.. البداية..
ديسمبر ٢٠١٧
المكان..
مدينة الإسكندرية "عروس البحر المتوسط"..... بتلك الليلة كانت عاصفة ليست كغيرها ، السماء كانت ملبدة بالغيوم والسحب السوداء، البرق يخطف البصر وصوت قرقعات الرعد تثير الرعب وتقبض القلوب،
صوت حبات المطر القوية تضرب زجاج النافذة بشدة تلتصق بها تمحو عنها ضبابها ليظهر المشهد بالداخل مشوشاً بصورة رمادية كنفوس الموجودين. ..
.. حيث كان يجلس المأذون مرتدياً جلباب رمادي يعلوه عباءة صوفية ويخفي شعره الأشيب تحت عِمة ناصعة البياض يتوسط الأريكة ، ورجلٌ على يمينه وأثنان أخران على يساره ..
وعلى بعد ثلاثة أمتار تقريباً على أريكة جانبية صغيرة كانت تجلس هي دموعها تتسابق على خديها كالمطر المنهمر بالخارج.. تجلس بجوارها على يد الأريكة إبنة الخالة وشقيقة الزوج والذي بعد لحظات سيكون طليقها!!
كانت تربت على كتفها.. همهمات تخرج من ثغرها وكلمات بسيطة تواسيها بها.. ولكن الموقف ككل لا يحتمل المواساة..!!
فالزوج خائن مع مرتبة الشرف.. وليس هذا وفقط بل كان السبب في إجهاضها كما قالت وهي تبكي ، بل وحملته ذنب ما حدث.. رغم حزنه وصدمته الا أنه صمت ؛ فمعها كل الحق، حتى إن تاب وندم.. ف برفضها وإصرارها قد أغلقت باب المغفرة بوجهه..!!-يابني راجع نفسك.. لو فيه فرصة إن أنتو تتصافو وتتصالحو أفضل حل من الطلاق..
كان هذا كلام المأذون موجهاً نصيحته للزوج الذي يجلس بجواره.. هتف "مازن" بخفوت وهو يطأطأ رأسه..
-للأسف هي اللي مصرة ياشيخ على الطلاق..
وتدخل الخال ولي أمرها بخشونة صوته وقد استاء من الوضع والتأخير.. فهو لديه مصالح أخرى أهم..
-خلصنا ياشيخنا هما متفقين على الطلاق وناهيين الموضوع... فكرك يعني احنا محولناش نصلح.!
وبعد نقاش عقيم دون جدوى تم الطلاق... وغادر المأذون برفقة الخال بعد ربتة على الكتف ودعمٍ واهٍ ووعدٍ زائفٍ بوجوده وقتما أحتاجته ستجده .. وظل الزوج (السابق) وشقيقته وزوجها والذي يكون أيضآ صديقه المقرب .. وزوجته (السابقة) تجلس بنفس مكانها توليه ظهرها ، وبإهتزاز كتفيها الطفيف علم أنها مازالت تبكي.. كان قلبه ينزف هو الآخر ولكن ليس لديه حق بالاعتراض..
ضرب صديقه على كتفه بخفة مواسياً يقول بصوته الرزين كطبعه. .-يللا يامازن.. كفاية كده وسيبها وانا هسيب معاها نهلة انهاردة تحاول تهديها وتاخد بالها منها..
منحه نظرة منكسره يرجوه قائلاً ..
-عايز أتكلم معاها.. ولو دقيقتين ياطارق.. حاول والنبي...
وماكان من طارق إلا أن تنهد بداخله.. وهز رأسه يأساً ونادي زوجته كي تستأذنها أن تسمح له بالكلام معها لآخر مرة..
رآها تومأ بايجاب أثار دهشته . . واقترب منها سريعاً متوتراً وكأنه يخشى أن تتراجع...
وعلى أريكة مقابلة لها جلس بتوتر جليّ.. عيناه غارقة بالندم.. ومازالت هي على جلستها رأسها محني لأسفل ، وخصلاتها السوداء مسترسلة على وجنتيها تخبئ ملامحها عنه ..
أجلي صوته في محاولة بائسة منه للاعتذار.. ولكن يكفيه أن ينول شرف المحاولة.. ناداها بـ حُرقة تليق بالمشهد..-رحيل....
وانتظر ثوانٍ ثم تابع وقد إنكسرت نبرته أكثر وأنكس رأسه هو الآخر خجلاً ..
- انا لأول مرة أحس الاحساس ده في حياتي.. أحساس العجز.. انا لو فضلت اعتذرلك من هنا لآخر يوم في عمري مش هيكفي..!
واسترسل أكثر في الحديث وفقد الأمل بـ أن ترد، ومازالت هي على حالها عدا أنه قل نحيبها..
-أنا عارف إن ملكيش حد.. أنا كتبت الشقة دي بإسمك ومبلغ بسيط حطيتهولك ف البنك.. الورق والعقد مع طارق.. ده أقل تعويض مني ع اللي حصل..
كانت جامدة كـ مياه راكدة تنتظر أن ينتهي .. وهو بعد أن انتهى من حديثه صمت .. دقيقة.. دقيقة ونصف، ثم نطق بتردد وندم صادق يتوسلها ولأول مرة يتوسل...!
-سامحيني...
رفعت عيناها كالسهم.. بأعين متسعة ترمقه بدهشة وكأنه سبّها ، وتلك المره منحته النظره.. فهو يرى انعكاس صورته في مقلتيها.. يراه مشوه!! وبمحاولة ثبات النبرة رغم ارتعاشها إثر الدموع هدرت من بين أسنانها..
-مش عايزة أشوفك تاني....
................... ***...................
أنت تقرأ
كل الطرق تؤدي إليك لـ ريهام محمود "نوفيلا"
Romanceأجمل شيء .. أول شئ.. من كل شئ.." .. البدايات وروعه البدايات.. لو سألت أحدهم عن البدايات..لأجاب بأنها لحظات ساحره مذاقها لا يُنسى.. .. تفاصيل مختلفه لا تستطيع مقاومتها.. البدايات كالحلم.. كحدث غريب يبهرك وانت لست مدرك له ، تنساق وراؤه دون...