3| عيون حادة تُراقبني!

338 34 4
                                    

|مريم|

مرّت بضعة أيام لمْ أذقْ فيهن طعمًا للنوم، تحوم الكوابيس حولي طوال الليل والهواجس طوال النهار، صِرتُ أهذي أكثر مما أتنفس! لوّنتْ الهالات حول عينيّ بالأسود، بهتتْ ملامحي، فقدتُ قدرتي على التركيز، ولمْ أعد أنتبه لدروسي، حتى أنني لمْ أذهب للجامعة طوال الأسبوع المنصرم..

لا أخفي عليكم سرًا كل ذا بدأ منذ ابتعتُ الكتاب، أحاول قدر الإمكان إبعاده عني لكنه يتبعني أينما أكون!

أخبرتكم مسبقًا عن شعوري بأن أحدًا ما يراقبني؛ أنا الآن متأكدة مليون بالمئة من هذا، ثمة عيون حادة تُراقبني، تتبعني حيث أتواجد.
أظن أن عليّ مهاتفة طبيبتي الخاصة؛ لتجد لي حلًا..

كنتُ مستلقيةً على ظهري أطالع السقف شاردةً حين قاطع استراخائي رنين الجرس فنهضتُ متأففةً لأفتح، مَن عساه يكون؟ أقسم أنني لا أقوى على الحراك!

فتحتُ الباب وجاهدتُ لفتح عينيّ لتتسنى لي رؤية من أمامي، حدّقتُ بها قليلًا فقالت:
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ازيك يا مريم؟

أهذه "زهراء" حقًا أم أنها إحدى هواجسي؟ نظرتُ لها متعجبةً، ماذا تفعل هنا؟ رددتُ عليها السلام؛ فرد السلام فرض غير أنهن ثلاثون حسنة:

_وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.

ظللتُ على حالي أنظرُ لها ببلاهة ونسيتُ دعوتها للدخول، نظرتْ لي بحَرج وحكّت عنقها وكأنها تلوم نفسها على المجيء، ثم قالت بارتباك:
_أنا زهراء، فكراني؟

أومأتُ لها سريعًا وانتفضتُ كأن حيةً لدغتني لأستفيق من شرودي، ثم هتفتُ سريعًا:
_طبعًا فكراكِ يا زهراء، اتفضلي.

تراجعتْ خطوةً للوراء وهزّتْ رأسها نافيةً تقول:
_احم لا، أنا كنت بتطمن عليكِ بس وهمشي على طول، أصلي قلقت لما مجتيش الجامعة.

أمسكتُ يدها وجذبتُها للداخل فبعد التفكير لا بأس بصُحبة تنتشلني من هواجسي، لربما وجود رِفقة معي يساعدني على الاطمئنان ولو قليلًا، سحبتُها خلفي للغرفة المعيشة قائلةً:
_لا طبعًا تمشي ده إيه! هنقعد مع بعض شوية.

أكاد أجزم أنها تظنني الآن مجنونة، تارة أساعدها على اجتياز الامتحان، وتارة أسمعها وأخفف عنها عندما تبكي، وأخرى أتركها وأرحل متجاهلةً إياها وحديثها، حسنًا قطعًا أنا غريبة أطوار لكن لا شك أنها اعتادت.

أنا لا أتعمد أن أكون فظةً في التعامل معها أو مع أيٍ كان، أنا فقط لا أعلم كيفية التعامل مع الناس ولا أستطيع الوثقَ بهم، لازلتُ غيرَ مقتنعةٍ بوجود من يستحق الثقة بهذه الحياة، أتمنى أن يستطيع أحدهم انتشالي مما أنا فيه قريبًا.

جلسنا على الأريكة أمام النافذة الزجاحية بغرفة المعيشة وابتسمتُ لها قائلةً:
_تشربي إيه؟

أوكيجاهاراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن