الفصل الثالث ( الجزء الثاني )

183 6 5
                                    




الشيء الوحيد الذي يقسم  بعدل في الحياة هو السماء التي تعلوا جميع البشر في كل زمان و مكان ...

اما بقية الأشياء فكل له نصيب مختلف وغير عادل فيها ...

حتي الارض بعضها كريم تفيض بالخير وتغرق بها أصحابها ، والبعض الاخر بخيل يجوع أصحابه حتي موتهم فتكون مقبرة لهم ...

كان عُقاب جالس في غرفته ، بعد أن عاد من صلاة الفجر في الجامع ، الصداع يضرب برأسه حتي يكاد يقتله ، فقد مر ايام علي اختطاف استبرق وحتي الان لا يستطيع العثور علي أثر لها او لكريم ، شعوره بالعجز لأول مره يخنقه فكل الطرق أمامه مسدوده ...

منذ يوم الحادث وهو يراقب بيت عمه عبدالكريم وكل الأماكن التي يمكن أن يعثر فيها علي خيط يوصله لكريم و استبرق ، حتي انه ألتقي بعمه وطلب منه التواصل مع كريم وتعهد له بعدم اذية كريم ، لكن عمه رفض ودافع عن ابنه كما هو معتاد ورفض اي اتهام يوجه لكريم ، من ما زاد غضب عُقاب واحساسه بالعجز عن حل الأمر و حماية استبرق ، مما جعله يقسم ان يقتل كريم هذه المرة ولن يرحمه مهما حدث ، لقد صبر وتسامح مع كريم كثيرا في السابق ، مرة لأجل كلمة والده عبد الرب ومرة لأجل عمه عبد الكريم ومره لأجل اسم العائلة ، واخر مرة لأجل فرح الصغيرة ، لكن هذه المرة لن ينجوا من تحت يديه مهما حدث ، اخر مره واجه كريم كانت قبل طلاقه من استبرق بعد حادثة اقتحام منزل المزرعة الذي سجن كريم استبرق وفرح فيه ...

لا زال جسد عُقاب يقشعر لذكري ذلك الحادث ، لقد استيقظ قبل الفجر علي مكالمه من وهب ، ليبلغه أن حارس مزرعته ابلغه ان هناك رجال مسلحين اقتحموا منزل كريم ، وأن استبرق هربت منهم وموجوده في منزل حارس الارض ، لم يصدق الأمر الذي كان غير معقول بالنسبة له وقتها فكريم مهما كان سيء ومستهتر فلن يخاطر بزوجته وابنته ، او هذا ما كان يعتقد عُقاب في ذلك الوقت ، انطلق عُقاب مع عوف أبن عمه لمزارع الضاهر ، يتجه لبيت الحارس المسؤول عن أرض وهب والتي تبعد مسافه ليست بقصيرة عن البيت الذي احتجزت فيه استبرق ، كان موقف لن يذهب من ذاكرة عُقاب ابدا ، انهيار استبرق بين يديه والايام التي قضتها في المشفى بعد الحادث ، فقد أصاب استبرق وابنتها حمي شديدة ، بسبب الجو البارد الذي هربت فيها استبرق ، وبقيت لساعات تجري وسط الأراضي الزراعية الغير ممهدة ...

يتذكر فحصه ورجاله للمنزل الذي كانت فيه استبرق ، وقد ظهر علي المنزل علامات الاقتحام ، لهذا تأكد أن ما تقوله استبرق صحيح ، رغم ان كريم انكر حديث استبرق وقال انه كان معها طوال تلك الأيام لكنه خرج صدفه قبل حدوث الاقتحام ، وكانت كلمه استبرق أمام كلمة كريم وعُقاب صدق استبرق ، فعيني كريم دائما كانت تفضح كذبه امام ، لكن عُقاب كان بحاجه لدليل ضد كريم ، لهذا تتبع اثر مصوغات استبرق التي سرقها المقتحمون ، حتي أستطاع الوصول لهم بطرقه الخاصة ، واعطاهم جزائهم الذي لن ينسوه ابدا ، بعد أن اعترفوا انهم كانوا يلحقون كريم بسبب ديون بينهم بعضها بسبب لعب القمار والبعض الاخر بسبب المخدرات التي يتعاطها كريم ...

كاد يكسر رقبة كريم في ذلك الوقت ، وكانت المرة الأولي التي يتصادم بها عُقاب مع عمه عبد الكريم الذي كان ينصر ابنه علي استبرق ، لكن عُقاب لم يتراجع رغم علمه أن والده سوف يقف في صف عمه وكريم ، واستمر الصراع بينهم حتي نطق عبد الرب بقراره والذي لم يتوقعه أحد ، فقد أنهي الأمر وامر بطلاق استبرق من كريم ، كما اعطي عُقاب الوكالة عن كل أمور استبرق وشراء بيت أمن لها وابنتها بعيدا عن كريم ومشاكله ، وقد نفذ عُقاب ذلك قبل موت والده عبد الرب بأيام ...

ربما كان موافقة عبد الرب علي طلاق استبرق هو القرار الوحيد الذي نصر به ابنته طوال حياته ، وانتقلت استبرق للعيش في العاصمة وهي ذات المدينة التي كانت تسكنها قبل وفات والدتها ، واشتري لها عُقاب منزل اختارته استبرق كما أمره والده واستمرت حياة استبرق علي ذات الحال لسنوات بعيدا عن بيت الضاهر ، وأعتقد عُقاب كما أعتقد الجميع أن كريم سيختفي من الصورة تدريجيا بعد ابتعاد استبرق عن المدينة والعائلة ، وزواجه هو من ابنة خالته ، لكن العكس هو ما حدث وقد زاد ظهوره في حياة استبرق محاولا إقناع اخوتها بإرجاع استبرق لأجل فرح ابنتهم وأنه لن يعود لطريقه السابق ...

لكن عُقاب كان يعلم بكذب كريم وانه لا يزال علي ذات حاله القديم بل يزداد تورطه في طريق القمار يوم بعد الأخر ، وكان عمه عبد الكريم يجيد التغطية علي فضائح كريم وتصرفاته بدل من إصلاح كريم واعادته للطريق الصحيح ، لهذا لم يكن عُقاب ليوافق علي عودة استبرق لكريم ، حتي لو دفع كريم وزن استبرق ذهب ، غير ذلك فإن استبرق لم تكن لتوافق علي رجوعها لكريم تحت اي ظرف ، حتي لو كان آخر رجال الارض ...

لكن ما فعله كريم وخطف استبرق لم يكن ليظهر في أشد كوابيس عُقاب سواد ، كانت ضربة غدر  تجاوز فيها كل التوقعات التي يمكن أن تخطر علي عقل ، كان عُقاب يحرك حبات المسبحة وهو يفكر في الأمر عندما طرق أحدهم باب جناحه ليسمح للطارق بالدخول وهو لا يزال علي ذات جلسته ، دخل وهران الذي يظهر عليه أثار التعب و الإرهاق هو الأخر منذ يوم خطف استبرق ، جلس وهران أمام عُقاب واخبره كل ما حدث في مقابلته مع صديق كريم ومعرفته لبيت المرأة التي يرافقها كريم ( تفاحة ) و حديثه مع نيرة وصور السيارة التي يركبها كريم ، وابلغ عُقاب أن نيرة سوف تبلغه في المرة القادمة عند حضور كريم لكي يستطيعوا القبض عليه قبل أن يختفي مجددا ...

لكن عُقاب فكر ان وقت حضور كريم القادم سيكون مجهول ، ربما بعد يوم وربما بعد شهر وهم لن يستطيعوا تحمل الانتظار أكثر ، تحدث عُقاب وهو يحرك حبات المسبحة

" سوف أتولى أمر المرأة ابقي انت بعيدا عن الأمر يكفي دخولك لأرض تتبع أبناء نعمان "

ظهر علي وهران الاستياء لكنه لم يجادل عُقاب وخرج من الغرفة ليبقى عُقاب بمفرده يفكر في الخطوة القادمة قبل أن يخرج هاتفه ويرسل رسالة لعوف ...

الوجه الاخر للعدالة " مُغْتَصِبها اخي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن