ساعة الغروب (رواية الأمنية الأخيرة)

أنديريا

تغيرت الفصول يوما بعد يوم و أنبتت أزهارا جديدة بعمر جديد.. اختلفت الذكريات و الأيام و تغيرت أحوالنا و ها نحن بخير نحيا من جديد بقلب جديد.

"عزيزتي أنديريا،
أقوم بكتابة هذه الكلمات لكِ و لعيناكِ العسليتان الجميلتان في وقت ينبض بها قلبي حبا و اشتياقا لكِ، أجل أنا احبك يا أنديريا و هذه الحقيقة التي لم تقل عند ساعة الغروب ذلك اليوم. منذ زمن بعيد كنت قد وقعت بحبك .. الحديث معك كان أشبه بحلم طويل لا يأبى أن ينتهي فماذا عن أحلامنا؟ لقد كنتِ حلمي الوحيد منذ القديم و لطالما أردت أن اعبر عن مشاعري لك و مقدار تعلقي بك يا أجمل روح عرفتها، أردت دائما أن أكون بمثابة أباك حتى اعوضك عن رحيله و فقدانك له، أردت أن أكون ذلك الشخص الذي يجعلك منيرة و متفائلة، إنك ملاك يعيش بأقفاص صدري و يتربع على عرش قلبي يختبئ في صميمه و يسجن هناك، اريد ان اربت على شعرك الجميل مرة اخرى و اخذك بحضني مرة اخرى، امسك بيديك و اعزف لكِ مرة اخرى، اعتذر لحبي البخيل هذا فلم استطع تطبيق أفعال أقوالي أو مشاعر حبي، و لكنني لم اشئ فراقك و الرحيل عنك فما كان لعودتي مجال، اتعلمين ماذا؟ منذ ان عرفت أنكِ تحبين الغناء كان أول شيء جربت تقليده فيك هو الترشح كمغني مثلك تماما، تقدمت لأدائي الأول رغم ادراكي التام انني سأفشل، فقط أردت أن اجرب ذلك الشيء الذي تحلم به حبيبتي، اردت ان اكون جزءا منكِ، اردت ان اجعلك زوجة لي و انجب اطفالا بمثل جمال روحك و رقتها، بهاءك برعم يختبئ بذُرات الشمس و أنا دوار لكِ اتبعك اينما ذهبت و اينما حللت، و كم كنت اكره بزوغ القمر فلا أرى في الليل شمسي و ألا احظى بدفئها و حبها.
أنديريا أنتِ فتاة طيبة تستحق الحب أينما وطأت قدمك، تستحقين الأفضل دائما و أبدا، اريدك ان تكوني قوية أكثر من أي وقت مضى، و أجمل من أي يوم عشته، لا يجب أن تتوقف حياتك عند شخص واحد ولا يجب عن تغلقي ابواب قلبكِ و حريتك بمجرد رحيله، انتِ حرة.. تخلصي من الأيادي التي تحاول قطفك ايتها الوردة، سأكون شوكا لكِ إن أردتِ، اخبركِ يا فتاتي أنك قادرة على تحقيق أهدافك و أحلامك بمفردك، لازِلت صغيرتي و طفلتي رغم ذلك و أرغب حقا في تربيتك و اللعب معكِ، لطالما كنتِ مختلفة بأفكارك و شخصيتك لن اسامحكِ إن قمتِ بتغيير نفسك.. تغلبي على وجع فراق و خذلان الناس و حصني نفسك منهم دائما يا عزيزتي، افتحي نافذتك احيانا لنجدة الرب و الدعاء له، رحلتك في الحياة بدأت منذ ثانية، إن كل يوم قابل للتغيير و التعلم لا تيأسي واجهي نقاط ضعفك.. مخاوفك.. واجهي العالم و اصنعي حلمك الخاص، سيري على طريقك الخاص و ازرعي نجوما في طريقك تضيئ الأرض فتتسائل السماء من هذه لتتحدى جمالي؟ فما يكون الجواب إلا أن تكون السماء مرآة لكِ يا زهرتي.
احبكِ بألف حرف و كلمة و احبكِ لآخر نبضة.
كونكِ تقرأين رسالتي الآن يعني أن السرطان تمكن مني و أني فارقتُ الحياة وتركتكِ في هذا العالم الأسود كما خشيت ان يحدث دائما، ليتني لم اتركك ترحلين ذلك اليوم و افصحت لكِ عما في قلبي، ولكن لا تنطفئي يا نجمة و لا تتبعثري، لا استطيع ان اقول لكِ ستجدين رجلا آخر لأن ذلك يؤلم قلبي و يغضبني و لكن أستطيع القول لكِ استمري و ابحثي و تخطي، لا يجب ان تتوقفي عن التنفس اليوم، إني انتظر منك الأعظم دائما، سأكون الآن رفقة والدكِ احادثه عن قصة حبي و عن مدى اعجابي بكِ، آمل ان لا يكون سببا في جعلي اموت مرة ثانية. حسنا و الآن إلى أميرة قلبي ستكون الامنية الأخيرة قد انتهت و غربت بالفعل، وانا متأكد أنكِ ستشعلين امنية اخرى فأنت ماهرة و مبدعة، واصلي تحقيق حلمك و لا تنسي عرض رقصتك الأخيرة.
ستحيين دائما بقلبي يا"أنديريا".

تلك كانت آخر ذكرى من مراهقتي.. آخر رسالة من كاسياكو قبل وفاته.
الآن وقد أصبحتُ امرأة بالغة فعلي الإستمرار بالمضي قدما، كاسياكو كان أجمل ذكرى و أجمل شاب قابلته بحياتي، يُقال أن الحب الأول لا يموت أبدا.

تدخل بفستانها الأزرق وشعرها المرفوع بتاج إلى المسرح، بكل رشاقة تسير بالباليرينا الجميلة التي احتوت على رائحة الغروب، هذه الراقصة مميزة إنها "أنديريا مياكو".
أول راقصة بالية تقوم بالغناء!
أعظم راقصة و مغنية عرفتها مدينة ويندسور و آخر ما يُكتب على جرائد العالم كل ثانية،

تتنفس الفنانة بعمق،
ترفع يداها عاليا
و هاهي تنطلق!

___________________________________________

في عالم تشابهت فيه الأحلام و الأهداف و الوظائف هذان الإثنان كانا مختلفان تماما، طبيب، عالِم، مهندس، استاذ، بناء .. الجميع يبحث عن وسيلة من أجل البقاء بينما هذان دائما ما كان عقلهما مشوش بالخيال وهاو يفيض إلى هاوية العالم يصنع إبداعا و فنا جديدا.
بمجرد أن تبتكر هوايتك تستطيع الإنطلاق و صناعة مجدك.
___________________________________________

The end