لعنة المعرفة

58 11 1
                                    

حوار العلم، ظلامُ المعرفة، سقوطٌ حر.

في اليوم التّالي، وبعد عودة الكهرباء لدى صديقتنا البومة عادت لتكمل محادثتها مع المنارة، لكن هذه المرّة كانت نظرتها مختلفة، لماذا؟ ربّما ستعرفون ذلك مع قراءة المحادثة.

البومة: أيّتها المنارة، أنتِ موجودة؟

بعد دقائقَ أضاء الوسمُ الأخضر عند اسم المنارةِ لتجيب.
منارة: نعم، قلقت عليكِ! هل عادت الكهرباء؟

بومة: لا، لا زالت تنوح، وكيف سأكلمكِ إن لم تعد؟

منارة: : لم يكن عليّ أن أقلق.

بومة: ربّما، لكنِّي اشتقت لكِ، وفي تلك السّويعات التي غبت فيها عنكِ حدث أمرٌ جعلني أغيّر رأيي في العلم.

منارة: حقًّا؟ هل ترين العلم انحدارًا بعد أن كان البارحة رافعة؟ ما الذي حدث؟

غابت البومة برهةً تكتب ردّها وقد ظهرت علامة الكتابة بجانب اسمها، حتى انتهت وأرسلت رسالتها.

بومة: نعم، إنّه كذلك! صُدمت من الأمر بداية، لكن لا أعلم، لهذا أردت أن أحدثكِ به.
كنت أناقش أبي في موضوع أهميّة الكهرباء، وكم هي أساسيّةٌ الآن في حياتنا وعن فوائدها، وعند التعمق في النّقاش وجدته يخبرني عن أمورٍ أدهشتني. ثم تطرّقنا للعلم ككلّ وقد أخبرني بأمور صدمتني! فالعلم عندما يخرج عن السّيطرة يصبح أداةَ جريمةٍ وقتل...

منارة: ماذا؟ الكهرباء وسيلة قتل؟

بومة: نعم، فالكهرباء على سبيل المثال استخدمت كأداةٍ للتّعذيب، حيث كانت إحدى أشهر هذه التّجارب، هي تجربة تمت في الستّينيات، قامت بها دكتورة تدعى لوريتا بيندر في مستشفى كريدمور في نيويورك، حيث كانت تُخضِع الأطفال الصّغار للعلاج بالصّدمات الكهربائيّة، كان أصغر هؤلاء الأطفال يبلغ من العمر ثلاث سنواتٍ فقط! ما رأيكِ أنتِ؟

منارة: يا للهول! لم أنظر للأمر من هذا المنظور...
علينا أولًا أن نقوم بتغيير أسمائنا لنكمل الحديث بهذا الاتجاه المرعب حول مساوئ العلم!

-قامت منارة المعرفةِ بتغيير لقبها إلى «العلم ظلام».

-قامت بومة الحكمة بتغيير لقبها إلى «لتسقطِ المعرفة».

العلم ظلام: حسنًا، لم أكن أعرف أن الكهرباءَ تُستعمل بهذا الشكل، لكن لفت انتباهي ذكركِ لتجربة أقيمت باستخدام الكهرباء، هذا يذكرني بالعديد من الحوادث التي سُجّلت في التاريخ عن تجاوزاتٍ أخلاقيّةٍ في الطّب، تجارب بشعة لا إنسانية كانت تُجرى على النّاس دون أدنى رحمةٍ باسم العلم والتّطوّر!

لتسقط المعرفة: نعم، فبعض مَن كانوا يجرون التّجارب باسم العلم وبطريقةٍ سيّئةٍ ومريعةٍ قد تم تمجيدهم، فنذكر مثلًا الطّبيب المتخصص في الأمراض النّسائيّة ماريون سيمز، والذي عذّب النّساء من أصولٍ أفريقيّةٍ تحت طابعٍ عنصريّ «هؤلاء النّساء مجرد عبيدٍ لديه بنظره، ولا بأس من التّضحية بهن» ومارس عليهن تجاربَ وأمورًا شنيعةً أدّت لوفاة الكثيرات منهن، لا يمكن ذكرها حتّى من شدّة بشاعتها، لكن أتعرفين ماذا فعلوا له؟ لم يقتلوه أو يدينوه بل على العكس، ما تم فعله هو تمجيد هذا المجرم وبناء تمثالٍ له!

أخذ وعطاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن