5

176 18 24
                                    

الساعة الخامسة صباحا، لا يزال الجميع نياما إلا هو خرج من غرفته ببدلته السوداء و شعره المصفف بعناية متجها نحو الدرج لكن قبلها توقف أمام إحدى الغرف بآخر الممر الطويل.

وضع يده فوق مقبض الباب بتردد، ما كاد يحركه ،
حتى تراجع إلى الوراء قليلا بذهول. حرك رأسه بيأس
و غير وجهته إلى خارج الفيلا في صمت رهيب و من يدقق في عينيه سيرى جحيما من نيران الغضب مغلفة بأشواك من الألم.

فتح باب سيارته و انطلق إلى شركته، ليغرق نفسه في أكوام من الأوراق لعله يلهي عقله قليلا.

عند الشرفة وقفت سيدة في منتصف العمر بشعر أشقر طويل و عيون زرقاء باهتة تراقب زوجها الذي غادر بصمت. تمتمت في نفسها "إلى متى يا أرمان؟ أكثر من عشر سنوات لم تطأ فيها قدمك غرفة ابننا و لو لمرة، لا أظنه كان ليسعد بذلك" ابتسمت ببهتان تلته دموع حارة تعلمت اخفاءها جيدا.
_________________________________________

ألم أحذرك من أن أراك هنا مرة أخرى أيها القذر.

"أرجوك سيدي قطعة خبز واحدة اختي ستموت جوعا، ارأف بحالها سيدي، إنها بعمر ابنتك "

إلى الجحيم أنت و هي كيف تقارن ابنتي بكم أيها الحثالة!؟ صرخ رجل في منتصف العمر في وجه صبي هزيل الجسد ممزق الثياب و دفعه عنه بتقزز متمتما" تفشت الجرذان في كل مكان هذه الأيام"

لملم الصبي شتات نفسه منكسرا و متألما، أمسك يده التي جرحت عند وقوعه على الأرض القاسية و الباردة كحياته، ثم جر قدميه المصابتان بمختلف الكدمات نحو الزقاق الخلفي، ذلك الزقاق الذي كان مختلفا تماما عن الشارع الرئيسي ذو الألوان المشرقة و المحلات الضخمة مجرد السير فيه سيشعرك بشرارات الدفء و الأمان.

أما هذا المكان المظلم فقد جعلت برودته جسد الطفل يقشعر خاصة حين اجتاحت الكثير من النظرات المفترسة جسده الهزيل مما جعله يسرع بخطواته اتجاه خراب منعزل. حيث لمح أخته الصغيرة مرمية على الأرضية المتسخة، متكورة على نفسها بشحوب و قد شاركته من الهزول و الكدمات قدرا كبيرا.
_________________________________________

"أرمان، صغيري ألن تتناول عشائك؟"

قالت الجدة لابنها بقلق حين لمحته متخطيا طاولة العشاء نحو الدرج المؤدي للطابق العلوي.

توقف مكانه ثم التف إلى والدته و غصب نفسه على الابتسام في وجهها المجعد الشاحب.

"لقد تناولته في الخارج لدي بعض الأوراق لأنهيها ثم سأنام تصبحون على خير"

وضع لوكاس الشوكة التي كان يحملها في يده على الطاولة بغضب مما أصدر صوتا عاليا في الصالة التي كان يعمها مجرد الصمت يليه صراخه بامتعاض: تبا له لما يعاملنا ببرود هكذا ؟ ألسنا عائلته؟

"اصمت لوكاس، إنه والدك !" وبخت إيما بغضب ابنها الأكبر.

"نعم، اسكتيني ككل مرة، والدي بالاسم فقط أم ماذا ؟ لم أره يوما يقوم بشيء من أجلنا! هل عمله اللعين أهم منا ؟؟ "

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 12, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

للقدر رأي آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن