الفصل السابع عشر

967 30 0
                                    


***************

مؤلم أن تضطرك الظروف للكذب، وعلى أقرب البشر إليك، أحنهم، أكثر من يشعرك بالأمان والحب، بسببك أنت "وليد" كذبت على والدي، رسمت البسمات على شفاهي، اصطنعت الضحكات، وكلما سألني ما بك؟ عينيك ذابلتين وتبدين حزينة، كذبت وألفت قصة بلهاء عن زوجة عاشقة تفتقد زوجها، ليضحك أبي ويوصيني بك، ينصحني أن أتحمل وأصبر لأن العمل بالنسبة لك أهم ضعفين أو ثلاثة مقارنة بغيرك من الرجال، يسألني هل هناك أخبار عن حفيد في الطريق ؟ فيتمزق قلبي وأجيب ضاحكة أن لم يحن الوقت بعد، فأنت لا تهتم بل وحتى يبدو عليك أنك لا ترغب في أطفال مني، أما أنا فأخشى أن أرزق بطفل منك، يشبهك ويرث شراستك، يتشبع بقسوتك، من أدراني أنك لن تؤذيه يوما ؟ لأنه فقط ابني، أنا الذليلة دوما بين يديك، أحيانا أخطط وأرسم وآمر قلبي بقليل من الجلد والقسوة، قد يستجيب، لكن فور غيابك تبدأ لحظات الانهيار وتغادر الدموع الحبيسة سجنها بين مقلتي، وكلما ظهرت انفراجة في جدار همومي أسرعت بسدها بهَم جديد، عندما سافر والدي لقضاء بعض الأمور المتعلقة بالعمل شعرت بانكسار أكبر لولا قدوم والدتك لقضاء أيام غيابه معنا بعد رفضك القاطع أن نذهب نحن إليها، وكانت أقسى أيام أعيشها، فبدلا من رسم البسمة على شفاهي لساعة أو ساعتين أقضيها معهما، أصبحت مرغمة أن أضحك وأبدي سعادتي بقربي منك طوال اليوم، ولمدة أسبوع كامل، رأتني والدتك في صباح أحد الأيام والدموع تسيل بصمت على وجنتي، كانت ليلة غضب أخرى ملاذ الخلاص منه هو أنا، اندهشتْ هي وعندما حاولتْ السؤال هربتُ من أمامها، فلم تكن بي طاقة لحديث أو حتى شكوى .

********

شهرين آخرين مرا على زواجنا، في كل يوم أزداد قسوة وتجبرا وإهمالا لك، وأنت لم يتوقف نحيبك وتوسلك في صلاتك في ليلة منهما، وكلما راودني قلبي على نبضة عاشقة تهرب منه على حين غرة، تغافله لتمنحك قبلة على الجبين، أو تربيتة حنون على رأسك أثناء نومك، أعود فأقهره وأخرسه، كما كنت أقسو عليك تشبع هو بطاغوت ظلمي، تتوجعين ويقابل هو أنينك بانقباض عاصر يدميه، أتجاهله فيؤلمني أكثر، لكنه دوما كان الخاسر في ذلك النزال بيني وبينه، بين قسوتي وحنانه، بين تجبري ورفقه، بين ظلمي ومغفرته، بعد الشهرين سافر والدك لأمور تخص العمل، وهنا ازداد تجبري، كأنني أخبرك بكل وقاحة أن من تحتمين به ليس موجودا مع أنك لم تلجئي إليه في مرة، وكل ليلة أستمتع وأستمع بنشوة لبكائك كلما مررت من أمام غرفتك، لم يهمني أن تسمعك أمي التي أتت للإقامة معنا لتلك الأيام المعدودة، بل بالعكس، كنت أتمنى أن ترى وتسمع حزنك وقهرك وانكسارك لتعلم أنك ضحيتها هي ووالدك، لأكسر قلبها كما كسرتْ قلبي، كأنني أعاقبها وأعاقب والدك ونفسي فيكِ أنت، حتى أتى ذلك اليوم في منتصف الأسبوع، كنت أقف أمامها، شعرتُ بها مترددة، أنفاسها مضطربة وكأنها تود السؤال عن شيء لكنها تخشى عاقبة سؤالها، نعم كنت مبعث رعبك أنت وهي، حتى أمي الحنون التي أنجبتني كانت تخافني وتخشى غضبي، بعد صمت طال سألتني :
" وليد، ما بها شهد ؟ "

|| إيـجّـن || عندما يتلبس العشق شبح الانتقام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن