-الفصل الحادي عشر، أنا القاتل-.

1.2K 74 7
                                    

-الفصل الحادي عشر، أنا القاتل-.

أن يُقتل صديقك أمام عينيك أهون بكثير من كونك أنت القاتل، خيارٌ صعبٌ وضع فيه بكر، ظل ناظرًا لصديقه الواقف بتوتر، عمليةٌ صعبة أدركاها الاثنان؛ لم يُدرك أحدهم أن شرطَ اكمالها موت أحدهما، تحدّث أحد الرجال باللكنةِ المصرية:

_ هيكون صعب شويّة؛ بس لازم تقتله.

هزّ صديقه رأسه دليلًا على موافقة وداخل عينيه يلمع دمعَ الحزن، ليس حزنًا على ما آل إليه الأمر، بل حزنًا على أولاده وزوجته، حمد اللّٰه كثيرًا على توديعه لهم قبل هبوطه لعمله، أغمض عينيه وسقطت عبراته وهو يرى بكر يرفع المسدس مُستعدًا لقتله، ودموع الحزن التمعت بعينه هو الآخر، مع ضغطه على الزناد بكت عينيه بألم، أفاضت عمَّا يشعر به فؤاده وهو يرى صديقه يهوى على الأرض ودماءه المطهَّرة تُلطخ الأرض المُدنَّسة.

_ إي يا بكر مش كده! ده لسه فاضل كتير يا راجل! كون إنك تبقى منّنا يعني إنك تبقى بدون قلب، وده الأصلح ليك.

قالها صاحب اللكنة المصرية وهو يقف أمام بكر مُردفًا كلماته باستفزاز، فتح بكر عينيه وقد كان بهما الهلاك بالفعل لو تعمّ‌ق القابع أمامه بعينيه لتمكَّن من رؤيته.

_ خُده خليه ينفّذ باقي الشروط.

قالها بعدما أشار لوالد شروق الّذي هرول سريعًا لهما خارجين سويًّا من تلك الغُرفة المُدنَّسة..

_ اسمع يا بكر الأصلح ليك إنك تنفِّذ كل شيء، وإلا هتخسر كل اللي بتحبهم وأولهم كان صاحبك، دلوقتِ في عملية سلاح داخلة مصر بري مسؤوليتك إنك تدخلها بأمان.

_ حاضر.

قالها وهو يأخذ زوجته بألم خارِجَيْن من ذاك القصر القبيح، بعد وقتٍ كانا فالغُرفة وهو بالمرحاض ينظُر لذاته باشمئزاز وقد سقطت دموعه مُعلنةً انهياره، من شدة اشمئزازه كسر المرآة بغضب فتأذّت يده، صرخ صرخةً مكتومة وأُجهش في البُكاء.

ذلك الكتف.
تِلكَ العين.
ذاك السند.
هاك القلب.
إذ رحلوا فيُعلن القلب الانهيار حتى لو كُنتَ حائطًا منيعًا لا يسهل انهياره.

أفاق عمّا كان فيه بعدما استمع إلى دقات الباب الّتي جعلته يهب من موضعه، فتح الباب بهدوء وكانت عينيه شديدة الاحمرار، نظرت له شروق بقلق سريعًا ما احتضنته مُهوّنةً عليه ما هو فيه...

كان في ظلِ عناقها له يلعن نفسه آلاف المرات، ويلعن تلك المُحتضنة لجسده، تمنَّى لو يقتلها، لو يبث داخل قلبها الذُعر، لو يأخذه ثأره منها ومن أبيها، ولكن مهلًا أيها القلب المُحترق سـنأخذ ما نُريد ولكن في الوهلة الصواب.

_________________________

يومان وعادا إلى مصر، تبدَّل بكر تمامًا بعد ذلك الحادث، تحوّل لـ شخصٍ آخر..
صامت كالليل
بارد كالصقيع
لا يتحدّ‌ث
يترك نفسه لها كورقة تؤرجها الرياح كما ترغب.

ميثاقًا غليظًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن