مِدينّة الوِحده؛ ٣

29 6 44
                                    

بَارّيس؛ ١٩٢٢.
ج.

الأمر ليسَ سهلاً كَما تظُن،
أن تنفِض كُل مَا بِداخِلّك عَلّى هيئةِ حروفٍ تهدّج صُوتِها.

أن تكُتب ويدَّاك ترتعِش، خَائفٍ مِن أن ينكشِّف كُلَ هَذا الحشد مِن الشعُور.

أن تُعبِر السطُور بِحذرٍ تَام تُحَاوِل تجنُّب حدُوث أي خدشٍ قد يُبعثِرُكَ، أن تغرق فِي تفَاصِيلها وتعِيش الألم مُجددًا.

أن تخرُج فِي نِهاية الأمر ضعيفًا، مُتعبًا حَائرِاً،
إنسَان مُمتلئ بالتنَاقُضَات، سعِيد بِشكلٍ مُكتئب، مُنعزِّل بشكلٍ اجتمَاعي مُستندًا عَلى آخر نقطةٍ تضعُها وأنتَ تتنهد.

وجُودي فِي هذا العَالم أصبح مُرهِق أكثّر مِن أي شيءٍ آخر، روحّي تُقتَل فِي اليومِ مئَّاتِ المرات.

جفّت دمُوعِي، وتوقفَ إرتعَاشُ جسدّي.
أسندتُ رأسّي إلى الشجرة المُبلله بِ الغيثِ وسرّت قُشعريرةٌ بِ جسدي.

فَ لا يقينّي ألفَ مِعطفٍ مِن برودة الجو، لتعودّي إلي بِ عناقُكِ الدافيِء.

-


ذَاك اليوم لَم أحصُل على كوبّي مِن الحليب الساخِن كمّا إعتاد والِدّي تسخينّهُ لي كُل صبّاحٍ؛ فَ كُل مَا أستطِيع تذكّرُه هو الصُرّاخ ونُبّاح جروّي.

خرجتُ مِن غُرفتّي راكِضٌ حتّى إنني أفلتتُ درجٌ لأسقُط، لكِنني إستقمتُ سريعًا إلى غُرفة والدتّي بالأسفل وحين أدلفتُ، إنطقعَ بصرّي.

أسودٌ يُحيط بي يحجُب رؤيتّي، ترفُض أُذنّي السماع إيٌ مِن الصُراخ، يركُض العالم حولّي وانا لا أدري هل هو الامس او اليومِ.

رأسي يُعيد جمِيع ذكرياتّي معهُ، مَع جُثة هامِده ليس بِها روحٍ ترقدُ أمامِي الأن.

وما مِن اسوأ أن تهزمك ملامُح البُكاء علّى تفاصيلِ وجهُك بينما أنت الذي تحاول جاهداً، أن تبدو قوياً في وجهه كل شيء.

صعقنّي عناقُ مِن الخلفِ مُصاحِبٌ بُكاءٍ وصُرّاخ مُعيدٌ إياي إلى تلك الهاوِيّه.

"جُونغكوك، أخّي جُونغكوك." أخذت تصرُخ مُشتدٌ علّى عناقّي، وانا لا أستطِيع سوى النظرِ إلى شقيقتّي البالِغّه ستة عشر عامٍ.

قد فقدت والدتّي الوعي لشدة الصُراخ، تتمسك شقيقتّي بملابسّي شاهِقةٌ، الغُرفه تمتلأ بِ أُناسٍ تحيطُنّا يرمقونّني نظراتٍ مِن الشفقة.

Lonesome town. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن