تسير في الشارع نحو وجهتها المخزية، دموعها تتساقط بضراوة على وجنتيها، عقلها وجوارحها يحذرانها من المضي في هذا الممر المظلم، والمنطق يقول بأن تذهب كي تنقذ والدها حيث لا توجد ثغرة غير هذه تمكنها من الحصول على المال لتجلب الدواء لوالدها .نظرت للورقة المطوية بيدها لتضغط عليها بعنف ومن ثم أشارت بيدها لتوقف إحدى سيارات الأجرة وانطلقت لوجهتها إلى حيث جحيمها الذي ينتظرها، ولم تلاحظ تلك الأعين التي تراقبها عن كثب.
************************
اتصل سفيان بوالدته وقد قرر أخيرًا بأن يتحرك فقلقه البالغ عليها طوال هذه المدة أخافه بشدة، أخذ يحدثها في أمور شتى ليختم قوله لها :- هي تقى ما بتردش على التليفون ليه ؟
ضيقت عينيها بغيظ قائلة:- يعني مش عارف يا تنح !
أردف بضيق :- في إيه يا ماما ؟
ردت عليه بحدة :- في إن وقعتك مطينة بستين طين بس تيجي بالسلامة يا ابن بطني .
رد بدهشة :- في إيه لكل دة بس ؟
أردفت بحنق :- نقول إيه مفيش لا دم ولا إحساس، مراتك مش راضية ترد عليك يا عين أمك علشان زعلانة منك ومش أي زعل لا دة الموضوع كبير .
أردف بنفاذ صبر :- طيب هي عندك عاوز أكلمها أفهم منها زعلانة ليه الهانم .
عضت على شفتيها بغل قائلة:- عارف لو قدامي كنت عملت إيه ؟ كنت نزلت عليك بأبو وردة اللي أنت عارفه كويسة أوعى تكون فاكر إنك كبرت عليا يا واد .
أردف بانفعال :- بقولك إيه يا ماما فهمي تقى تشيل الهبل دة من دماغها وتعقل كدة وإلا هتشوف وش مني عمرها ما شافته .
هتفت بعتاب :- لا يا سفيان هي شافت كتير يا ابن بطني حرام عليك أتقي الله فيها، شفت إيه منها مخليك قالب عليها كدة .
أردف بملل :- بقت كئيبة ونكدية كل شوية خناق لحد ما زهقت .
رددت بعصبية :- ومسألتش نفسك ليه بقت كدة وايه اللي وصلها لكدة .
أردف بغيظ :- كل دة علشان زميلتي في الشغل تقى بتغير منها يا ماما، مفيش حاجة علشان تكبر الموضوع بالشكل دة .
ردت بشك :- متأكد أنه مفيش حاجة ؟
هتف بتأكيد :- أيوة متأكد هو أنا صغير يعني .
أردفت بتأكيد :- قول إن عينك زايغة على رأيها عاوز تتجوز الستات كلها .
تابع بانفعال :- خليها تكلمني يا ماما لحظة وقوليلها لو ما فتحتش الفون وردت عليا هي عارفة كويسة هعمل إيه، لو سمحتي يا ماما أديلها التلفون دلوقتي.
أذعنت لطلبه ودلفت لغرفته بعد أن طرقت الباب، وجدتها ممدة على الفراش اعتدلت في جلستها لتقول :- أتفضلي يا ماما ندى .