعر
"لا نحن لن نعود الى هذه النقطة مرة اخرى الذعر والخوف مني وانا حتى لم اقترب منك ، من اليوم اعتادي على وجودي حولك في كل مكان هنا وفي الخارج انا لن افارقك "
تسارعت انفاسها كانها تختنق لكنه استمر بالتحديق فيها
"الا تريدين النوم الى السرير هنادة "عاد وكرر جملته بحزم اكثر كانه يتعامل مع طفلة عنيدة "الى السرير ولا تقلقي سأطمئن عليك وأخرج اعلم ما يفكر به عقلك الصغير "
عند كلماته الاخير تحركت بسرعة تفر الى سريرها بينما تراقبه بنظرات غاضبة جلست تسند ظهرها على حافته اقترب وغطاها "ضعي رأسك على الوسادة لن تنامي وانت جالسة "
اخيرا استطاعت ان تتكلم
"سأنام عندما تخرج "لم يجبها تحرك الى الستائر يرخيها ليخفف من ضوء النهار ثم عاد اليها طبع قبلة صغيرة على رأسها جعلتها تتصلب
"ما الذي تفعله هتفت فاعمالها انهارت فعليا
"اعطيك قبلة ما قبل النوم "قال باسما "نامي جيدا حتى لا تتعبي نفسك "وخرج قبل ان يرى اي ردة فعل منها فكما اخبرته الطبيبة ربما تكون الحالة الهستيرية التي تدخل بها موجهة له حتى لا يقترب منها نوع من حماية الذات تمارسه عليه
تجمدت في مكانها لا تدري ما تفعل تصرخ تبكي لكن شيئا غريبا أحست به عندما غادر الغضب والغليان داخلها انطفأ هل السبب انه ليس موجود ضربت وسادتها وهي ترمي رأسها عليه لا تعلم ما تفعل فالوضع اصبح مربك وغير مفهوم
*********
مرت خمس ايام كان هذا اليوم الاخير في فترتها نهضت قبل اذان الفجر واغتسلت لم تستطع النوم جيدا في البداية اعتقدت انه ربما الحبوب هي ما تسبب لها الارق لكن افكارها التي تتضارب في عقلها ابعدت هذا الاحتمال ما يؤرقها هو طبيعة علاقتها مع مؤمن خلال الخمس ايام لم تكاد تراه الا وقت الوجبات وبالكاد مما عزز لديها شعور بانه لا يتعامل معها الا من اجل العلاقة وما دامت غير متاحة فهو لا يراها ربما تكون تهول من الامر ، ربما هو مشغول فقد اضطر للخروج بعض المرات ليقوم ببعض العمليات الجراحية لكن هذا لا يفسر ابتعاده التام عنها ، هل يعقل انه كان يخرج ليقابل مارغريت هل بينهما علاقة وهي السبب بابتعاده لاااا هزت رأسها ، لا يمكن لقد قالها لها مرارا من قبل انه لا يمكن ان يفعل شيء محرم ومع التزامه هو لن يفعل ذلك اذن لما هذه المقاطعة حتى لو كان مشغول الا يجد لها وقت
نهرت نفسها لهذه الافكار لقد اخبرتها حنين التي توطدت علاقتهما معا خلال هذا الاسبوع ان الاطباء يعانون من كثرة الانشغال واحيانا يكون بالهم مشغول بالحالات المرضية التي تواجههم وزوجها جراح لا بد ان عمله يشغل حيز كبير من حياته خصوصا في هذا الوضع مع وجود وباء هدأتها هذه الافكار ونهضت لتصلي ربما تجد بعض الراحة كانت في سلامها الخير عندما سمعت طرقة خفيفة على الباب وفتحه لتراه امامها نظر لها بعمق تلك النظرة الغامقة وتنهد كأن ما رآه شيء انتظره منذ وقت
"هل انتهت فترتك "سألها وهو يعلم الجواب ليتقدم منها حتى قبل ان تنهض كان قد رفعها
"سنجرب شيء جديد خشن وقوي قال لها ودون ان يمهلها لتأخذ انفاسها او تقول شيء سحب كلماتها الغير منطوقة ليبتلعهم في عناقه الذي اتى قويا كانه كان يحبسه لفترة طويلة كل افكارها وشكوكها ذابت بمجرد ان لمسها فما يفعله لم يسمح لها بمجرد ان تفكر بشيء اخر غير وجودها بين ذراعيه المحيطة بها بينما يجردها من ملابس الصلاة وملابسها دون صبر
***********
خمس ايام منذ زيارة الوفد كل شيء تغير منذ ذلك الحين اصبح يدخل غرفتها قبل ان تستيقظ ليقوم هو بايقاظها لقد ارهقها فعليا هذه الفترة عندما تفيق قبل قدوم لا ياتي وعندما تنام تراه فوق رأسها لقد اصبح يستخدم الحمام الذي في غرفتها لتراه يتجول فيها وهو يرتدي منشفة فقط يداهمها في اوقات لا تتوقعها اصبحت متأهبة دائما لوجوده لا تكاد تسمع حركة حولها حتى تتلفت لتراه امامها اصبح تشعر انه جني سيخرج لها من اي مكان وعندما يتواجد عليها ان تتوقع تلك القبلات على رأسها في اي وقت تحركت لتنال في فراشها اريد ان تسبقه في النهوض لكن جسدها بدا وهِنا عظام تؤلمها لقد انهكها التفكير والترقب مع ذلك نهضت ببطء تشعر بشيء من الدوار قلة النوم ارهقتها فعلا فكرت هنادة متجهة الى الحمام لتفاجئها نوبة عطاس متتالي جعلتها تتوقف في وسط غرفتها بتنبه ارهاق وتعب وعطاس هل يعقل ؟!! لم تكد الفكرة امر في رأسها حتى فتح باب غرفتها دون طرف ورأته يقترب منها "كنت تعطسين قال يضع يده على رأسها قبل ان يقرب منها جهاز قياس الحرارة "اظن انك مصابة بالكورونا "قال عندما اصدر الجهاز صغير يدل على ارتفاع الحرارة "
لتتخذ خطوة الى الخلف "ابتعد لا اريد ان انقل لك العدوى "قالت بصوت مكتوم
"لا يا عزيزتي ان كنت مصابة فانا كذلك لكن لا تقلقي ان اتركك ابدا "قال يدخلها الى الحمام يغمرها بالماء ويتصل هاتفيا على عمه مرعد يخبره بينما الاخير ينهض مسرعا ليتواصل مع لجنة الاوبئة لديهم الكثير ليقلبوا حوله الحدة وسما الحامل وفايز الصغير ، نظر الى ارتجافها ليقترب منها "لا تخافي نحن معا اما ان نخرج معا من هذه المحنة وانا ان..."
قاطعته "لااااا ، لا تقلها ارجوك "
ضمها الى صدره لاول مرة بينما هي تسند راسها عليه باستسلام وشيء داخله يخبره ان بعد هذه الازمة لن يعود اي شيء كما كان
نهاية الفصل