7- شواطيء الرحيل

972 6 0
                                    

واااااااه أندلسَ
واااه وطنٌ ضاع من بين أيدينا.
واااه دماءٌ سفكت على ترابكِ، ورجالٌ بواسل فقدوا على أرضكِ، وهويةٌ تلاشت، وتراثٌ ضاع...

أنعي إسلامً فُقد على أرضكِ، أنعي رجالًا فقدوا أرواحهم دفاعًا عنكِ، أنعي أمةً هُزمت بخذيها.
ذبحوكِ ثم سلخوكِ منّا كما تُسلخ الشاه بعد ذبحها، أعطوكي إسمًا وهوية مزيفة.
سرقوكِ وألبسوكِ الثوب الصليبي.

يدمي قلبي ألا أعاصر مجدكِ، ألا أشتم عبق الإسلام فيكِ، وألا أفخر بأمجاد المسلمين على أرضكِ.
يدمي قلبي ألا أسمع الآذان يرفع في مآذنكِ، وألا أري صلاة العيد في مساجدكِ.
يدمي قلبي أننا لم نهب لنجدتكِ، وتركناكِ لقمة سائغة للعدو الصليبي، ولم أتشح الأسود لأنعى مجدًا غمر ثناياكِ.
ولكنك كنتِ ولازلتِ الأندلس عزة ومجد أضاعه المسلمون.
وااااه أندلس، واااااه فلسطين، وااااه العراق، وااااه أفغانستان، وااااه ليبيا، وااااه اليمن، وااااااااه...

هيا بنا نمسح بعض الغبار المتراكم عن تاريخنا، هيا بنا لنزيل بعض الغمام عن عقود ولت ولم نعلم عنها شيء، عن أبطال ماتت دفاعًا عن دينهم وعرضهم وأرضهم، عن مجازر حدثت في حق إخواننا، عن ما حدث وما يحدث وما سوف يحدث إن لم نتعظ.
أعود لكم اليوم برواية تاريخية رائعة للكاتبة المبدعة رشا عدلي، أول رواية أقرأها للكاتبة وقد سحرتني وأثارت بي مشاعر عميقة، ولقد حزنتُ كثيرًا عندما قرأت هذه الرواية ووجدتها بهذه الروعة ولكنها للأسف لم تأخذ حقها في الشهرة، فرواية مثلها لابد أن يقرأها الكثيرون.

أذهلتني الكاتبة بفكرة الرواية المميزة، وكيف أنها استلهمت من خبر -قد يمر مرار الكرام على الكثيرين منّا- قصة رواية أكثر من رائعة، فقلب الحقائق والتدليس لتشوية الوقائع وحقائق الأمور هو سمة المستعمر.
بلورت الكاتبة فكرة قناص أمريكي مشهور مجده الكثيرون -حتى أنهم أنتجوا فيلم خاص عنه-، وساقت من ورائه حقيقة ما حدث من قتل للمسلمين في العراق لدوافع أمريكية خفية، الكثيرون منّا تجاهلها، وربطتها بما حدث في الأندلس قديمًا، وسلطت الضوء على نهج المستعمر في الدخول لبلاد المسلمين قديمًا بحجة الحروب الصليبية، وحديثًا بحجج كثيرة كتأديب الحكام الظالمين لشعوبهم، وكيف أننا العرب عامة والمسلمون خاصة ننسى أو نتناسى هذه الحقائق ونتجاهلها لنواكب العصر ونعيش عصر الحريات مثلما يزعمون.
فقد فقد المسلمون الأندلس بعدما أسسوا فيها خلافة إسلامية عظيمة، والتي حولها الصليبيون لإسبانيا وطمسوا هويتها الإسلامية، وهو أمر يحاولون فعله في فلسطين حاليًا بعدما أطلقوا عليها إسمًا جديدًا لا نعترف به نحن المسلمون والعرب، وهو أيضًا أمر يحاولون فعله في كل بلاد المسلمين، بعدما يتحججوا لدخول بلادنا بغرض التأديب أو طغيان الحكام أو...، وللأسف الكثير من الشعوب تنساق وراءهم ووراء وهم الحريات والأمان الذي يزعموه ليرسموا لنا ألوانًا وردية.
ورغم علم الكثيرون من الكُتّاب بما حدث للأندلس ولما يحدث للعرب عامة والمسلمون خاصة من انتهاكات في جميع أنحاء العالم إلا أننا لا نجد الكثير من الروايات المميزة التي تتحدث عن هذه المجازر والإنتهاكات، بل معظم ما يوجد كتب تاريخية في قالب نثري تحكي التاريخ، ولكننا نحتاج لسردها بطريقة مختلفة من خلال الروايات لجذب القُراء فالكثيرون لا يرغبون بقراءة كتب تاريخية وكأنها للدراسة، لذا أجد أن هذا تقصير شديد من كُتابنا العرب.

عالم الروايات《أفضل ما قرأت في فئة (الدراما، العاطفية، التاريخية)》Where stories live. Discover now