كارما وديجاڤيو، كلمات اجنبيات لم تلاقيا نظيراً لهما بلغتنا العربية، كارما وما تعنيه إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّراً لا بد أن تترتب عنه عواقب، اما ديجافيو ، والتي تعني تكرار حدوث موقف أو مشهد ما، وفي حكايتنا سنواجه كلاهما مع شخصياتنا... لنبدأ..
- الان -
رمى تلك المياه الباردة ع وجهه ومرر ظهر يده المبلل ع رقبته من الخلف، رفع نظره للمرآة محدقاً بوجهه، يتذكر ما حصل منذ ساعاتٍ فقط، تلك الاسلحة، ورائحة البارود، يمسح وجهه بعنف مجدداً ويمرر يديه ع شعره مبللاً اياه، اعاد غسل يديه للمرة المئة من الدماء، قرر اخيراً الخروج من دورة المياه متجهاً الى امام غرفة العمليات المشؤومة تلك، كان طريقه طويلاً جداً قلبه يركض امامه من شدة توتره، يداه ترتجفان يشعر وكأن اطرافه تجمدت تقريباً، يتقدم للامام لكن قدماه لا تتحركان، لا يريد الوصول لذلك المكان، يشعر بان من بالداخل لن يخرج حياً،لكنه مجرد جرح رصاصة في بطنه، اجل نزف كثيراً غالباً ببطىء ولمدة طويلة، كان يراقب ذلك اساساً فهو من اطلق عليه، اقترب من ذلك الباب، الذي فتح لوحده، وخرج منه شخص يرتدي زياً شديد الازرقاق، وبدأ يتكلم، لم يسمع ما قيل له، كان الامر وكأن احداً ضغط زر الصامت بالخطاً حاول التدقيق في شفاهه لعله يفهم ما يقوله، بدا وكأنه يقول "مضاعفات، نزيف حاد، فقدنا المريض، بسلامة رأسكم" كان صوته ثقيلاً وغير مفهوماً "ماذا يقول هذا!" لم يسمع اي شيء سوى صوت صرير ملئ رأسه...
- في وقت سابق -
العائلة، كلمة بمعنى كبير ومسؤولية اكبر، لطالما كانت مبدأً كبر عليه ابناء ادريس، فمن منهم لم يعرف ما تعنيه العائلة من حب وسعادة والم بنفس الوقت، انتهت جلستهم ذلك المساء وعادو للبيت كالعادة، لكن حدث ما لم يكن بالحسبان، فهذه المرة عادو الي بيت خاوي "لم تعد النساء للبيت" "كيف لكن ارسلناهم قبلنا" "والله لم يأتي احد" "ماذا تقول يا هذا!" صرخ جومالي بوجه اجاويد الذي كان يحرس البوابة...
انتشر خبر اختفاء النساء و بدأت عمليات البحث عن المفقودين، حتى ورد اخيراً مكالمة لهاتف سليم مفادها وجود بالون 🎈 امام المقهى، مرت لحظات قبل ان يصطف جميع افراد تلك العائلة امام ذلك المقهى رافعين نظرهم لذلك البالون، يخرج صالح سلاحه ويطلق رصاصة عليه لتتساقط تلك المغلفات اللعينة، الى متى سيكونون قطع شطرنج يتحركون تبعاً لتحركات الخصم، كل مغلفٍ حمل اسم احدهم وفي داخله موقع، حمل كل منهم مغلفه وانطلق في طريقه، كان صالح لازال يعيد الامر في رأسه، ينتبه ان الصورة في مغلفة تقريباً تتطابق مع اغلب المغلفات عدا والده وياماش، قرر ان يخاطر وغير طريقه ليتبع والده بينما اتصل ع سليم "سليم، هل انتبهت ان الصورة في مغلفاتنا متطابقة تقريباً!" اخرج الظرف ليقارنها بصورة ارسلها صالح له، انها تشبيها و حتى تكملها، ليرد سليم "انه فخ! اننا نتجه الى فخ!" ليجيبه صالح "هذا ما اقوله يا اخي، انا غيرت طريقي ولحقت بابي، انتم عليكم ان تجدو النساء، كنت قد اهديت ساديش قلادة فيها جهاز تتبع لحالات الضرورة، اخبرت فرحات تابعو معه" "صالح" "ايفندم" "انتبه ع نفسك رجاءً" "وانت ايضاً سليم جيم"...
وصلت رسالة لسليم فتوقف سريعاً "هل انت متأكد يا فرحات؟" "اجل متأكد" "تمام نحن قادمون" "نلتقي هناك" تواصل سليم مع الباقيين وانطلقو باتجاه مغايير لذلك العنوان الموجود في تلك البطاقات، حتى وصلو مكان يشبه المتاهة قليلاً في داخله غرف مغلقة... تسلل ميكي كونه الاصغر حجماً ليلقي نظرة عما يحدث بالداخل، وعاد خلال دقائق "النساء بالداخل ابي" رنت جملته في رأس سليم، فارسل سريعاً رسالة لصالح مفادها انهم وجدو النساء، لا وقت للانتظار، فدخلو بهدوء تمام وبسرعة كل منهم الى غرفة عشوائية، فتح جومالي الباب الذي امامه ليجد سعادات ورجل يوجه السلاح الى رأسها فاطلق عليه سريعاً منقذاً حياتها، سليم وجد والدته، جيلاسون انقذ كاراجا، ايمي وجد داملا، كمال انقذ عائشة...
في هذه الاثناء ركن صالح سيارته خارج ذلك المستودع الذي دخله والده، ودخل بهدوء تام حتى وصلته رسالة سليم بانه وجد النساء، المكان كالمتاهة فعلاً، اسرع بخطاه بعد ان سمع صوت يوجال يهدد والده وياماش بان ع احدهم قتل الاخر وإلا يقتل النساء جميعاً، وصل الباب اخيراً وكان موصداً باحكام، دفع الباب بجسده عدة مرات خاصةً انه يسمع ما يحصل خلفه ويسمع تلك الساعة والعد التنازلي ٥ - ٤ اندفع بجسده باقصى سرعة خالعاً الباب من مكانه،واكمل طريقه محاولاً حماية والده من رصاصات اخيه الاصغر، التي انطلقت سريعاً تقصد حصاد روح احدهم، هل سيلحق! ...
كان ياماش يقف مكانه مرتعشاً باكياً غير مصدق لفعلته هل اطلق ع والده فعلاً! هل اصبح قاتل والده؟! هل اب الحفرة قتل اباه! كان يقف مكانه مغمضاً عينيه ترتجف يده ليسقط سلاحه، تجرأ اخيراً وفتح عينيه يتمنى ان يجد والده لازال يقف امامه، لكن عبثاً لا احد امامه، فتحت اقفال الابواب تلقائياً "بابا! ماذا فعلت انا ماذا فعلت! بابااا" كان يعيش بصدمة غير مدرك لما يجري حوله، حتى اخرجه من صدمته صوت والده "يااامااش ماذا تفعل هناك" ...
كان ياماش قد دخل في حالة صدمة لا يعي ما يحدث حوله، فُتح الباب اخيراً بينما صفرت الساعة تماما 00:00 اغلق ياماش عينيه ضاغطاً ع الزناد بينما تحرك صالح سريعاً رامياً جسده ع والده ليقع كلاهما ارضاً، "بابا! انت بخير؟" ليجيب الاخر غاضباً "ماذا فعلت يا صالح! ماذا فعلت! سيقتل النساء، سيقتل النساء" ليرد الاخر مطمئناً اياه "لا لن يفعل انظر" حول ادريس نظره لاحد الشاشات ليرى جومالي امامه بجانبه سعادات وبشاشة اخرى سليم وسلطان، يحول نظره لابنه "لكن كيف؟" "كنا جميعاً نتجه لفخ يا ابي، وجدنا مكان النساء وانطلق الجميع الى هناك وانا تبعتك... هل انت بخير يا ابي؟" "بخير بفضلك" "بفضل الله انا لا دخل لي" ينهض كلاهما ليتجه ادريس لياماش محاولاً اخراجه من صدمته "اولوم! استيقظ نحن هنا وانا بخير" لكن الاخر لا يستوعب، حتى تلقى صفعةً ما والده اعادته للواقع، " ب با بابا! لكن كيف؟ انت لم تصب! لكني اطلقت النيران! انت بخير! بخير" يتقدم ليعانق والده خانقاً اياه، ثم ابتعد قليلاً "لكن كيف؟" ليشير ادريس لصالح الذي كان بجانبه فوجده يتكئ ع الجدار ، هب ياماش اليه معانقاً اياه "صالح يااا انقذتنا يا بابناولو شكراً لك" ويعانقه مجدداً، ينتبه ادريس لوقفه صالح الذي كان يتكئ بتعب ع الجدار ممسكاً بجانبه الايسر وبالكاد يبادل ياماش العناق، يقترب ادريس مبعداً ياماش جانباً، يمسح ع وجهه بلطف "ما بكَ صالح؟ لما شحب وجهك هكذا!" يسحب يده ع جانبه ويريها لوالده وكانت مليئة بالدماء وقال ممازحاً "اصابني هذا الابله غالباً" "انك تنزف بغزارة يا بني!، ياماش جهز احدى السيارات سريعاً" بينما اخرج منديلاً يحاول ان يضعه ع جرح ابنه النازف، اختل توازنه للحظة، فامسك به كلاهما "ع مهلك" يسنده والده ضاغطاً ع جرحه يساعده ع المشي حتى وصلو للخارج مع وصول باقي ابناءه، قفز كلاهما من السيارة والتقو عند الباب "هل انتم بخير؟" كان ياماش من استقبلهم بدا مذعوراً لينزل عليه سليم ببحر من الاسئلة "اين ابي؟ ماذا حدث ؟" خرج ادريس مسنداً صالح ع كتفه مع نهاية سؤاله "جومالي، هيا تعال لنذهب للمشفى، سليم ياماش بامنتك، انه ليس بخير" اقترب من جومالي منهم "هل انتم بخير؟" كان يتفقد والده وياماش ليجيب ادريس الذي احس بثقل جسد صالح "نحن بخير لكن صالح مصاب" تسائل سليم بقلق"كيف مصاب!" "قصة طويلة، انه ينزف بغزارة سيفقد وعيه ان بقي واقفاً هيا لمشفى" كان الاخر شاحباً صامتاً وهادئاً، اقترب منه جومالي "هل انت بخير صالح!" كانت هذه اخر ما سمعه صالح قبل ان يفقد وعيه، امسكه جومالي قبل ان يسقط ويسقط والده معه "هوب! (يحمله وينطلق الى السيارة، هاتفاً) هيا بابا الى السيارة" وضعه ادريس في حضنه، واعطوه قطعة قماش كبيرة يضغط بها ع جرحه... ركب جومالي بالكرسي الامامي وانطلق الى المشفى "ارسلناه لينقذكم فاصبح هو من يحتاج الانقاذ!، ماذا حصل يا ابي؟" "قد بسرعة وركز ع الطريق انه ينزف بغزارة لا وقت لكلامنا الان، اخبرك ما حدث لاحقاً عندما نوصله للمشفى"..
كان ياماش لازال واقفاً مكانه فسحبه سليم لسيارة صالح فهي كانت امامهم وادخله داخلها، وضع له حزام الامان، فالاخر لا يتكلم ولا يتحرك احمد تماماً، انطلق للطريق خلف جومالي، فتسائل موجهاً سؤاله لياماش "ياماش ماذا حدث؟" لم يجب الاخر فاعاد سؤاله لكن بنبرة عالية اخرجت ياماش من شروده ليجيب مرتبكاً "لقد وضعوني امام ابي وقالو ليطلق احدكم ع الاخر، ابي ابي لم يفعلها، لو فعلها وريحني!" اكمل شرح ما حدث ورفع يده بالهواء "كانت تلك الارقام تصدر ضجيجاً ثم اطلقت، ثم لا اعرف ما حدث! وجدت ابي امامي وصالح ايضاً، لقد انقذ ابي واصيب خلال ذلك! اطلقت انا عليه! هل سيموت بسببي! صالح سيموت ع يد اخيه، تماماً كما فعل بكهرمان" كت يديه سوياً وضحك باستهزاء ثم اكمل باكياً كمية الصدمات التي مر بها بالفترة الاخيرة من موت سنا حتى يومه هذا "هل سيعيش ادريس قدر والده؟" "هشت، تفائل خيراً، اصابته ليست بذلك السوء، أهدأ، سيكون بخير"....
وصل سليم خلفهم بربع ساعة ليجد ادريس جالساً امام غرفة العمليات واضح القلق ع معالمه، و جومالي قادم من الحمام بعد ان غسل يديه من دماء الاخر "ما وضعه؟" سأل سليم قلقاً ليرد جومالي بصوت خافت "اصابته سيئة، نزف بشكل سيء" ليجيب الاخر قلقاً "يعني؟" ليجيب الاخر ببرود "ان شاء الله ينجو" "سينجو، يجب ان ينجو انظر لحال ابي وياماش"... كان ياماش لازال لا يستوعب فكرة انه اطلق النار ع والده واصيب صالح محاولاً حماية والدهم...
"كيف اصيب هذا الاهوج؟" سأل جومالي ببرود يخفي قلقه "ليس اهوجاً لقد حمى ابي!" اجابه ياماش غاضباً، واكمل "ليس اهوجاً لقد وقف بين ابي ورصاصات سلاحي!، رمى بنفسه حامياً ادريس كوشوفالي من الموت، لقد لقد وضعونا هناك وقالو سيقتل احدكما الاخر، لم يجرأ ادريس ع قتل ابنه! بل قرر جعلي اتحمل ذنبه، طبيعي سيدفع الابناء ثمن اخطاء الاباء كالعادة! وكالعادة ادفع انا ثمن اخطاءه، (يضحك بخفوت ويكمل بنبرة باكية ) رصاصتي استقرت في جسد ابن ابيك جومالي كوشوفالي، لماذا! لانه حمى والده الذي لم يحمه من اذى هذه الدنيا"، كان الجميع ينصت بصدمة فها قد انفجر ياماش مجدداً، كم من الاذى يستطيع قبله تحمله! "ياماش تعال لتغسل وجهك وتتنفس قليلاً" قالها مجاهد عندما سحبه من يده للخارج، "لم يحدث هذا بسببك اصلان بارتشسي" "اعرف، اننا ندفع ثمن تهوركم في شبابكم!" "اولوم.." قاطعه ياماش "الست محقاً! الا ندفع ثمن تهورك انت وابي وباشا! الم يدفع كهرمان ثمن اخطاء الباشا وامي وكان صالح هو البيدق! ليسلم لو اتى وقال انا ابنك ماذا كان سيحدث! لكنه القدر! لا اعتراض، صاالح، الم يدفع هو الاخر ثمن اخطاء ابي وامه ايضاً! سنا! ما ذنبها! انا ما ذنبي! لقد هربت من هذه الحياة يا ايمي، لكن جلبتموني من يدي بغير رضاي!يا ايمي ماذا افعل انا، لاهرب ولا اعود ابداً، الا يكفي دفنا روحي مع سنا ودفنا رائحة كهرمان، والان وضعو ابي امامه لاقتله لولا تدخل صالح، لوجدتموني في مشفى المجانين! ماذا افعل انا يا ايمي، اني اختنق والله اختنق" كان ايمي يجلس بجانب ياماش يمسح ع ظهره عله يهدأه قليلاً...
عاد كلاهما بعد مرور ساعة تقريباً، تبادل ياماش النظرات مع اخوته وجلس بجانب والده... مرت ساعتين ولا احد يخرج من تلك الغرفة "اييه والله بدأ الفأر يلعب في جوفي! ليخبرنا اخد ما بما يجري!" كان سليم يكلم نفسه وهو يذهب ويجيء امام ذلك الباب، حتى فتح اخيراً وخرج ذاك الذي يرتدي لباساً ازرقاً وهم بالسؤال "اقرباء صالح؟" "اجل" "الحمدلله ع سلامته، كانت عملية صعبة قليلاً فقد فقد دمرت تلك الرصاصة الطحال واستقرت بين الشريان والوريد الرئيسيين اللذين يغذيان اغلب الجسد، لو خُدش الشريان لما استطعنا انقاذه، نزف كثيراً وزودناه بعدة وحدات، سننقله لغرفة العناية المكثفة الان وسيبقى هناك عدة ساعات حتى نتأكد انه لا يوجد نزيف داخلي لم ننتبه له ثم الى غرفة عادية، زال البأس، شيء اخر ان استطعتم تزويد بنك الدم بالدماء بكون جيداً..."
طلب ادريس رؤية ابنه لكنه منع من ذلك، فما كان امامه الا ان ينتظر كحال الباقيين... مر يوم كامل استعادت العائلة شتات نفسها قليلاً، نُقل صالح الى غرفة عادية بعد ان استقر حاله، "الم يستيقظ بعد؟" سأل ياماش بينما دخل تلك الغرفة متجهاً للنائم هناك، "لا لم يستيقظ، الم تذهب للبيت بعد؟" سأل سليم الذي بقي وحده في ذلك المشفى "لا لن أذهب حتى اطمئن عليه، هل سيأتي احد؟" "اجل بابا وسعادات ابلا في الطريق" "وجومالي ابي؟" "لا اعرف"، يقترب ياماش من صالح ماسحاً ع رأسه "سامحني بابناولو، لم اقصد ايذائك، اعتذر"...
مر الوقت قبل وصول ادريس ومن معه، اقتربت سعادات لتقبل جبهة زوجها، بينما يراقب ادريس من بعيد متسائلًا "لماذا لم يستيقظ بعد؟" "لا اعرف، قال الطبيب ان وضعه مستقر" طلب منهم الخروج قليلاً ليبقى هو بجانب ابنه الذي بدأ يستعيد وعيه، كان يسمع كل ما يجري حوله لكنه لا يقوى ع الرد، غالباً بسبب تلك الادوية التي ابقته نائماً طول الليلة السابقة، "اولوم! صالح هيا افتح عينيك لارى، انت تقلقنا هنا، لا اعرف ما الذي خطر لك لتقوم بهذه الحركة المجنونة!، هل استحق ان تخاطر بروحك لاجلي يا فتى! لم اقم بواجبي تجاهك كأبيك ابداً وانت رميت نفسك امام الموت لاجلي" لكن الاخر لا يستجيب، كان الاخر مستيقظاً وسمع كل ذلك لكنه لم يفتح عينيه قصداً، اراد ان يسمع والده لانه يعرف ان كان واعياً لن يسمع اي من ذلك، تبع ذلك عدة دقائق من الصمت قبل ان يقرر فتح عينيه اخيراًبينما كان ادريس يقف بجانب النافذة المطلة ع الحديقة حيث يجلس هناك ابناءه الثلاثة وسعادات، استغرب قدوم جومالي، استغرب الجميع قدومه، شرد في عالمٍ اخر يتذكر ما حدث خلال اليومين السابقين، بل بالفترة السابقة منذ حادثة سنا وحتى الان ، كاد يغرق في تلك الافكار حتى انتشله صوت خافت "بابا" التفت للخلف ليجد ذلك النائم ينظر اليه، "ص صالح!، استيقظت اخيراً!" يحاول الاخر الاعتدال في سريره ليمنعه والده "ع مهلك ستمزق غرزك، هل انت بخير؟ أتتألم!" قالها بينما مسح ع وجه الاخر متفقداً اياه "يوك انا بخير" "الحمدلله" يمسك ادريس بيده "لا تفعل هذا مجدداً اولوم، لا ترمي نفسك للموت لاجلي" "لو كنت مكاني ماذا كنت لتفعل؟ ان رأيت والدك سوف يقتل ع يد اخوك الاصغر؟، ان ازلنا خيار ان هناك احد منكم سيحاول انقاذي، لان هذا غالباً لن يحدث" رفع ادريس نظره للذي امامه بصدمة بعد اخر جملة ليرد الاخر "دعنا لا نكذب ع احد فجميع الاوراق مكشوفة" "صالح، لا تتكلم هكذا، انت ابني مثلك مثلهم" ليجيب الاخر بعتاب "لا لسا مثلهم، بابا دعنا لل نخوض بهذا النقاش رجاءً" انهى جملته مع دخول ياماش للغرفة "بابناولو استيقظت اخيراً (يقترب بينما يتنفس بعمق محاولاً كتم بكاءه) هل انت بخير؟" "بخير ياماش لازلت حياً" قاطعهم دخول ميدات قائلاً "بالطبع ستكون بخير ففارتولو سعدالدين يجد طريقة دائماً" يبتسم صالح معانقاً ميدات، دخل الباقيين خلفهم، تجلس سعادات ع السرير بجانبه معانقةً ذراعه، جومالي يقف في طرف الغرفة، سليم اقترب وجلس ع الكرسي المجاور للسرير، "الحمدالله ع سلامتك كارديشم" "سلمت كادريش" "هل انت بخير؟" "اييم" كان يتبادل نظراته مع الجميع، لاول مرة يجتمع الجميع حوله، مر الوقت سريعاً حتى طلب ادريس من الجميع العودة للبيت ومن ياماش البقاء بجانب صالح "ليرتاح حتى يستعيد عافيته، هيا الى البيت ولتبقى انت بجانبه في حال احتاج للمساعدة او ما شابه"، خرج الجميع وبقي ياماش يحدق بصالح من طرف الغرفة "لا تفعل هذا بنفسك ياماش، لم يحصل شيء" "لكن.." "لا يوجد لكن ياماش... هيا اطفئ الضوء لارتاح قليلاً" يقترب ياماش ببطىء ويجلس ع طرف السرير "اقترب لارى" "اخاف ان أؤذيك مجدداً" ليصرخ الاخر "ياماش، انصت الي ليس ذنبك، ما حصل ليس ذنبك" ينهي جملته متأوهاً من جرحه "صالح، ع مهلك لازال جرحك حديثاً" "لا تغضبني اذاً!" "ايه تمام، هل ستنام؟" ينظر الاخر باستغراب "ياماش!" "ايفندم" "تكلم لارى لا تكتم بداخلك" تبادلا النظرات لتهرب دموع ياماش من عينيه ليسحبه الاخر ويعانقه مطولاً حتى افرغ الاخر همه والمه، "هل انت افضل الان؟" "اجل" "تمام نادي الطبيب الان" ليجيب الاخر قلقاً "ماذا حدث؟ هل اذيتك مجدداً!" "ياماش، لاذكرك اني اصبت واجريت عملية، ومكانها يؤلم" يقترب ياماش متقفداً الاخر ليجد القليل من الدماء ع ملابسه، "انت تنزف!" "ياماش لا تجعلني انهض واضربك الان"...
مرت ساعة قبل ان يعود ياماش للغرفة بعد ان تكلم مع الطبيب مطولاً، وكان الاخر قد طمأنه ان الدماء من جرحه الخارجي ولا حاجة للخوف، واعطاه مسكن، وانه سيكون بخير، حتى سيخرج خلال عدة ايام... يعود للغرفة ويتفقد الاخر الذي غط في نومٍ عميق ثم ينسحب الى الاريكة التي في طرف الغرفة يمد جسده عليها، يعيد احداث الفترة السابقة في رأسه حتى غفت عيناه، ومرت فترة قبل ان يستيقظ ع صوت سنا، الم تمت هي؟ غريب جداً، شعر بيدها تمسح ع شعره ووجهه وهو يبتسم كالابله، كان كهرمان يقف بجانبها "انا بخير يا ياماش، نحن بخير لا تقلق، لست سبباً بما حدث لا تحرق نفسك عبثاً" قالتها سنا وهي تبتسم في وجهه ليكمل كهرمان "لا تغضب بيبي لكن سأعود لاخذ صالح معي، طالت مدة بقاءه هنا" نهض ياماش فزعاً، نظر حوله ليفهم ان ذلك مجرد حلم، قد يكون رؤيا ايضاً لا يعرف، كان قد حل الصباح واشعة الشمس قد عكست ع عينيه الخضراوين، نهض منزعجاً منها او من منامه غالباً لكنه يتحجج بالشمس، اقترب متفقداً صالح مجدداً للمرة السابعة منذ ليلة امس، استيقظ الاخر ع لمساته "جونايدن صالح" "صباح الخير ياماش، هل رأيتني في منامك يا هذا" "تقريباً... صالح" "ها" "لن تتركني لوحدي في هذه الدنيا كما فعلت سنا اليس كذلك؟" استغرب صالح طلب ياماش "لم افهم!" "لا شيء فقط لا تستلم بسرعة ولا تقفز امام الرصاص مجدداً" اجابه صالح متذمراً "لان ياماش، والله اصبتني بالصداع تتكلم في نفس الامر منذ امس، لا اعرف لما بقيت معي! والله سئمت!" "سامحك الله بابناولو" "هيا اذهب واحضر شيئاً لتأكله" "ماذا عنك؟" "يحضرون لي طعامي لا تقلق" "انت تطردني اليس كذلك؟" "ايفيت جنم، هيا مع السلامة" يقاطعهم دخول الممرضة التي احضرت الافطار والدواء "صباح الخير، ارى انك بحالٍ افضل من الامس، هيا لتتناول افطارك، ولتتحرك قليلاً لا تبقى بالسرير" "اسمعت هيا معي اذاً" "ياماش" "هادي جنم دعني ارتاح قليلاً منك، ربع ساعة فقط رجاءً" ليخرج الاخر غاضباً "ايييه! اساساً الحق علي اقلق عليك" لتقترب الممرضة لتتفقد جرحه "الن تزيلو هذا الشيء؟" "ليس الان، هذا يسحب الدماء من داخل جرحك، غالباً سيبقى حتى الغد، هيا انهض لارى"...
مرت عدة ايام حتى خرج من المشفى ورفض طلب ياماش بالبقاء ببيت والدهم، ولم يفلح ايضاً ادريس باقناعه، بقي في ذلك الملحق الصغير، استيقظ في اليوم التالي فزعاً عندما وجد ياماش بجانبه "لان ماذا تفعل هنا!" "اعتذر لم اقصد اخافتك" "لمًا تنام بجانبي!" "قلقت عليك" "ياماش هل ستلتصق بي هكذا الى الابد يا بني!" "لماذا؟" "بابناولو والله كدت تصيبني بنوبة قلبية لهذا يعني،(ليصرخ في وجه الاخر) لان انهض واذهب لبيتك" "كدت تفجر طبلة اذني ياو!" "سأشكيك لابي" "افعل، لكن سأبقى خلفك حتى اطمئن انك بخير تماماً" "لا حول ولا قوة الا بالله" يضع الوسادة ع رأسه ليكمل نومه...
بعد عدة ايام اجتمع اربعتهم امام ذلك الاشقر المقيد بسلاسل من حديد في زنزانة الحفرة، ليتسائل صالح "كيف امسكتم بهذه الحشرة؟" "والله انه غبي لدرجة انه لحق بصوت امراة فقط" ليجيب ياماش "نصبنا له فخ بمساعدة زوجته، لتسلم طبعاً" كان يوجال يبادلهم النظرات ليبتسم "لم تقتلك رصاصة اخيك اذاً" "يوك لا يأتيني ضرر منه" "ستتأكد من انه ميت بيبيه اليس كذلك؟ لن تتركه طليقاً كالمرة السابقة" "يوك" واطلق ع رأسه منهياً حياته، ليسقط جثةً هامدةً... "ماذا سنفعل بازار؟" سأل سليم في طريقهم للمقهى، وفور وصولهم للمقهى دخلت عدة سيارات سوداء اللون وخرج منها عدد كبير من الرجال وتوسطهم ازار، الذي كان يمشي بتفاخر قائلاً "السلام عليكم ايها ال****لة" ليرد جومالي "وعليكم السلام ايها ال*** الصغير" لم يعجب الاخر الكلام، فرفع سلاحه سريعاً "اريد تصفية الحسابات" تقدم للامام يوجه فوهة سلاحه الى جبين صالح الذي لم يبدي ردة فعل بل ابتسم بخفة "لا اعرف كيف تفكر يا هذا! الم نقل لك ان لا يد لدينا في مقتل اخوك ال****" ليجيب الاخر "قتل في مكانك ويوجد شهود ع ذلك" يتقدم الاخر بكل ثقة ويضع فوهة سلاح ازار ع جبهته "اطلق اذاً، اذا كنت واثقاً جداً اطلق" "صالح! ماذا تفعل؟" تسائل ياماش قلقاً خاصة بعد منامه في كهرمان ذاك، احتدت النظرات بين صالح وازار، وبدأ الاخر بالاستعداد للاطلاق اعاد الامان للخلف وبدأ يضغط ع الزناد، تحرك جومالي سريعاً ساحباً صالح من امام المسدس، ورفع المسدس عالياً، في ذات اللحظة التي اطلق فيها ازار، قاطعهم ادريس الذي فرقهم وسحب صالح لجانبه "هل جننت! هل حقاً تريد قتل ابني بمنتصف حيي؟" فيجيب ازار بوقاحة "قلت لاجرب، لم احد يدفع ثمن موت اخي بعد" كان الوضع متوتراً جداً، الكل يرفع سلاحه ع الاخر، "لن ندفع ثمن شيء لم نفعله يا هذا والا ستندم، ان لمست شعرةً من اي منهم سأدفنك وسأنهي سلالتك وسلالة امك" صرخ جومالي وهو يضع سلاحه في رأس ازار بغضب لدرجة ان فوهة السلاح رُسمت في جبينه، اشتد الاصطدام بينهم حتى كاد جومالي ان يطلق النار سلاحه حتى فرقهم ادريس مطلقاً بالهواء "لااان، تقتحم حيي وتهدد ابنائي بكل وقاحة!، اسحب رجالك واذهب من هنا قبل ان تندلع حرب هنا ولن تعجبك نتيجتها" تبادل ازار النظرات بحقد مع ادريس، ليأمر رجاله بالانسحاب، "جوليه جوليه ايها ال****" قالها جومالي مودعاً ازار، بينما طلب ادريس من ابناءه الدخول للمقهى واغلاق الباب، اخرج قطعة قماش "اجلس هنا وامسح تلك الدماء، جبينك ينزف" لم يناقش وفعل ما طُلِب منه، جلس ادريس مقابله ينظر اليه بحدة، بينما بادله صالح النظرات بخوف، مرت ١٠ دقائق بدون ان ينطق اي منهم باي كلمة، اخرج ادريس سلاحه ولقمه ووضعه امام صالح، اقترب ياماش ليمنعه ادريس "لا تتدخل" واعاد نظره الذي امامه "خذ اطلق ع رأسك، لماذا تنتظر ان يفعل ذلك شخص اخر؟" "بابا انا .." يقاطعه ادريس "لا يوجد اب امامك، هل الموت لعبة يا هذا! لعبة!، ماذا يعني استفزازك له ليطلق عليك امامي يا هذا! الا يكفيني الم ابن واحد سأعيش به طوال حياتي! اتريد مضاعفة المي! لان بالكاد دخلت حياتنا!" كان ادريس جاداً بطريقة مخيفة، اعاد سلاحه الى خصرة واخذ سبحته وخرج من هناك طالباً عدم اللحاق به، "لقد مرت الرصاصة بالقرب من رأسك ايها المجنون" قالها سليم بينما اقترب ثلاثتهم صالح الذي شرد بعيداً بعد ما حدث، "لولا اني سحبته من امام ابن ال*** والا لرفعنا جنازته، اقسم بالله انكم تخرجون المرء عن طوره" خرج كلاهما خارج المقهى بينما بقي ياماش بجانب صالح "انهم محقون، توقف قلبي عندما سمعت صوت الرصاصة!" تمام ياو سمعت بدل الكلمة الف، فهمت ذلك" "كان ناوياً ع حصاد روحك" "ياماش، والله فهمت" "ايه تمام صمت، هل تذهب معي؟" "الى اين؟" "سألتقي بصديق قديم في حانة بطرف المدينة" "يوك لا اريد، انا من هنا الى ابني" "ايه تمام، لكن ستفوت الكثير" "قلت لا لن اذهب يا بني"...
دخل صالح للبيت ليسمع صوت بكاء جونيور ملأ المكان، كانت سعادات تحاول اسكاته لكن عبثاً، فاقترب منها واخذه "اعطني اياه لارى ما باله، هل مرض او ما شابه؟" لتجيبه الاخرى بالنفي، اخذه وخرج من البيت ليتمشى به قليلاً بحديقة البيت، حتى هدأ وغفى بحضن والده والتقي هو الاخر بوالده بالصدفة "بابا!" "ها صالح هل فكرت بما قلته؟" "اجل، شي بابا اعتذر عما حدث" "لا تعتذر لي فانا في اواخر عمري، اعتذر الذي بحضنك، هل تريده ان يمر بما مررت به انت؟" "يوك، لكن بابا" يقاطعه ادريس "ادخل ابنك لينام بالداخل وتعال لنتكلم في مكتبي" "حاضر"..
دخل بعد دقائق لمكتب والده بعد ان طرق الباب "ادخل لارى" واكمل "جرحك ليس عميقاً اليس كذلك؟" ليجيب الاخر مطمئناً اياه "يوك مجرد خدش" "جيد، الان اخبرني ماذا كان يدور في رأسك هذا عندما كنت تطلب منه ان يطلق عليك" لم يجب الاخر "لم تكن تفكر اليس كذلك!" ليجيب الاخر بخجل "يوك، لم اتوقع انه سيطلق" "حقاً اي عذر هذا ايها الغبي!" "انا اعتذر حقاً ان اخفتكم" "لا تجعلني اعيش المك اولوم، لن اتحمل فقدان احدكم، بالكاد نعرفك يا هذا، انا لا اعرف حتى ما طعامك المفضل!" "مينيمم (البيض بالطماطم)" يرد غامزاً والده الذي استغرب الامر قليلاً... ليكمل "هل ستذهب معهم؟" "الى اين؟" "للانتهاء من ازار هذا" "اجل طبعاً كاد يضع رصاصة برأسي" هيا اذا لتتجهز سننطلق بعد ساعة "اوها هل بهذه السرعة؟" "اجل"...
انطلقو بعد مدة ليراقبو صفقة تبادل مخدرات بين ازار وتاجر اخر "لقد تمت ع نحو جيد" ما ان انهى كلاهما الاتفاق حتى انفجرت الشاحنة التي تحمل المخدرات وانتهى الامر باشتباك دار طويلاً بين ازار واخوته والطرف الاخر، "لان بيبي كيف وصلت للطرف الاخر بهذه السرعة؟" "لم افعل بل اكين من فعل، وضعنا الخطة وهو نفذها" فيثني عليه الجميع ليرد سليم "والان سيترك عنقنا وينشغل بخاصته" "ع الاقل لن يؤذي احد" "هذا المطلوب" ...
مرت فترة ازدهرت الحياة عندهم بالحفرة، كانت من افضل فترات الحفرة، ادريس حوله ابناءه وصديقه، ابناءه جسد واحد وهو روحه، قرر ياماش في يومٍ عاصفٍ و ثلجي القيام بفعاليات للاحتفاء باللباس الابيض الذي لبسته الحفرة، انقسمت الحفرة الى قسمين، لا احد يعرف من اين تضربه كرات الثلج، استغلو صحو السماء وبنو من القلاع البيضاء الكثير ورجال الثلج جيشاً كاملاً، كان صالح وسليم ضد ياماش وجومالي، كان هذا قراراً غبياً فتقريباً دفنهما جومالي في الثلج ذلك اليوم، كان ادريس يقف ع باب مقهاه يراقب الجميع بسعادة "جومالي، اتركهما قليلاً سيمرضان هكذا" كان يبتسم ويتذكر كهرمان، دخل المقهى وجلس مكانه، ركز رأسه للجدار واغمض عيناه قليلاً ... لحظات ووجد كهرمان امامه يقف ع الباب "بابا انهم يستمتعون كثيراً" "اجل يا بني، لما لا تذهب لتشاركهم؟" "ليش عدلاً ثلاثة ضد اثنين" فيجيب ادريس ممازحاً ابنه "اساساً اللعب مع جومالي ليس عدلاً انظر حولهما لرجال ثلج" يقترب كهرمان وجلس بجانب ابيه "بابا، سأطلب منك شيء، لا تقلق علي انا بخير وبجانبي عائلتي، وسآخذ هذا ايضاً سيكون بامانتي لا تقلق عليه" يعتدل بجلسه قلقاً "من ستأخذ؟" "بابا لا تقلق سيكون بخير" قالها كهرمان خارجاً من المقهى" ...
في ذات اللحظة استيقظ فزعاً ع دخول الفريق الخاسر مبلل تماماً "ياو ابي، لقد ابتللنا تماماً، اللعب معك غير عادل" "وهل انا من بدأ واصبت وجهك بالثلج؟" فرد سليم "لم تترك فتراً جافاً باجسادنا، لم تتوقف ع الوجه فقط"... استوعب ادريس انه كان يحلم، رفع رأسه باتجاه ابناءه "الى البيت سريعاً بدلو ملابسكم، (يشير لصالح وسليم)انكما ترتجفان، لا تمرضا الان خاصةً انت مناعتك ضعيفة (مشيراً لسليم)" فيجيب ياماش "لو رأيت ماذا فعل بهما جومالي ابي!" ليجيب الاخر مبتسماً "رأيت هيا الى البيت جميعاً"....
في اليوم التالي اجتمعو ع الافطار، لم يحضر سليم، فتفقده ياماش، وعاد الى المائدة "لقد مرض غالباً انه لا يريد ان يستيقظ" فاجاب ادريس "احسنت فعلاً جومالي، هيا اذهب وتفقد صالح" فيجيب متذمراً "ما دخلي انا!، لانهي طعامي ع الاقل ثم اذهب " "تفقده واجلبه معك لتكمل طعامك" "اوف حاضر بابا" تركهم خارجاً الي بيت صالح طرق الباب ودخل واصطدم بصالح ليقع كلاهما فوق بعضهما امام سعادات التي صرخت خوفاً "آبي! الا يكفيه ميدات! وانت ايضاً؟" نهض متأفأفاً "انظر امامك ع الاقل" ليرد صالح بصوت هامس "انت من اقتحم بيتي" نظر جومالي ممسكاً ضحكته "لا يوجد صوت؟" ليومئ صالح بالنفي "هل مرضت انت ايضاً!" لترد سعادات "لو رأيته ليلة امس ارتفعت حرارته وبالكاد تجاوب مع الدواء،. كنت ع وشك القدوم اليكم لكنه منعني" ليرد الاخر "والان؟" "زالت الحمدلله، يعني اخذ دواء قبل ساعة، لا اضمن ان لا ترتفع مجدداً" "تمام فهمت، هيا بابا يريد رؤيتك" يشير اه بيده "لماذا؟" "لان سليم مرض ايضاً، هيا ليكمل توبيخي لكن ع الاقل لاكمل طعامي، صحيح هل تناول طعامه؟" فتجيب سعادات "يوك لا يستطيع" "لما لا؟" "التهاب حلق او لوزتين غالباً" "فاي صالح يبدو ان احدهم سيبقى تحت عيني ابي اليوم" "يوك ...." قاطعه جومالي شامتاً "ماذا قلت؟ هيا لنذهب" .... مرت ساعة واخذ جومالي من والده محاضرة لم تنتهي، وخرجو للمقهى وبقي سليم بالبيت "سلطان سليم بامانتك، وانت ابقى بجانبي" "بابا لاذهب للبيت ارتاح هناك" فيجيب ياماش ساخراً "يا صالح لا تتكلم لا نستطيع سماعك ابداً" "خذ هذا سيفيدك" بينما اعطاه ياماش ورقة ليكتب عليها ما قاله فرد جومالي "ما هذا خط يدك لا يقرأ ايضاً!" استسلم بالنهاية وذهب معهم للمقهى، مر الوقت وذهب كل ياماش وجومالي للقاء ببائع اسلحة، بينما رفض صالح الذهاب لكونه بلا صوت بينما هو متعب بالواقع، حل المساء وكان صالح نائماً واضعاً راسه ع يديه، فاقترب ادريس متحسساً جبهته "صالح! هيا يا بني انهض، لنذهب للمشفى" ليرفع الاخر رأسه "هايير لا داعي، انا بخير" يقرب ايمي ويضع امامه كأس شاي "اشرب هذه حتى تمر لقمة من حلقك" يتفقد الاخر حرارته "ادريس الفتى يحترق، لنعطيه شيء يخفض حرارته" مرت عدة دقائق قبل ان ينهض للحمام مفرغاً جوفه، اسنده ايمي حتى اجلسه ع الكرسي "هيا الى المشفى" قالها ادريس لكن الاخر رفض قبل عودة اخوته "حاول ان تشرب شايك ع الاقل" مرت ربع ساعة وكأسه لازال كما هو فيقترب والده منه محيطاً كتفيه بذراعه بمعنى هيا انهض "هيا لا تجادل اعرف انك متعب جداً"...
بعد ساعتين، "بابا لانهي الدواء ونخرج أكره المستشفيات" "اجلس مكانك لن تذهب لاي مكان قبل ان يسمح لك الطبيب، كما ان حرارتك لم تنخفض بعد" قاطعهم دخول ياماش وجومالي "ماذا حدث لماذا انتم هنا؟ اخبرنا ايمي ولم نفهم" "ارتفعت حرارته، ولا يستطيع ان ياكل او يشرب فاحضرته الى هنا ع الاقل يجرون فحوصات ويعطون ادوية بالوريد" يقترب جومالي متفحصاً جبهة صالح ليبعد الاخر نفسه "جبيني ليست ممتلكات عامة، لم يبقى احد لم يلمسني" "لان! احترم نفسك يا هذا... ازداد طول لسانك مع الحمى!" ثم يلتفت للباقين "انه يحترق حقاً" ليرد ادريس "هذا ما اقوله، هيا انت اذهب الى البيت وتفقد سليم، ان كان بحاجة مشفى او ما شابه" الن تاتي؟" "لا آتي لاحقاً، ليحدثني ياماش عما فعلتم" ... "والله هذا ما حدث، لم يوافقو ع التسليم خلال يومين، يحتاجون اسبوع ع الاقل" "تمام تابعو الامر" قالها ادريس وهو يقترب من صالح معدلاً غطاءه ويتفقد حرارته "نام اخيراً، بالطبع ستتعب تلك الحمى جسده" "وحرارته؟" "بدأت تنخفض"....
مر يوم وحلت الليلة التالية، دخلت الممرضة ومعها الدواء "هل مجدداً! متى اخرج من هنا!" كان جالساً متربعاً فوق السرير و بجانبه سليم وياماش، لتجيب الاخرى ممازحةً اياه "عندما نستطيع سماع صوتك" "ها ها ليس مضحكاً" يرفع ياماش نظره اليه "ما بك مزاجك عكر؟" "اوووف، لا اعرف، اشعر بالضيق، ولا اعرف لماذا، اين جومالي ابي؟" "استيقظ بلا صوت ايضاً اليوم" ابتسم الاخر "لا تشمت فلم يصب احد منا بحمى كالتي اصبت بها انت" "بلى ياماش اصيب بالحمى" "لم يصل الحد لان يدخل اي منا المشفى" قالها سليم واكمل "يا اتتخيل موقف ابي من مرض اربعتنا سوياً" ليرد صالح "اتصل بجومالي ليأتي ويبقى هنا بما انهم قرروا فصلنا عن باقي العائلة اساساً"... مرت عدة ساعات قبل ان يدخل جومالي لتلك الغرفة ليجدهم نائمين صالح ويعانقه ياماش بالسرير وسليم ع السرير الاخر، يتفقدهم جميعاً "ياماش! انهض لارى" نهض مجيباً لاكبرهم "ماذا هناك آبي!" "حرارتك مرتفعة، لتذهب الى سريرك، والاخر يحترق!" طلب مساعدة الممرضة وبقي فوق رؤوسهم حتى تحسن وضعهم، دخل ادريس لاحقاً للغرفة ليجد جومالي يجلس بجانب صالح "كيف وضعهم؟" "كلاهما مصاب بالحمى، لكن هذا يحترق" "وانت؟" "انا بخير". يتفقد ادريس كلاً من ابناءه "ثم يعود ليجلس بجانب اكبرهم، "اين ستنام انت؟" "لا اعرف، اساساً لا مكان لي هنا" "سريره كبير يسع كلاكما" اقترب ادريس ماسحاً بيده ع جبهة صالح، ليستيقظ الاخر "بابا!" "كيف حالك اولوم؟" "اشعر بالبرد بابا" يجلس بجانبه ويسحبه لحضنه "هذا معناه ان جسدك يقاوم المرض اولوم تحمل قليلاً، اقترب مني لتفسح مجالاً لاخيك يجلس بجانبك" استجاب الاخر بهدوء، جلس جومالي بجانبه، استشعر حراره جسده وقشعريرته "بابا ان جسده يرتجف" "طبيعي، من الحمى التي تأكله" اقترب وجلس بجانبه ع كرسي واحضر ماء فاتر الى بارد وقطع قماش "لتنام انت قليلاً وانا ابقى بجانبه" "تمام بابا"، كانت ليلة طويلة لكنها مرت، نام جومالي بجانب صالح، واستيقظ صباحاً ليجده نائماً ع كتفه، انخفضت حرارته اخيراً، كان الباقيين يتناولون طعامهم بجانب والدهم "الا تستحون ع نفسكم! اني اتضور جوعاً هنا" "رأيناك نائماً فلم نرد ازعاجك" ليرد ياماش "ان استطعت النهوض دون ايقاظه تعال اساساً حسبنا حسابكم" "هل سنتركه نائماً! ليأكل لقمتين تمد جسده بالقوة" "اتركه يستجمع طاقته قليلاً" ، كان الهدف من ابعادهم هو عم انتشار المرض بين افراد البيت، لكن ادريس فضل مرافقتهم في تلك الغرفة، كانت تلك فترة تعارف وتقارب بين اربعتهم ووالدهم، والحمدلله مضت ع خير..
"اين انتم ؟" "في الطريق" "لان اين بالطريق اننا ننتظركم منذ عدة ساعات!" "آبي والله ها انظر اننا نركب بالسيارة" "هل وحدك ام كلاكما" "لا صالح معي" "انا هنا آبي" "لا تدعني اشتم كلاكما، ابي ينتظركما هيااا!" "حاضر آبي!" خرجت من فلم كلاهما سوياً، اغلق جومالي الهاتف "اين هما؟" "في الطريق" "اي طريق لقد تأخرا لعدة ساعات" "والله هذه هذه مشكلتهم لتربيهم قليلاً، تعاملهم كالاطفال دائماً" "اخرس يا هذا، هل تحاول ان تربني انت!" "حاشا حاشا!"...
"لتقود انت، مللت من الجلوس خلف المقود" "يوك ياماش، لتتعلم القيادة جيداً ثم انتبه هناك سيارة تلاحقنا منذ انطلقنا" "انتبهت انا ايضاً" زاد ياماش سرعة السيارة لتصطدم بهما سيارة اخرى ع المفترق الذي امامهما، تقدم عدد من الرجال وازالو كلا الاخوين من السيارة والى حافلة صغيرة ثم الى مكان مجهول ... في ذلك المقهى وصل طرد غريب في علبة 📦 حاول جومالي فتحها ليسمعو صوت ساعة وتبين ان هناك عداداً فيه، انتبهو لتلك الاسلاك الموصولة بباب المقهى المغلق وباب دورة المياة وحتى الشبابيك تمتد لما يشابه القنبلة، والعداد عليها بلا ارقام لكن يصدر صوت رنين، وكان هناك رسالة تقول "واحد او جميعكم، ازار"، في هذه الاثناء وصل اتصال لهم من البيت عن وجود نفس الوضع هناك، قنبلة موصولة بكل مداخل البيت وعداد بلا ارقام، كان جومالي يمشي ذهاباً واياباً "أهدأ لقد اصبتني بالقلق" "كيف أهدأ بابا! وصل هذا ال*** الى هنا و البيت، وصالح وياماش لا يجيبان، اختفيا وكان الارض ابتلعتهم" فيجيبه ادريس "هذا ما يقلقني يا جومالي، هذا ما يقلقني" كان ايمي وسليم يجلسان بلا صوت، يراقبان فقط...
رن هاتف داخل ذلك الصندوق فاجاب ادريس عليه ..
- الو من انت ؟
- ازار من سيكون غيري!
- ماذا تريد يا ابن ال***
- اردت ان اتاكد ان هديتي وصلتك، وستترك القرار لابناءك، اما ان يقتل احدهما الاخر اول تموتون جميعاً! سيبدأ هذا العداد بالعد فور عودتهما لوعيهما، وشيء اخر لا تحاولو فكها بنفسكم لاني اتحكم بها من هنا ايضاً، هيا الى اللقاء، اراك بالجحيم ادريس كوشوفالي...
يغلق الخط، ويتبادل نظراته مع ابناءه، بدأ عدهم واحد اثنان، ياماش وصالح مفقودان! دب الرعب في قلبه، ارتجفت اوصاله بالكاد استطاع السيطرة ع جسده من السقوط عندما امسك بطرف تلك الطاولة امامه "بابا! ماذا حدث؟" سأل سليم مسنداً والده "قال انه يجب ع احدهما قتل الاخر والا تنفجر هذه القنابل" "من! بابا من يستقل من؟" "صالح وياماش يا جومالي اخوتك" "ماذا تقول بابا!" "هذا ما قاله ع الهاتف، ولهذا لا نستطيع الوصول اليهم انهم بيده"...
في مكان اخر بارد بدا كأنه زنزانة حديدية فتح صالح عيناه بعد ان استشعر برودة الغرفة والم جسده بعد ذلك الحادث، نهض ممسكاً برأسه ليلاحظ الدماء التي طبعت ع يده، ينظر لجانبه ليجد ياماش فاقداً لوعيه ايضاً "ياماش، استيقظ هيا" مرت فترة قبل ان يستيقظ الاخر "ماذا حدث! اين نحن!" "لا اعلم بابناولو لا اعلم" تفقد كل منهما الاخر "هل انت بخير؟" "اظن ذلك، فقط صداع من قوة الضربة" "تقصد الحادث صالح، لقد دخلت فينا شاحنة، رأسك ينزف لهذا غالباً لا تذكر ذلك" كان يضع يده ع جانب صدره يشعر بالالم "يبدو ان احد اضلاعي كسر" "هل تجد صعوبة بالتنفس؟" "قليلاً..." قاطعهم ضوء تلك الساعة وصور او بالاحرى بث مباشر للمقهى، ثم نطق صوت عالي "في الصندوق هنا سلاح وفيه رصاصة واحدة، بمجرد انطلاقها سيتوقف عداد تلك القنبلة، ويوجد واحدة ببيتكم ايضاً، فاما احدكما او يبقى كلاكما فقط... الخيار لكما، معكم دقيقة واحدة" نظر كلاهما لبعضهما بخوف، نهض ياماش سريعاً واخذ السلاح بيده "ليس مجدداً ليس مجدداً لن اعيد الامر ذاته مجدداً" رفع السلاح الى رأسه، كاد يطلق لكنه لا يقوى، هل قتل النفس سهل!، ابداً، قفز صالح وحاول سحب السلاح منه ليتشاجرا والسلاح بينهما كانت الساعة قد وصلت ١٥ ثانية "آبي اطلق علي" "ابداً انت اطلق علي، لادفع ثمن فعلتي" "يوك يوك خلفك طفل وزوجة" "لقد قتلت اخاك يا هذا لتأخذ انتقامه" "لا تفعل صالح لا تفعل" "ياماش لم يبقى هناك وقت، اسرع هيا"...
كان العداد قد وصل ١٠ ثواني "يبدو انه لم يستطع اي منهما ايذاء الاخر" قالها ايمي ليرد عليه جومالي "لا لايفرط ايٌ منهما بالاخر" كان ادريس يقف امام ذلك العداد يدعو ان لا يتوقف، لا يستطيع عيش الم ابن اخر، لا يستطيع رؤية اي من ابنيه ينهار بسبب قتله للاخر مجبراً، لا يريد دفن جزء من روحه مجدداً لكن ما رآه اثبت مخاوفه "لقد توقف، توقف العداد!" شعر حينها ان روحه خرجًا وقلبه توقف، 00:01 توقف العداد تماماً...
كان ذلك السلاح بين جسديهما، صوتهما يعلو كل شيء حولهما حتى خرج صوت الرصاصة تلك تستهدف روح احدهما، "ياماش" "صالح" "هل انت بخير؟" ابتعد ياماش قليلاً تفقد نفسه ثم رفع نظره الذي امامه يمسك ببطنه والدماء تسيل من بين اصابعه، "الله كارسن الله كارسن، ماذا فعلت ماذا فعلت انا! ليس مجدداً ليس مجدداً" اقترب بسرعة والتقف الاخر الذي خانته قواه ووقع بين يدي اخيه، عانقه مسنداً اياه "صاالح! ع مهلك آبي" اخذه سريعاً لطرف الغرفة وضعه في حضنه وخلع قميصه ليضغط ع جرحه "ستكون بخير لن يحصل شيء" كان يصاب الهلع يبكي ويتنفس سريعاً "انت تنزف بغزارة ابي، بابناولو قل شيئاً ارجوك" كان لون الاخر قد شحب فعلاً وينزف بغزارة "ياماش أهدأ، انا بخير جرب ان تتصل باحد لعل الهواتف تعمل، كان صالح قد جرب مسبقاً لكن لا توجد تغطية، فجرب ياماش والتقط هاتفه بصعوبة "ج جومالي ابي، بسرعة بسرعة تعالو الى الموقع" يغلق الخط ويرسل الموقع في رسالة... يعود لينظر للذي بحضنه "صالح انا اعتذر اعتذر، لا تفقد وعيك سيأتي اخوتنا بعد قليل لينقذونا" "لما لم تتصل بالاسعاف!" "جربت لكن انقطع الارسال مجدداً، ابقى يقظاً تمام" يمد صالح يده ليمسح ع وجه اخيه ثم يمسك بيده واكمل بصوت متعب "اسمعني ولا تقاطع، ان حصل ولم انجو، لن (ابتلع ريقه) لن تلوم نفسك بابناولو، انا من ضغط الزناد، احسست بفوهة السلاح في جسدي واطلقت، شيء اخر، لن يطول عزائي عن ثلاث ايام، ذلك القدر يكفي، ادريس، ليكمل تعليمه بمدرسة خاصة وجامعة، ليتعلم الدفاع عن نفسه، لكن لن يحمل السلاح بخصره، ليكبر تحت جناحك كارديشم، ساديش، كن لها سنداً وحضناً ستتدمر" يقاطعه ياماش "ليست وحدها من سيتدمر بر (غصت الكلمات في حلقه) برحيلك صالح، ماذا سأقول لابي! لم احمي! يا هذا لم استطع حماية اي منكم! ماذا افعل بنفسي، كنت تركتني اذهب لا يوجد احد خلفي" يغلق صالح فم ياماش " هششت لا تتكلم هكذا، ان حصل لك شيء يتخل توازن هذه العائلة" مرت ربع ساعة وهو ينزف في حضن الاخر الذي يضغط ع الجرح محاولاً السيطرة ع نزيف اخيه "ياماش لما تتنفس بسرعة؟" "الا يكفي اني اجلس هنا اشاهدك تنزف للموت وانا لا استطيع عمل شيء!" "لا اقصد هذا ياماش، اصابتك بالحادث، قد تكون تتسبب بذلك، وتحتاج علاج سريع يا ياماش" "اتركك مني، انت لا تترك نفسك فقط" كان الاخر قد خارت قواه فهو يشعر بنزيفه يملئ جوفه ذلك بجانب النزيف الخارجي، كان يجاهد ليبقى يقظاً "باباناولو سامحني رجاءً" "ع ماذا صالح! انا من اطلقت عليك" ليجيب الاخر بتعب شديد " لاني اعدتك ملهذا العالم،وبسبب ذلك انت تعيش كل هذا، سامحني لاذهب وانا مطمئن من جهتك" "سامحتك، لكن لن اسامحك ان استسلمت الان" الا ان الاخر استسلم فعلاً، اغلق عيناه وارتخى جسده "ص بابنلول انظر الي ابقى معي! صااالح" كان يحرك جسده بسهولة كالجثة بين يديه، ما ان استوعب ان لا رجعة من هنا حتى صرخ المهم باعلى صوته، كان في هذه الاثناء قد وصل ابيه واخوته وشباب الحفرة وما ان سمعو صوت ياماش وهو يصرخ حتى ركض كل من جومالي وسليم سريعاً لمصدر الصوت ولحقهم ادريس و ايمي، كان الباب مغلقاً بل موصداً تعارك جومالي معه حتى فتحه، تجمد الجميع في مكانه فور رؤيتهم..
"(Gitti)"هذا ما قاله ياماش الذي شحب لونه وكان مكانه معانقاً جسد صالح رفض اقتراب احد منهم، صرخ بجومالي "لا تقترب، انت لا تحبه، ستؤذيه!" يسحب رأس صالح مقبلاً اياه، فيما اقترب سليم مفجوعاً بكمية الدماء التي ملئت الارض تحتهما "انه نائم، هادئ جداً، بابا تعال لتيقظه انت انه لا يرد علي" كان الدنيا قد توقفت بادريس هل ذهب صالح حقاً! اقترب جومالي ببطئ وحاول تفقد نبضه ليصرخ بهم "لازال حياً هيا الى المشفى سريعاً"، انتشله من بين يدي ياماش وهو يصرخ ع سليم ليسبقه للسيارة ، فيما قاوم ياماش لايريد تركه...
مرت دقائق قليلة قبل ان يدخلو المشفى حاملين اخيهم صارخين "نحتاج المساعدة" عدة مرات وشرحو الوضع للطبيب الذي سريعاً ما نقل اخيهم الى العمليات، "اغسل يداي واتي" قالها جومالي تاركاً سليم يقف في منتصف المكان لا يعرف ماذا يفعل حتى عاد جومالي واتجها لجهة غرفة العمليات "هل سينجو؟" سأل سليم، كانت النظرات التي رد بها جومالي كفيلة بالنفي، "لا تقلها ابي!" "إن شاء الله ينجو، لكن اصابته قاتلة يا سليم، نزيفه الداخلي اكثر من الخارجي، بطنه مليء بالدماء هذا ما احسست به، ثم انظر حملته لدقائق وصبغت باللون الاحمر، هذه المرة الثانية خلال اشهر ونفس الحادثة" قاطعهم ياماش الذي تهجم ع جومالي "سينجو، سينجو، صالح سيعود الينا وسيكون اقوى! ماذا تهذي انت ماذا تهذي! انا لم اقتل اخي بيدي!(يصمت لثواني يدرك فيها سوء وضعه ثم يعود باكياً) هل قتلت اخي بيدي! بابا هل قتلت اخي! هل قتلت ابنك بابا!" كان ادريس صامتاً بطريقة مخيفة "اولوم اذهب واغسل وجهك ويديك بالماء البارد وعد الى هنا، لتهدأ قليلاً" "لكن!" "هيا ياماش لتذهب"...
غاب ياماش ربع ساعة وعاد مع خروج الطبيب من تلك الغرفة، خرج بسرعة هذه المرة، هل يحتاج دماء! لا فلن يترك المريض ع طاولة العمليات ليطلب دماءً كان سيأخذ من بنك الدم، هل انتهى بسرعة! مستحيل! خروجه بسرعة لا يعني الا ان من بالداخل لم ينجو، كانت نظراته تترجم ذلك اساساً "تلك الرصاصة اصابت وريد رئيسي في جوفه واستقرت بجدار الشريان الذي تمزق لاخقاً خلال مدة ما بين الاصابة الى نقله ونزف ع الطاولة حتى انتهت دماءه، لم نستطع انقاذه اساساً اصابة كهذه قاتلة، بسلامة رأسكم" لم يتحمل ادريس سماع خبرٍ كهذا خذلته اقدامه ليسقط فيمسك به ابناءه "بابا!" واجلساه ع كرسيٍ يمرر الجمر ع قلبه، سيعيش ذات الالم مجدداً... "هايير، صالح بخير، ابتعد من امامي لاراه، اريد ان اراه" "ستراه في المشرحة" "لان اي مشرحة! صالح بخير بخييير لاراه واقنعكم انه بخير" تهجم ياماش ع الطبيب ليسحبه جومالي طالباً من الطبيب تلبيه طلب ياماش "لدقائق فقط حتى يصدق" "تمام" دخل كلاهما بخطى ثقيلة لتلك الغرفة التي ملئت الدماء ارضيتها وفي منتصفها جثة تقوم الممرضة بتجهيزها لنقلها لثلاجة الاموات... كان جسده هامداً بلا روح، فحتى فارتولو لم يقاوم هذه المرة، انتهت الى هنا حكاية ذلك الفتى، اقترب جومالي رافعاً الغطاء عن اخيه ببطئ دمعت عيناه فوراً بينما تجمد ياماش مكانه، كان شاحباً جداً حتى شفاهه بيضاء، كالشبح تماماً، امسك ياماش يده لكن لم يضغط الاخر عليها "صالح انهض لارى" لكن لا رد "ابي انه لا يرد، لماذا!" "لانه ذهب بيبي، صالح ذهب الى بارئه وهذه جثة فقط لا روح فيها" كان ياماش يحرك راسه يميناً ويساراً رافضاً لما يقوله جومالي، اقترب وسحب صالح لحضنه معانقاً اياه "بارد جسده بارد اعطني سترتك نغطيه" مسح ع شعره وقبله ساحباً رائحته لجوفه يدرك ان هذه اخر مرة يعانقه حتى لو لم يبادله الاخر العناق، "ياماش يكفي ارجوك، هيا لنخرج" سحب جسد صالح من بين يدي ياماش، لثم رائحته هو الاخر فهو بالكاد تقبله ليُخطف من بين يديهم هكذا... خرج كلاهما يجران اذيال الخيبة والحزن لحيث والدهم، تبادل الجميع النظرات فقط، صمت مخيف عم المكان كسره صوت ارتطام جسد بالارض "بيبي!"...
كان الاخر قد فقد وعيه من هول ما مر به، قد تبين من الفحوصات ان جسده سليم فقط رضوض، اخرجوه بعد ساعات، ليحضر جنازة اخيه، مشى صوت بين ازقة تلك الحفرة ينعى فقيدهم "صالح كوشوفالي مات، فارتولو قد قُتل" وتباً لحياةٍ ناقصةٍ عاشها وحيداً، حمل اخوته مقدمة ذلك النعش، بينما وقف ياماش امام الجميع مانعاً اياهم من الذهاب "لن تأخذوه، لن تأخذوه، لن تخرجو صالح من هنا" تدخلت سلطان بهذه اللحظة بمساعدة ايمي واخذو ياماش للاعلى، بقي يتخبط بين يديها حتى احضروا طبيباً اعطاه مهدئ فنام قليلاً...
وضع ادريس ابنه قليل الحظ تحت التراب ودفن قطعة اخرى من روحه، ثقل الحمل ع صدره، لا يقوى ع هذا الالم، كان يبكي بصمت، يجلس ع شرفة المنزل، جلس جومالي بجانبه "بابا، ماذا تفعل هنا!" "اختنقت بالداخل، هذه الجدران تضيق علي، كيف اصبح ياماش؟" "لازال نائماً" "انه يهرب من الواقع يا بني، لتكونو بجانبه، فهو بحاجتكم، لن يتحمل ذنباً كهذا" "اعرف بابا، اردت ان اسالك، هل انت بخير بابا!" كان كلاهما يبكي "هل انت بخير جومالي؟ انت من كان يرفضه والان تبكي فراقه بحرقة!" "اوف، كم اتمنى ان يكون هذا مجرد كابوس فقط، ان استيقظ واجده امامي يجادلني بكل صغيرة وكبيرة، لكن!" "قدره الاسود، هذا الفتى لم يرى يوماً سعيداً بحياته، قتلت امه امامه، تشرد، كبر بعيداً عن عائلته،عاد لينتقم، فقتل كهرمان، هذا الذنب كاد يقتله، قُتل بالنهاية ع يد اخيه الاصغر، اوف صالح ماذا فعلت بنا اولوم" ليرد جومالي معاتباً "لو تركتني اطلق ع رأس ذاك اليوم لما حدث هذا" "اوف اولوم، اشعر بنيران هنا" مشيراً لصدره، واكمل "انه اكثر من دفع ثمن اخطائي يا بني، دفعه عندما ولد وعندما كبر يتيماً وبعيداً هنا والان" قاطعهم ياماش الذي يبدو بحالٍ مزرية مترنحاً شاحباً عيناه شديدة الاحمرار واضح انو بكى كثيراً "اريد ان اراه، امي لا تسمح لي بالخروج الا معك آبي" فاجابه جومالي الذي نهض واجلسه مكانه "من تريد رؤيته بيبي!" "صالح، الم اق، اريد ان اراه" دمعت عيون جومالي "لكن الوقت متأخر بيبي والجو بارد ستبرد" "اتخاف علي من البرد! الم تضع صالح بتلك الحفرة وترمي التراب فوقه! الا تذكر كيف مرض في اخر مرة برد فيها! الن يمرض هو! (بكى مجدداً، وسمع صوت بكاء ادريس بالداخل) يااا ادريس اصبح يتيماً بسببي! لما تفعلان هذا بي بابا! انت اولاً كدت اطلق عليك، والان صالح! لقد اطلقت عليه مرتين! وفي نفس المكان تقريباً!" جثى ع الارض وامسك يدا والده "لتأخذ انتقامه بابا، قت، اطلقت النار ع ابنك بابا ارجوك ارحني من هذا الحمل بابا، ارجوك"انتقل الى جومالي "لا احد يلومك بيبي" لكن الاخر امسك به يترجاه"ارجوك لتوقظني من هذا الكابوس، ارجوك آبي" جثى بجانبه ويحبه لحضنه "سيمضي بيبي سيمضي" قاطعهم ادريس الذي كان يحمل 🍼 ويمشي بالبيت وهو يبكي "بابا، بابا نارده" خرجت سعادات خلفه وهي تبكي "بابا، لا اعرف بما اخبره، اساساً كان صالح فقط من يعرف كيف يسكته اغلب وقته" تبادل جميعهم النظرات واكملو بكاءهم ع فقيدهم، فيما اخذ سليم ادريس وحاول شرح الامر له، ماذا سيفهم ابن العام بالموت؟ والغريب انه هدأ في حضن عمه، ونام كما كان يفعل مع والده، مسح جومالي دموعه ونهض "لن يغلق لي جفن قبل ان اخذ بثأر اخي ممن يتم ابنه، ياماش سليم اخبرو الجميع ان يتجهزو سننهيهم قبل ان يحل الصباح" وفعلاً انطلق الحي باكمله وحاصرو بيت ازار وانهوه هو وسلالته خلال ساعات فيما سحل جومالي ازار الذي ابقاه حياً ووضعه امام ادريس ع مدخل المقهى "سلم رأسك ادريس بيه، سمعت انك فقدت احد ابناءه، غالباً كان اعزهم ع قلبك" اطلق ادريس النار بدون ان يفكر حتى وسقط الاخر قتيلاً...
دخل للمقهى بعد لعت نفسه وضاق صدره، سقط ادريس ارضاً امام ابناءه، واستيقظ لاحقاً بالمشفى "فحوصاته طبيعية لكن يبدو انه تعرض لضغط بالاونة الاخيرة، هل حدث شيء؟" "فقدنا اخونا قبل يومين" "سلم رأسكم" "سلم الاصدقاء"... دفن 🪦 صالح ودفنت لعنته معه، كم ان حظه قليل، تبين لاحقاً ان ادريس لن يكبر لوحده فان له اخوة من صلب والدهم فتاة وولد، ايه كم كان سيكون سعيداً لو حدث هذا ع حياته... لكن لا تسير الرياح بغير ما تشتهيه السحب..
وردهم اتصال من الطبيب الشرعي مفاده، ان صالح كان مصاباً بنزفٍ دخلي بسبب كسر في قاعدة الجمجمة، وهذا عادةً ما يكون نزيف صامت ويحصد الارواح لا علاج له، مما يعني انه كان سيموت مع الرصاصة او بدون، لكنه ع الاقل حمى عائلته... وكان فرداً منها...
نلتقي في حكاية اخرى 🦋