من خضم الأحداث نظرة خارجية(1)

87 7 4
                                    


"آيفي"
إنها مضطربة ،متشككة، متعبة.
تسير على غير هدى، تلهب الأفكار المتادخلة بالها، ضجيج داخلها لا يهدأ و عواصف هوجاء تعصف بكيانها.
يرتعش جسدها، تتعثر في خطواتها جارة أقدامها في تخاذل شديد .
و لكن تعتلي وجهها نظرة عازمة... على ماذا تعتزم بل أنى لها أن تعزم على شيء...؟!بأفكارها المضطربة و بخوفها الطاغي على كل تصرفاتها؟ لم تعد تتوقع أي خير بعد الذي حدث... بعد أن خذلها الذي وثقت به ثقة شديدة...
و ربما تضطرب إضطرابا شديدا فتظن أنها هي من لا تستحق أي خير!
أنى لها أن تعزم على ذلك الأمر...إنه شيء لا تقدر على الإقدام عليه بنفسها...
أنى لها أن تعزم على ذلك ...بثقتها المتزعزعة إنها بالكاد تثق ب بضعة أشخاص ، حتى أنها لا تثق بنفسها حتى،لم تعد تستطيع الثقة بأحد بشكل كامل ، لا طاقة لها بخذلان آخر و بخدعة أخرى يكفيها ما قاسته...
تتلبك أكثر... تضطرب من جديد ...ذبل قسمات العزم من على وجهها لتظهر معالم الخوف.
إن وجهها النحيل مصفر إصفرارا غريبا لكأنها مريضة ... تتمتم لنفسها بكلمات متقطعة غير مفهومة .
إنها في حالة تشبه الهذيان. تزداد الأصوات داخل رأسها ضجيجا و تتعاقب الأفكار على تعذيبها، تزداد تشككا ، يعتري بعض اليأس قلبها. إنها تتقدم خطوة للأمام و ترجع خطوتين إلى الوراء. هي ترى إقترابها الشديد من وجهتها...
بنظرها ترى نفسها غبية،لا بل لأنها ترى نفسها جاهلة. إنها توقن أن أي شخص عاقل على نقيضها. لو رأها و عرف ما تعتزم عليه لضحك مقهقها ملئ شدقيه.
أجل إنها نكتة مضحكة بالفعل...
إنها تكاد تجن و لربما قد جنت فعلا . إنها يائسة و لكنها ترى نفسها مضحكة حقا...
هي تأمل لو يأتي أحد و ينقذها مما هي فيه و لكن من ذا غيرها يعرف ما حدث... لقد دفنت ذلك السر الخطير في أعماقها و كان في نيتها أن تأخذه معها لقبرها ، فهي لا ترغب أن تورط أحدا معها فيما هي فيه...
ربما لو حاولت الإفصاح عما داخلها لما كانت تلك الفكرة لتخطر لها، فقط لو كانت أكثر منطقية لكنها الآن مضطربة...
إنها ليست فكرة تأتي من شخص يفكر بعقلانية و لا حتى شخص غبي...
نعم، نعم هي الآن موقنة أنها مجنونة واهية...
كل شيء على وشك التدمر ... كل شيء على وشك السقوط ، مصيرها كله مرتبط بما سيحدث تاليا...
فإما أن تنجح في مسعاها و تُنقذَ عن حافة الهاوية و إما أن تفشل فتسقط في أعماقها...
ما عساها تفعل لم يبقى مجال للتفكير لقد وصلت وجهتها بالفعل ، كل شيء يعتمد على هذا ... إما تطرق هذا الباب اللعين فتفقد فرصتها للتراجع و إما تعود أدراجها فتفقد فرصتها للنجاة...
...
المراقب!...
"إيفان"

أوه فقط، كم هي يائسة و تائهة! كم هذا رائع!
لم يكن هذا إلا تفكيره هو فياله من تفكير قاس و غريب. من هو ذا ؟ لما هو بقسوته هذه عليها لكأنه يتلذذ بتفكيره ذاك؟
بلى، هو يتلذذ به فعلا، بتلك الإبتسامة الساخرة التي تعتلي محياه ،و بنظراته المتقدة تجاهها.
إنه يراقبها منذ مدة لكن منذ عزمها على ذلك الأمر... زاد حماسه و ترقبه إلى لحظة تحطمها.
لقد كان يلاحقها و يرقب كل تصرفاتها مركزا على ملامحها منتظرا لحظة بعينها، لحظة ستجعله يحاول منع نفسه من الضحك فرحا.
لقد ساءه أن يرى نظرة العزم تلك تعتلي وجهها فإذ به يفكر بأي أمل؟ تتمسك و على أي أمر تنتوي ؟ لكنه ما أن لاحظ وجهتها و ذبول نظراتها التي إعتلاها الشك حتى إرتسمت تلك الإبتسامة الساخرة المريضة على وجهه...
فإبتسامته تلك ما هي بإبتسامة عادية ، إنها إبتسامة ساخرة يملؤها الكره و يغمرها النصر فكأنه يكرهها كرها غامرا و يتلذذ بألمها و إضطرابها...
لا ،فهو يتلذذ بذلك فعلا، لكنه لا يكرهها، فل نقل أنه بالكاد يعرفها . فعلاقته بها مختلفة عن كل العلاقات...
فما العلاقة التي قد تكون بين صياد و فريسة!؟
أجل هو يراها كفريسة، ألذ فريسة قد يحظى بها فمنذ أن رأها و هو موقن بذلك...
فما هي في نظره إلا فريسة مثالية فهو لا يحتاج إضافة البهارات ، إذ أنها تكاد تكون جاهزة بالفعل و الآن هو شبه متأكد من طعمها...
لكنه يحتاج إلى الإنتظار حتى تمتزج كل البهارات و ضحيته معا...
و ما بهاراته هذه بشيء ملموس بل هو شيء يمتلكه كل بشري في شخصه و نفسه و أي إضافات قد تؤدي إلى أسوء النتائج...
و لكن هو يرى أن البهارات أهم من الفريسة نفسها و لكن طالما هي مكتملة البهارات كل ما عليه هو الإنتظار حتى تهوي فريسته .
و ما تلك البهارات إلا:
_الخوف /اليأس /الشك/الضعف /انعدام الثقة/التشتت...
و يالحظه الجيد لقد وجد كل ما يريد في فريسته، و كل ما يحتاجه هو الإنتظار حتى تطغى أول ثلاث بهارات على الفريسة لتبدأ بالتعثر فتسقطها أرضا بقيتها، فيأتي هو بكل بساطة و يلتقط فريسته دون بذل أي مجهود.
لن يعوزه الصبر طالما يجد النتائج التي يبتغيها.
و لكن رغم نظره لها على أنها فريسة فأحيانا يرى فيها شريكة فلو أضيف بهار واحد إليها ألا و هو الغضب سينقلب كل شيء و سيكون الوضع مختلفا ،فقد تصير مثله.
و لكثر ما متعته هذه الفكرة ، لكن حدوثها شبه مستحيل ففريسته مطيعة أكثر مما ينبغي فلا يبدو أن لديها أي طاقة للتمرد.
هي وديعة كحمل صغير و هو الذئب المختبأ تحت القش ، منتظرا إنتظار الفلاح أن تثمر أشجاره ، فهو ينتظر إقترابها بالحد الكافي الذي يمكنه من إبتلاعها في ثواني...

إضطرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن