1| مريم المُختلة وجامعة الحمقى.

802 46 19
                                    

عالمٌ غارقٌ في الدُجى، باردٌ حد الموت، بعيدٌ حيث النهاية وبالنهاية أعني نهايتك عزيزي القارئ.

أشجارٌ عِملاقة تظلل المكان، تحجب ضوء الشمس بل تمنعه من تخطيها وكأنها خُلقت لتكون درعًا له! البرودة والظلام هنا يجعلانك تشعر كما لو أن الشمس لمْ تُشرق على هذه البقعة من الأرض قط.

أحدثكم عن "أوكيجاهارا" أو "غابة الانتحار" أكثر الأماكن المرعبة والموبوءة في العالم، اختفى فيها ما يقارب 150 شخصًا دفعةً واحدةً دون تفسير عام 1950!
ويقال أن السلطات المحلية عثرتْ على 36 جثة من العدد السابق دفعة واحدة في إحدى فترات البحث!

البشر مضحكون ومثيرون للشفقة، يظنون تراهاتهم حول الأعداد صحيحة، فقط أضف صِفرين يمين الرقم وستعرف ما يقارب العدد الصحيح للضحايا، كل المنبوذين يذهبون إليها بمحض إراداتهم وما على ساكنيها إلا تحقيق أمانيهم مع ألمٍ طفيف..

أصواتُ الوطاويط عَلتْ ممتزجةً بعواء الذئاب؛ مما أفسد على بطلنا قيلولته فتمتم بكلماتٍ غير مفهومة وهو لا يزال مُغلق العينين ثم باعد بين جفنيه فجأةً فكشف عن عينين حمراوين بلون الدم، سُرعان ما استقام بجزعه يعض على أسنانه بغضب جام وأنيابه البارزة لا تبشر إلا بالجحيم.

●●●●●●●●●●●●
|جامعة العريش|

_مريم المُختلة شرفت.

ها قد بدأنا، مرحبًا بالجامعة الأسوء على الإطلاق، هل جمعوا كل الحمقى بالعالم ووضعوهم بجامعتي أم أنني ألقيتُ بجامعة للحمقى؟ بدءً من الطّلاب مرورًا بالأساتذة وإنتهاءً بالعميد؛ الجميع حقًا حمقى!

هذا ما همستْ به "مريم" داخلها عند سماعها للكلمات الحمقاء التي أُلقيتْ على مسامعها من فم إحدى الحمقاوات زميلاتها والقهقهات الصادرة من الواقفين وهي تتابع طريقها دون أي اهتمام لهم وكأنهم عَدم.

هي حقًا تمقتْ المكان والأشخاص هنا، وعلام يبدو فهو شعورٌ متبادل بينهم.

دقائق ودلف أستاذها والذي ليس إلا أحمقًا في نظرها كالباقين، ينعتها بالمجنونة وهو إن عطس أحدهم في المحاضرة يطرده! حسنًا أنا أتفق معها إنه أحمق.

كانت ترمق الجميع بنظرات نارية لو أنها تحرق لَهَوَوا جميعهم أمامها يشتعلون، لمْ تكن تسمع حرفًا واحدًا مما يقوله ذاك المشتعل على المنصة والذي هتف من بين أسنانه:
_آنسة مريم!

بالتأكيد لاحظ شرودها، وكما جرتْ العادة سيطردها الآن من المحاضرة، أجابتْه بابتسامةٍ سمجة لتزيد من اشتعاله:
_نعم يا دكتور.

طالعها بعيون مشتعلة وتابع من بين أسنانه:
_أنا كنت بقول إيه؟

هزّتْ كتفيها بخفةٍ دلالةً على جهلها وقالت بنبرة باردة حطمتْ آخر ذرات ثباته:
_مكنتش مركزة، معرفش.

أوكيجاهاراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن