الجزء الثالث

605 46 6
                                    

بقلم ندوش 🐝

جلس يمان في مكتبه يقلب بعض الملفات، تكدست الأفكار في ذهنه و صارت تجعله نافذ الصبر و منعدم التركيز، قضى ساعة كاملة بعد الفجر وهو يمتطي صهوة جواده في الهواء الطلق و بين المروج الخضراء، لكن كل ذلك لم يصفي ذهنه أو يجعله يهدأ ، جاء جينغار و جلب له قهوة الصباح
_سيدي اتصل نديم من أجل الاجتماع في الساعة العاشرة....
_حسنا أخبره ان يحرص على حضور جميع الشركاء و لا يتأخروا، لا اريد مزيدا من الازعاج لهذا اليوم لدي من المشاغل ما يكفيني....
_هل تقصد الفتاة التي جاءت يوم أمس....
_أجل هي و لكن ما يشغل بالي أكثر مصير يوسف، مازلت اراعي العلاقات الأسرية لكن طفح بي الكيل، سأبدأ من زوجها، أبدا بجمع المعلومات و جد لي ثغرات في عمله، نديم يراقبه من فترة ...
_ماذا تنوي أن تفعل....
_سأجعله يندم لأنه فكر أن يقف في طريقي...
نهضت سحر من فراشها و قد ارتفعت الشمس،احست بثقل في رأسها لكثرة النوم و شعرت بأن كل جسمها في حالة خمول، انتبهت لتغير غرفة الفندق، كل المكان ليس هو، تنقلت بعينيها داخل الغرفة، فخمة بأثاثها و مرتبة، ظلت تعتصر ذهنها لتتذكر ما حدث معها، سيارة الأجرة ثم الرجل الغامض و الكلب الأسود، وقوعها مغميا عليها، عند هذه النقطة احست بنفسها قد عادت من قاع بئر مظلم، لقد فقدت وعيها يوم أمس أمام القصر، ارتبكت و همت بلف شعرها عندما استرعى انتباهها الثوب الملون الذي تلبسه، لماذا تغيرت ثيابها فجأة، سمعت خطوات تقترب من الباب فجذبت الغطاء عليها، طرق الباب بخفة ثم دخلت امرأة متوسطة السن ذات وجه بشوش
_صباح الخير يا آنسة، ارجوا ان تكوني قد أصبحت بخير، جلبت لك فطورك فأنت لم تأكلي شيء منذ يوم أمس......
_أين أنا، لماذا أنا بهذه الحالة.....
و أشارت للثوب الذي عليها...
_لقد اغمى عليك فأدخلك السيد يمان إلى هنا، كانت حرارتك مرتفعة، جاء الطبيب و كتب لك علاج مناسب، تناولي فطورك بعدها سآخذك لمكتبه فهو في إنتظارك....
_لم تجيبيني عن الثوب...
_أنا غيرت ثيابك فقد تعرقت كثيرا، لم أعرف ماذا البسك فجلبت لك هذا الثوب من عندي، صحيح حجمه كبير لكنه جديد و لم يلبس..
خرجت عدالة في اتجاه مكتب يمان و تركت سحر تفكر كيف ستتخلص من هذه الورطة التي وقعت بها
_هل استيقظت الفتاة، كيف حالها...
_بخير، جيدة جدا، اخذت لها فطورها ثم ستأتي حسب طلبك، لكن يوجد أمر يجب أن أخبرك به.....
_قولي ماهو
_عندما غيرت للفتاة ثيابها ليلة البارحة رأيت آثار جرح كبير أسفل ظهرها....
_هل هي مصابة....
_لا الجرح قديم، أنا محرجة لإخبارك بهذا لكن أردت أن تعرف فقط......
_لا يهم هذا الأمر لا يعنينا.....
تناولت سحر قطعة خبز صغيرة و ارتشفت بعض العصير ثم دفعت الصحن جانبا، كانت ثيابها مرتبة فوق طاولة و قد غسلت و كويت جيدا، هذه الخادمة تعمل بجد و ضمير، ستغير ثيابها ثم ستقابل هذا الرجل، يجب أن تظل متماسكة أمامه لتستطيع إقناعه بطلبها....
اصطحب جينغار سحر لغاية باب المكتب، فتح الباب و دعاها للدخول ثم ذهب، كان المكان يبعث على الهيبة، وقف صاحبه وراء الشباك الذي يطل على الحديقة الخلفية، جسم متناسق و طول فارع، صمته جعلها تشعر بالتوتر، اقتربت خطوتين أكثر داخل المكتب
_صباح الخير....
التفت إليها عندما التقط صوتها، هو نفسه الرجل الذي قتل الكلب، القاسي
_صباح الخير، كيف حالك الآن...
_أنا بخير، شكرا لأنك جعلتهم يعتنون بي...
_لم أفعل غير واجبي، فأنت ستصبحين زوجتي...
نطق الكلمة الأخيرة وهو يصر على كل حرف بها، اقترب منها حتى أصبح محاذيا لها
_أليس من الواجب على الزوج أن يعتني بزوجته...
_أجل يفعل ذلك، لكن لم أقرر بعد ان اصبح زوجتك، ألم يبلغك المحامي بقراري...
_طبعا أبلغني، لهذا اخرجته من الموضوع و جلبتك إلى هنا......
_يجب أن تعرف أنني جئت إلى هنا لأجل الشيكات التي استحوذت عليها.....
_من قال لك بأنني استحوذت عليها، أنا اشتريتها من صاحبها...
_لم تفعل ذلك حبا في الخير، أردت ابتزازي و الضغط علي، ألا تخجل من اعتماد هذه الطريقة الملتوية..
_أنت من ابتدأت و خرقت الإتفاق الذي بيننا..
_هل بضع كلمات تصفها بالاتفاق، أنا فكرت جيدا و اكتشفت أن الموضوع برمته لا يناسبني، لماذا لا تتقبل الأشياء كما هي....
_كان يجب أن تفكري بذلك، طلب منك المحامي أن لا تأتي لمكتبه إلا إذا كنت مقتنعة بقرارك، القرارات معي لا تفصم إلا بإرادتي..
_هذا شأنك، انا جئت من أجل الشيكات...
_هل جلبت المبلغ الذي دفع فيها.....
_لم اجلب معي شيء، أتيت لأتحدث معك،ارجعها لصاحبها و نحن نسدد اقساطنا حسب اتفاقنا معه....
_الرجل كان طماع جدا و اشترط ضعف قيمتها و أنا لأنني اريد الحصول عليها دفعت المال له بكل سرور...
_ماذا؟!! لماذا تفعل كل هذا، أنا لم أكن اعرفك يوما لتتحامل علي لهذه الدرجة، لماذا لا تبحث عن فتاة من مجتمعك و تتركني و شأني.....
_لن تكون هناك فتاة غيرك، أنا لا اغير قراراتي بسهولة....
_لكن ما تفعله ابتزاز حقير....
_لا يهم طالما أنني سأصل للنتيجة التي ترضيني....
_ألا يشكل عندك فرق أنني لا ارغب في التواجد معك في مكان واحد
_القصر كبير و شاسع تستطيعين البقاء حيث تشائين، فأنت ستصبحين سيدة هذا المكان...
_لا أريد هذا المكان بكل ما فيه فقط دعني أذهب....
_لا أحد سيقيد حريتك و لن يغلق أي باب في وجهك لكن إذا خرجت من حدود أملاكي خطوة واحدة فلا رجوع لك و لا تراجع عما سأفعله،اذا قبلت فستبقين هنا ليومين في ضيافتي لنقرر كيف ستسير خطتنا.......
عادت سحر للغرفة تجر نفسها المتثاقلة، اعيتها الحيلة وهي تحاول أن تفتت الجدار الصخري الذي ارتطمت به، رفض أي طريقة لحل مشكلة الشيكات بعيدا عن الزواج، لماذا كل هذا التشبث بالارتباط، لو كان رجل يعشقها لما تشبث بها بهذا الإصرار، اعيتها الحيلة و خافت من المصير الذي ينتظرها، زواج مفاجيء دون معرفة أسبابه، رجل متسلط و غامض، و حياة في الأفق مجهولة الملامح، ما إن دخلت الغرفة حتى رأت شنطتها التي تركتها في الفندق وضعت فوق الطاولة هناك، لقد تحرك بسرعة و ابتدأ يتحكم في مصيرها، فتحتها و قلبت أغراضها، كل شيء في مكانه، سيطلق لها العنان في هذا المكان لكنه سيمسك جيدا برقبتها بين يديه، ذلك الظرف الأصفر فوق طاولة المكتب إذا استطاعت الوصول إليه ستحل جميع مشاكلها....
بقيت سحر اليوم بطوله تلازم غرفتها، جاء جينغار في المساء و أعلمها بأن سيده ينتظرها على مائدة العشاء، رفضت أن تذعن لأوامره او أن تجلس معه، ستظل تقاوم بكل إرادتها التي مازالت لديها،اعيتها الحيلة و لم تغادر عقلها فكرة سرقة الظرف، خطوة جريئة لكن لو فشلت ستكون عواقبها وخيمة، بينما هي تحلل هذه الفكرة في رأسها حتى فتح الباب فجأة و انتصب الرجل القاسي أمامها، تفاجأت من حضوره حتى وصل بها الحال أنها ظنت أنه إطلع على أفكارها و عرف ما يدور في رأسها، هرب اللون من وجهها و صارت يديها ترتجف من فرط الفجعة
_لماذا لم تأتي للعشاء، هل تلعبين معي لعبة ما
_أنا ليس لدي رغبة في الأكل
_لا يهم، ستتعودين على بعض العادات فأنت لن تعيشي لوحدك هنا، الأكل يكون في غرفة الطعام و بمواعيد دقيقة، يجلس الجميع على المائدة و أولهم أنت كسيدة للمكان حتى لو كنت صائمة،هنا هذه القواعد لا تخرق أبدا....
_هذا الأمر أصبح عبودية و أنا لم اتعود على مصادرة حريتي....
_لا أحد يصادر حريتك لكن عليك أن تتعلمي بعض الأشياء، ستنسين القواعد الشبابية التي كنت تعيشين بها في السابق...
قال هذا وهو ينظر لسروال الجينز الذي تلبسه، كانت به بعض النقوش و الزينة، هي أيضا لم تكن تحبه كثيرا لكن عندما وضبت شنطة ثيابها لم يكن عقلها في حالة تركيز....
بقى يمان يتأملها من رأسها حتى اخمص قدميها، أثار حفيظتها بتفحصه لها فلم تستطع لجم لسانها
_اذا انتهيت من تأملي هل تسمح و تتركني لوحدي
_لماذا ترتجفين هكذا هل عادت لك الحمى؟!!
مد يده و تحسس جبينها ليعرف حرارتها ثم أخذ معصمها و تفحصه أيضا
_ليس بك سوء، سأذهب لتفقد الخيل، هل تأتين معي
أرادت ان تحرجه في باديء الأمر ثم قررت أن ترافقه، أحيانا يدفعها الفضول للتحرك اكثر من تفكيرها، وضعت سترة سميكة عليها و خرجوا، ظهرت الاسطبلات عن قرب أكبر مما عليه عندما شاهدتها يوم الأمس، عديد الخيول رابضة هناك بالوان و سلالات مختلفة، هكذا أخبرها يمان وهو يشرح لها عن كل سلالة بفخر ظاهر على وجهه، كانت تتبع خطواته بحذر و تحاول أن لا تتعثر في العتمة، سار بها بين جميع الأماكن حتى وصل عند اسطبل صغير به حصان واحد اسود، بعرف كثيف و يرفع رأسه بشموخ، صفات راتها على وجه إنسان مازالت لا تعرفه جيدا، ما إن رأى الحصان صاحبه حتى تحرك بخفة وهو يدق الأرضية بحوافره، خافت سحر من تحركه و تراجعت للخلف متوترة، لاحظ يمان ارتباكها بسرعة فهو لا يترك مراقبتها ثانية واحدة
_مابك لماذا كل هذا الخوف، لن يؤذيك فالباب محكم الإغلاق.
_لا أعلم احس بأنه شرس غير بقية الخيول الذين شاهدتهم، صور لي عقلي بأنه قد يقفز من وراء السياج...
_هذا حصاني الغراب، هو فعلا مميز و فريد عن باقي الخيل لهذا نضعه لوحده في اسطبل اكثر حماية لأنه كثير الحركة، لا أحد يمتطيه غيري، قد اخذك ذات يوم في جولة على ظهره....
_لا، مستحيل أن اركب هذا الشيء الأسود...
عادوا للقصر و قد تأخر الوقت، دعاها يمان لتناول فنجان قهوة معه لكنها تحججت بالنوم و هربت لغرفتها، هذا الرجل يفرض نفسه عليها و يستعمل صيغة الجمع في أحاديثه كأن مصيرهم معا امر واقع لا مفر منه، يجب أن تهرب من هذا المكان في أقرب فرصة و يستحسن أن يكون غدا اذا استطاعت ذلك....
استيقظت سحر في الصباح بعد السابعة بقليل، سألت عدالة عن السيد يمان فأخبرتها وهي تبتسم بأنه يريض حصانه، يتصرف الجميع هنا حسب اهواء سيدهم، عاودها فضول ليلة البارحة فلحقت به حيث هو، كان يمتطي صهوة الغراب الذي كان يتحرك ببطيء داخل الحلبة بخطوات متناسقة كأنه يتبع إيقاع معين، بدا يمان مسترخي في موقعه وهو بالكاد يمسك باللجام، ارتدى بدلة فروسية بنية اللون مع حذاء اسود طويل تجانس لونه مع الركاب الأنيق، يظهر جليا حب هذا الرجل للخيل و لهذا الحصان خاصة، ما إن لمح سحر هناك حتى أشار لسائس الخيل ان يقترب من السياج، نزل و سلمه رسن الحصان
_صباح الخير، هل أحببت الخيول منذ ليلة البارحة حتى هرعت لرؤيتهم هذا الصباح.
_صباح الخير، خرجت لأشم بعض الهواء فاقتادتني ساقي إلى هنا، بدى لي الحصان بطيء الحركة هل به شيء...
_لا أنا لم ارغب في بذل مجهود اكثر، هذا اليوم لدي أعمال كثيرة...
عادوا للقصر معا و تناولوا فطور الصباح، ظفرت سحر بأمل صغير يمكنها من المغادرة،سيذهب يمان بعد الظهر إلى المدينة و لن يعود الا عند المساء، تستطيع هي اذا المغادرة دون أن يتفطن لها أحد، ستقوم بخطوتها الجريئة لإنقاذ والدها و إنقاذ نفسها،ظلت تتلهى هنا و هناك وهي تترصد فرصتها الثمينة، شاهدت يمان يغادر القصر لكن قبل ذلك رأته يحمل في يده مظروف اصفر و يصعد به إلى جناحه، اذا احتفظ بالشيكات هناك، خاب أملها من الوصول إليها لكن لن تترك فرصتها في المحاولة، بقيت تراقب حركات عدالة وهي تقوم بوظيفتها، في حدود الرابعة مساءا استغلت انشغال الخادمة في المطبخ و تسللت خلسة عبر درجات السلم، تملكها الخوف وهي تلتفت يمنة و يسرة، يرعبها الشعور بالخزي إذا قبض عليها أحدهم متلبسة لكن لم تجد حلا غير ذلك، تقدمت بسرعة حتى وصلت لباب كبير، لا بد انه الباب الذي يؤدي للجناح، أدارت المسكة فانفتح الباب بهدوء، ارتبكت و أرادت التراجع لكن وصولها لتلك النقطة جعلها تكمل ما بدأته، اندهشت في باديء الأمر من كبر المكان و فخامته، كل ما فيه ثمين و أنيق، كل الأثاث كان من الطراز الغالي، يوجد سرير كبير احتل المكان، لم تنظر إليه جيدا فقد شعرت بالإحراج وهي تقتحم خصوصية صاحب المكان، انتبهت لنفسها بانها يجب أن تسرع قبل مجيء أحدهم، فكرت أين ستبحث، بدأت بفتح الجوارير واحدا تلو الآخر، طوال حياتها لم تعبث بأغراض أحدهم كما فعلت اليوم، بقى جارور واحد بخزانة أثرية صغيرة قرب الباب، أسرعت اليه و فتحته فاعترضها الظرف الأصفر الذي تبحث عنه، كان مغلقا لكن يحوي وثائق بداخله، همت بفتحه عندما سمعت صوت محرك سيارة في الخارج فخرجت مسرعة و أقفلت الباب وراءها، نزلت السلم بنفس الحذر الذي صعدت به، لم تستطع اخذ أنفاسها الا حين وضعت الظرف في حقيبة يدها، لقد نجحت في نصف مهمتها لم يبقى أمامها الا امر المغادرة، اتصلت بالعم صالح سائق الأجرة و طلبت منه أن يأتيها للمكان الذي نزلت به في المرة السابقة.... غادرت بوابات القصر دون أن يعترض أحد طريقها او يسألها عن وجهتها، سارت في الطريق المختصر ثم توقفت تنتظر وصول السيارة، ظلت هناك حتى حلول الظلام، أخبرها السائق انه سيتأخر قليلا لكن الوقت الذي مر بدا لها طويل جدا، تجاوز الوقت السابعة مساءا عندما لمحت أضواء سيارة قادمة، توارت خلف الأشجار حتى تأكدت منها
_مساء الخير عمي صالح، لقد تأخرت كثيرا
_اسف لقد تعطلت بسبب زبون مريض، هيا بسرعة لنذهب من هنا، لا أريد أن يزعجني أحد
سكتت سحر و لم تجبه فظهور أحد في هذه الظروف ليس بالأمر الهين بالنسبة لها، ظلت السيارة تطوي الطريق لأكثر من نصف ساعة عندما ظهرت الاضواء و احاطت بهم من كل مكان، توقفت سيارة أمامهم و دارت السيارة الثانية من خلفهم، لقد وقعت و لا مفر لها.....
_عمي صالح لا تنزل أنت و لا شأن لك بي...
نزلت سحر وسارت ناحية السيارة التي في الخلف، نزل يمان منها و نزل سائقه أيضا الذي انضم لبقية الحراس الذين في المقدمة، تقدم ووقف على بعد أنشات منها لدرجة تمكنت فيها من سماع تنفسه، ظل يحدق فيها وهو يفكر في فداحة صنيعها، دخلت جناحه و عبثت بأغراضه دون نسيان سرقة الظرف من هناك، كل مظهره يدل على حجم الغضب الذي يغلي بداخله، كان في إحدى الاجتماعات عندما اتصل به حارس البوابة ليخبره بخروجها فجاء على جناح السرعة...
_ارجوك دعني اشرح لك....
_ماذا ستشرحين،هل تعلمين أنه لم يدخل احد مطلقا إلى جناحي غير الخدم، هل تعلمين ماذا يعني ان تأخذي شيء من قصري و تهربي.
كان يتحدث بهدوء يخيف أكثر من الصراخ، لكن عليها أن تحاول إيجاد حل لورطتها
_انت تعرف أنني لم ادخل بغاية السرقة...
_و ماذا تسمين ما فعلته.....
_انت تعلم جيدا لماذا فعلت ذلك......
_أنت تجاوزت حدودك و قمت بخطأ سيكلفك اكثر مما تظنين، لقد وضعت نهاية كل شيء..
لم تستطع السيطرة على اعصابها اكثر فانفجرت فيه
_تتحدث و كأنك مظلوم لكن في الحقيقة انت اكبر ظالم لما تفعله بي، من يسمع كلامك يظن أنني خطيبتك فعلا و قمت بخيانتك....
_هل اخبروك عن عقوبة من يتعدى عن أملاكي
جملته الأخيرة جعلتها تتذكر سائق الأجرة الذي وقع بنفس الحفرة معها، التفت لا اراديا للخلف فراته واقف هناك و قد أحاط به بقية الحراس، تحسرت على نفسها و على الضحايا الذين تورطوا بسببها، عادت تنظر ليمان و الخوف يسيطر على كل كيانها
_أنت لن تؤذيه، أليس كذلك؟!!!
_إنه شريك معك و يجب أن ينال جزاءه....
_ارجوك إنه بريء، لا ذنب له بما قمت به، ارجوك دعه يذهب...
كانت تلح عليه و تحاول أن تلين قلبه لكن وجهه كالصخر لا يلين
_لم يعد لك أي خاطر عندي حتى آخذ به..
_لا أطلب منك شيء لي، دعه هو يذهب فقط، اتوسل اليك إنه بريء...
صرخ فيها بكل غضبه
_لا تتوسلي لأجل أحد، لقد اضعت كل فرصك..
استل مسدسه ليطلق النار لكنها تشبثت بذراعه وهي تصرخ به
_اقتلني أنا لكن لا تؤذيه....
استطاع يمان أن يمسك بيديها و يقيد حركتها وراء ظهرها بيده اليسرى، جذبها بقوة إلى صدره حتى اندس وجهها فيه، اطلق رصاصتين من مسدسه، انفجرت إطارات السيارة ثم امر رجاله ان يبعدوا السائق عن نظره.......
عم السكون المكان بعد الزوبعة التي حدثت، غادر الحراس مع سائق الأجرة، بقيت سحر متصلبة في مكانها لا تقوى على أي ردة فعل، ظل يمان يذرع المكان جيئة و ذهابا في محاولة منه لتخفيف حدة غضبه الذي لم تستطع نسمات الهواء الباردة اضعافه، مرت عدة دقائق ثم عاد و اقترب منها ثانية
_ألم يحذرك أحد من مغبة إثارة غضبي...
_لقد حذرني الجميع....
_لكنك لم تستمعي لهم....
_لم أتى إلى هنا للاستماع للآخرين.....
_من أين تعرفين السائق.....
_لقد جئت معه المرة الفارطة، لم يرضى غيره ان يقلني....
_كانوا على صواب ما عدى هو....
_ماذا سيفعل له الحراس....
_لا أعلم الأمر متروك لهم....
_ارجوك اتصل بهم ليدعوه و شأنه......
_لم يعد لك صفة لتطلبي مني الأشياء....
_أنا لا أطلب شيء لنفسي.....
_لا، لم تفعلي حتى الحياة طلبتها لأجل شخص آخر و ليس لك، هل انت دائما هكذا تقدمين الآخرين عنك؟!!!
_والدي ليس من الآخرين هو أقرب إلى من نفسي، أما السائق فما كنت اتحمل العيش بذنب موت انسان بسببي....
كانت مطرقة تنظر للأسفل، أعطت فرصة ليمان ليتأملها بهدوء
_لقد برد الطقس كثيرا و أصبحت ترتجفين،يجب أن نعود قبل أن تمرضي...
_و ماذا سيفيد اذا مرضت ام لا.....
_لن يفيدك بشيء لكن سيجعلني أنا انشغل بك...
خلع جاكيته و البسها إياه، حاولت أن ترفض لكنه لم يترك لها فرصة، اقتادها للسيارة ثم عادوا للقصر، دخل يمان مكتبه بعد أن أعادت له جاكيته و لحقت هي به بعد أن ترددت كثيرا
_لماذا لم تأخذ الظرف مني بعد أن اعدتني إلى هنا....
_لأنه غير مهم...
_كيف غير مهم، هل ستترك الشيكات معي
_أي شيكات، لو فتحت الظرف لوجدت به وثائق لا أهمية لها....
تفاجأت بحديثه فهمت بالظرف و فتحته، كانت الأوراق التي به صدمة لها....
_أرأيت، العجلة جعلتك لا تكونين حذرة، أرجو أن تكوني قد تعلمت الدرس...
_عن أي درس تتحدث، هل كنت ستقتل الرجل لأجل ظرف غير مهم....
_لا تلقي بفشلك على و لا ترفعي صوتك أمامي مرة أخرى،الشيكات  ليست في القصر من الأساس هل أنا غبي لأضعها في مكان تصل اليه يدك، مع ان يدك الصغيرة عبثت في كل جناحي، قد آخذك الآن لإعادة ترتيبه....
لم تفكر مرتين لتعرف مقصده الدنيء، غلى الدم في عروقها و سلختها الإهانة فلم تستطع السيطرة على ردة فعلها
_اللعنة عليك
رفعت يدها و حاولت أن تصفعه لكنه قرأ نواياها بسرعة و تمكن من صدها، امسك اليد الصغيرة و ضغط عليها بقسوة وهو يقول من بين أسنانه
_اذهبي لغرفتك حالا فقد اكتفيت من دلالك لهذا اليوم......
غادرت سحر المكتب وهي تغالب دموعها في حين خرج يمان و تجاوز أسوار القصر تدفعه أعاصير الغضب التي تملكته.......🔥🦋🔥

فراشة وسط اللهب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن