9| على ضفاف الحب.

211 19 2
                                    

على المنحدر الشمالي الغربي لجبل فوجي الياباني خاصةً حيث يستلقى بحر الأشجار الكثيفة المعروف باسم أوكيجاهارا وتحديدًا كهف ناروساوا الجليدي تجلس محاوِلةً تنظيم أنفاسها بعد المشاجرة العنيفة بينها ووالدها وقد ألقتْ رداءها أرضًا بعنف.

بدأ غضبها يختفي تدريجيًا تزامنًا مع شعورها ببرودة الثلج أسفلها ورؤية الثلج المدبب المتدلي من السقف يلمع كالبلور أمامها بفضل جلوسها على أحد الجدران، كسرت قطعةً منه وحركتها على وجنتيها بهدوء علّها تخمد نيرانهما المشتعلة.

شهيقًا عميقًا حبسته برئتيها ثم زفرته على مهل تعيد الكرة مرة بعد مرة وكأنها بهذا تنفض عن صدرها كل ما يخنقها من مشاعر سلبية.

دقائق وألقتْ قطعة الثلج من يدها أرضًا في تزامن ساخر مع ولوج أحدهم للكهف والذي -لسوء حظها- من بين الجميع لمْ يكن سوى "فيكتور" فتى وزير أبيها المدلل والسبب الرئيسي للشاجر!

استدارت سريعًا لألا يتبين هيئتها فتُفضح ملامحها، وأشارت سريعًا لردائها ليرتفع إليها وفورما لمس يدها اختفتْ من المكان تاركةً إياه خلفها منتفخ الأوداج يكاد يحترق حيًا من فرط الغضب؛ هو على يقين أنها "أثير" عروسه المزعومة..!

هربتْ سريعًا خارج الغابة ضاربةً بتحذيرات والديها عرض الحائط وعزمتْ على الذهاب لبحيرة شوجيكو علّ الهدوء هناك يُعْدِي عقلها فيُخمِد ضجيج أفكاره.

جلستْ على حافة البحيرة تضع قدميها بالماء وتنظر لانعكاسها؛ كم بدتْ مثيرةً للشفقة. ثانية، اثنتان، ثلاثة وبدأ يهطل من عينيها سجمٌ غمير وكل برهةٍ وبرهة تهرب من جوفها شهقة قوية تكاد تشق قلبها من فرط حدتها!

بينما تحت الماء كان أحدهم يتابعها بعينيه يحاول أن يرى وجهها بوضح لكن حركة المياه وتلك المادة التي وضِعتْ بها لحماية الحوريات شوشتْ رؤيته، فلا أحد على السطح يمكنه رؤية مَن بالماء ويبدو أن العكس صحيح.

اقتربتْ إحدى الحوريات منه وهو غافلٌ عنها بشروده في الباكية على السطح يشعر أنه يعرفها لكن مَن هذه لا يدري، ابتسمتْ الحورية بخبث دافعةً كتفه ممازحةً إياه قائلةً:
_لمْ ترحل بعد؟ هيا لقد مللناكَ يا رجل!

لمْ تؤثر به ضربتها ولمْ يزِح عينيه عن الفتاة، لاحظتْ الأخرى شروده لتنظر للأعلى حيث ينظر وما فتئتْ اتسعتْ مقلتيها بدهشة وبلا وعيٍ همستْ بقلق همسًا وصل لمسامعه:
_أثير! ماذا حدث لكِ؟

كان اسمها بمثابة صاعقة أنارت له بصيرته فجحظتْ عيناه مستنكرًا الشعور الذي اعتراه برؤيتها، وسُرعان ما نظر للحورية مضيقًا عينيه والصدمة تتطاير منها والاستنكار، قال متقززًا بلا تصديق:
_القبيحة ابنة أرسلان!

رمشتْ الأخرى محاوِلةً ابتلاع صدمتها بحديث أخيها الغبي ورددتْ بعدما أصابتها عدوى الاستنكار:
_قبيحة!

أوكيجاهاراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن