Ep5

204 17 5
                                    

.. الحب ليس رواية يا حلوتي..
.. بختامها يتزوج الأبطال..
.. هو هذه الازمات تسحقنا معا..
.. فنموت نحن و تزهر الآمال..
.. هو هذه اليد التي تغتالنا..
.. و نقبّل اليد التي تغتال..

نزار قباني

................................

يركض بحصانه الأدهم الشديد الإسوداد و عيناه تشعان غضبا، خوفا، قلقا و تكذيبا مما سمعه قبل قليل، كان سيقضي على حياة ذلك الحارس الذي أنبأه بالخبر ، شادّا على عنقه ليخنقه، متهما إياه بالكذب و تلفيق الإيشاعات عن الأميرة، فلولا تدخل علاء صديقه لكان تهور فعلا مرتكبا جريمة هوجاء.

كان يوما ممطرا بغزارة، قطرات المطر تنساب بإرتياح على تقاسيم وجهه الخشن ، و الرياح الباردة تضرب على شعره الفحمي الطويل حدّ العنق ، و كأن الطقس يستفزه ببرود ليعاكس براثين الحمم التي تنصهر داخله.

اوقف فرسه ليدخل قصر عمته، صارخا بكل ما يملك من قوة مناديا على آزر ، تجمع الخدم عند الردهة بهلع من هذا الصراخ ، تبعتهم أمّ ليالي و خلفها إبنها البكر " آزر" .

ركض شمس مسرعا يشدّ على ياقة قميص إبن عمته ، و بغضب ممزوج برجاء و تهديد قال:" أين هي ليالي يا آزر؟ أخبرني أنها هنا و قد عدتم معا، أجبني أين تكون؟ "

ثم نظر بالأرجاء متفحصا وجوه من حوله قائلا:" أنا لا أراها بينكم، لابد أنها في جناحها الخاص أليس كذلك؟"

لم يجرأ الآخر على رفع وجهه ، إنسابت دموع من مقلتيه جاهد كثيرا على حبسها ، لكنها أبت إلا أن تفصح عن ضعفه و قلة حيلته، بقي على حاله دون أن ينطق بشيء ليكرر شمس سؤاله بصياح هادر:"
أجبني، أخبرني انها هنا أيها الأحمق."

أزاح ببصره يناظر عمته التي تبكي بحرقة تأملته بعينين مترجيتين بأن يتوقف.

حينها جلس بضياع على ركبتيه متأملا الفراغ حوله، هذا ليس حقيقي ، من غير الممكن أن ترحل و تتركه تائها بهذه الطريقة، لا يعلم أحية أم ميتة هي، أحدث لها مكروه ما او عاملها أحدهم بمهانة و أذى، رفع رأسه يحدق بأخيها متمتما:" حسبتك أمينا يا آزر، حسبتك رجلا يعتمد عليه، و لكن ماذا في الأخير، فرطت بأختك الوحيدة بكل وضاعة."

نهض متجها إليه و هو يقبض على فكه بقوة مهددا:" لن أسامحك أبدا، صدقني، ستدفع ثمن فعلتك هذه غاليا".

خرج يجر أذيال الخيبة وراءه، منكسرا، محطما لا يعرف كيف السبيل إليها و لانقاذها .
وقف عند صور الحديقة و هو يلكم جدارها بعنف مرددا بتيهان:

"غبية، غبية، غبية، أخبرتك أن لا ترحلي ، لماذا انت عنيدة لهذا الحد ، لماذا؟ ، آخ لو كان بيدي لخبأتك بين أضلعي و ما كان ليجرؤ مخلوق على ان يلمح ظلك حتى، اين ذهبت عني فقط أخبريني أين؟ "

جارية حرة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن