الفصل الرابع

1.2K 43 2
                                    

*********

غضبي منك كان يزداد يوما بعد يوم "شهد"، من سأقاطع وألكم في الغد بسببك، بدأت أعتقد أن نهايتي ستكون السجن أو مشفى الأمراض العقلية مصابا بجنون العشق والغيرة، بالأمس كنت رضيعة أحملها بخوف وأنا أخشى أن أؤذيها أو تسقط من بين يدي واليوم تتجهين نحو الأنوثة الكاملة بخطى ثابتة والذباب البشري يحوم من حولك وقلبي لم يعد يحتمل، في اليوم التالي على غضبي من زميلي وصراخي في وجهك كنت أمسك كتابا، أقرأ فيه ولا أقرأ بحديقتنا، عيناي تجري على السطور وعقلي في جنون العشق كان غارقا، فجأة سمعت صوتك الصغير القلق هامسا :
" ما رأيك وليد ؟ "

رفعت عيني نحوك مندهشا، هل ستحادثينني بعد غضبتي بالأمس بدون تذلل مني ؟ وقبل أن تكتمل نظرتي إليك وجدت قمرا صغيرا رقيقا يقف أمامي، أحقا هذه أنت "شهد"، كنت تتطلعين إليّ في توتر ونظرة قلقة تغلف بؤبؤيك، تلك اللمعة في عينيك والتي تنذر بدموع ستنهمر بعد لحظة، انتبهت لنفسي ولتأخري في الرد على سؤالك، فاعتدلت في مجلسي وتنحنحت مزيلا بعض الارتباك من صوتي وسألتك :
" ما هذا شهد ؟ لمَ فعلت ذلك ؟ "

بدأت دمعة تنساب من بين جفنيك بالفعل وكأنك ظننت أن الأمر لم يعجبني، هل كنت قاسيا ؟ كل ما فعلته أن سألتك عن سبب فعلتك، لم أكن أريد أن يكون السبب هو غضبي أنا أو غيرتي، بل شيء آخر نابع من قلبك أنت، قلت بسرعة :
" شهد لا تبكي من فضلك، أنا فقط أتساءل عن السبب، لازلت صغيرة طفلتي "

رفعت عينيك إلي في شيء من الغضب وكان ردك عنيفا :
" لست صغيرة وليد، أخبرتني بالأمس أنني لم أعد طفلة، أتذكر ؟ تخطيت مرحلة الطفولة إن لم تلاحظ وهو الآن فرض من خالقي عليّ الالتزام به "

في اللحظة التالية كانت ابتسامتي تكلل شفتي، رائعة أنت صغيرتي، ازداد جمالك وزاد النور المطل من وجهك بغطاء رأسك الرقيق، كنت أنثى صغيرة تقف أمامي في ثياب محتشمة تجبرني على احترامها قبل أي شيء، همسة واحدة خرجت مني :
" كالقمر أنت شهد "

رأيت الخجل يغلف وجهك برداءه وأنت تبتسمين برقة أذابتني ثم انطلقت من أمامي راكضة كالريح وأنا أتابعك بحب للحظة بعدها شعرت أنه ينبغي أن أغض بصري عنك ، معشوقتي .

********

آه "وليدي" في ذلك اليوم أخجلتني كثيرا وأغضبتني وأثرت حنقي أكثر، كنت لا زلت تراني طفلة حمقاء بجدائل طويلة، لكنني الآن أختلف، أنا أقترب من الثانية عشر من عمري وأنت لا تدري، تعاملني كرضيعة الأمس التي كنت تهدهدها في مهدها، لكني كبرت عزيزي، وحان وقت التزامي بأوامر ربي، قررت أن أرتدي الحجاب، وفاتحت والدي في الأمر وكعادته بكل حنانه الذي يغمرني به انهال علي وجهي بقبلاته التي كللتها دموعه وهو يهتف من قلبه :
" نعم شهد، أنت كبرت، هيا افعليها صغيرتي "

وفعلتها، ورد فعلك كان هو مثار قلقي، هل ستتقبل ؟ أعلم أنك تحافظ على صلواتك "وليدي" والكثير من الأشياء الأخرى التي تقربك من ربي، ربما تتفلت منك بعض الأخطاء لكنني دوما كنت أستمع لهمساتك الذاكرة لله في كل لحظة ويطرب قلبي لها، وعندما أريتك نفسي وتساءلت عن السبب، جفت الدماء من عروقي، وتعليقك التالي أثارني بشدة، أنا لست طفلة "وليد" توقف عن اعتباري كذلك، ثم أخبرتني أنني أشبه القمر، أحقا حبيبي ؟ أكنت تعنيها ؟ لم أستطع التأكد وقتها فقد وليت هاربة والخجل يطوقني من كل ناحية، وسعادتي بتقبلك لحجابي تغرقني في بحرها .

|| إيـجّـن || عندما يتلبس العشق شبح الانتقام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن