الساعة 9 مساء، انطلقت أصوات الموسيقى الهادئة و اشتعلت الأضواء التي وضعت للزينة لتعطي لبوابة القصر مظهرا بهيا خاصة مع الحديقة المحيطة به، كانت مزينة بمختلف الأزهار النادرة ذات الألوان البهية و البراقة ذلك لأن الجدة تحب الاعتناء بها.
حينها بدأ الحضور في المجيء واحدا تلو الآخر
حاملين بين أيديهم بطاقات دعوة سوداء مطرزة باللون الذهبي ، ثم يمررونها للحارس ذو البنية الضخمة و الملابس السوداء قبل أن يسمح لهم بالدخول أما في الخارج احتشدت الصحافة منتظرين فرصة لالتقاط بضع صور يضعونها في الجرائد و الأخبار.أثناء ذلك كان كل فرد من عائلة ريشيه يرحب بالضيوف غير شخص واحد و هو لوكاس العابس.
احتشدت حوله الفتيات الصغيرات من كل صوت بأمر من أمهاتهن و آبائهن و حتى لو لم يفعلوا فإن مظهر لوكاس لوحده كاف لجذبهن إليه، ببدلته السوداء الأنيقة و شعره المصفف بعناية و ملامحه الطفولية و الحادة بنفس الوقت.
"أريد أن أعود إلى جانب أيان" تمتم لنفسه و تنفس بضيق حينها سألته إحدى الصغيرات
"لولو ما رأيك في فستاني الجديد لقد اشتريته من أغلى محل في باريس" انتبه لها لوكاس للحظة و نظر لها من أعلى إلى أسفل مشمئزا من نبرتها المغرورة.
من هذا الذي تنادينه بلولو؟ ثم إنه قبيح كوجهك و الآن عن إذنكن" قالها باحتقار طفولي بينما يرفع أحد حاحبيه ثم هرب بعيدا تاركا خلفه الصغيرة التي راحت إلى والدتها تبكي.
اقترب من عمته التي كانت تجلس مع صديقاتها، يضحكن على أحد المواضيع السخيفة و سألها بتجهم:
"ليليانا أين هو جدي لما لا أجده ؟ "
انتبهت لوجوده بجانبها لكنها عبست حين ناداها باسمها دون عمتي، فأمسكت خديه المنتفخين على حين غفلة و ابتسمت بانتصار: لقد أمسكتك، كم مرة أخبرتك أن تناديني عمتي و ليس باسمي أيها الشقي اللطيف
حاول قول شيء ما لكنه خرج على شكل تمتمات غير مفهومة، توقعت ليليانا ما قاله لكنها استمرت في شد حنكيه متساءلة بعدم فهم مصطنع : ماذا؟ لم أفهم ما قلته.
حاول مرارا و تكرارا لكن ليليانا تابعت تعذيبها له فقد بدا لطيفا و هو عاجز عن تخليص نفسه، حينها بدأت رفيقات ليليانا اللواتي كن يراقبن منذ البداية بالضحك
شعر لوكاس بالعار و تبللت عيناه بالدموع ، رأت ليليانا ذلك فابعدت يديها بسرعة، وضع كفيه الصغيرين على حنكيه لحمايتهما من عمته المتوحشة و تخفيف الألم.
ابتعد عنها مسافة أمان قائلا: سأنتقم منكي يا وحش الخدود ثم فر هاربا تاركا إياها في صدمة من الاسم الذي اطلقه عليها.
أثناء ذلك كانت الجدة ترحب بأخيها الأكبر الذي جاء رفقة أبناءه و أحفاده من فرنسا ، اقتربت منه محتضنة إياه باشتياق مرددة بحرارة و دموع دافئة: " اشتقت لك أخي ما كل هذه الغيبة"
أنت تقرأ
للقدر رأي آخر
General Fictionتخيل معي ان تنفصل عن عائلتك لتبقى وحدك تصارع قسوة الأيام فقط بعد ان كنت تمتلك سندا و منزلا دافئا يؤويك وجدت نفسك بين أرصفة الشوارع تكافح من أجل قطعة خبز تسد بها جوعك. بينما كان غيرك يلعب و يدرس و يحتمي بدفئ والديه غارقا في أحلامه الساذجة كنت انت مض...