الفصل السابع

280 93 4
                                    

(٧)

عدتُّ إلى منزلي ووجدتُّ راف يجلس على سريري، ثم بدأ ينظر إلى الكتب التي أُمسكها وقال:
- ماذا في يدك؟
أجبت:
= شوية كتب، هحاول أتعلم منها كم حاجة جديدة.
قال:
- رائعٌ جدًا يا شريف، أنا سعيدٌ لأجلك، مؤخرًا بدأتُ أشعر أنك تغيرت عن المرةِ الأولى التي رأيتك فيها بالفعل.
قلت:
= شكرًا ليك يا راف، ممكن ماتكونش إنسان زيي لكن أنا عمري ما اعتبرتك غير صديقي الوحيد ورفيق أيامي.
قال:
- حسنًا يا شريف، أتمنى لك مزيدًا من السعادة، وأنا سأذهب بعيدًا عن حياتك، أعلم أنني شبح ولا أُجيد سوى إخافة البشر فقط، حظًا سعيدًا.

اختفى راف فجأة بعد أن قال تلك الكلمات، لن أنساهُ أبدًا، رُبما يكون قد جاء إليّ فقط كي يجعلني أتغير. صعدتُ فوق سريري ثم بدأت أقرأ في كتاب ''فاتتني صلاة''.

كلماتٌ جميلة وشرحٌ بسيط عن فضل الصلاة وأسباب تركها، أحببته جدًا وظللتُ أقرأ به حتى أنهيته، حلَّ الليلُ من حولي ثم ذهبتُ أُصلي أول صلاةٍ لي في حياتي في المسجد، شعورٌ جميلٌ لم أشعر بمثلهِ من قبل.

وجدتُّ في الصلاةِ والقرآن ما لم أجدهُ في أي شيءٍ آخر، وجدتُّ ما افتقدته في العالم..

عدتُ إلى المنزل وبدأت بقراءة رواية جديدة حتى أنهيتها، أخرجتُ كتابًا آخر وتابعتُ قراءته إلى أن أنهيتُ جزءً منه ثم ذهبتُ إلى النوم.

استيقظتُ صباح اليوم التالي مُبكرًا، وذهبتُ إلى مودة كي أعيد لها بعض الكتب التي أنهيت قراءتها، وصلتُ إلى ذلك المكان الذي اعتدنا أن نجلس فيه سويًا، ووجدتها تنتظرني هذه المرة، ثم اعتلت الابتسامة وجهي و قلت:
- امبارح.. صليت أول صلاة ليا في حياتي.
بدت على وجهها علامات السعادة و احمرّت وجنتيها خجلًا ثم قالت:
= متعرفش أنا سعيدة عشانك قد إيه.
قلت باسمًا:
- وحبيت كمان جو الكتب و القراءة جدًا.
فقالت:
= كنت متأكدة إنك إنسان مثقف.
ضحكتُ وقلت:
- مثقف إيه بس، دا أنا اطّردت من المدرسة من ست سنين، كنت في تالتة اعدادي تقريبًا وقتها، بس بعرف أقرأ وأكتب وأفهم إنجليزي شوية يعني.
قالت:
= ولا يهمك، انسى كل اللي فات، القادم كله لينا.

قلت:
- فلَيتك تحلو والحياةُ مريرةٌ، وليتك ترضى والأنام غضابُ .. وليت الذي بيني وبينِك عامرٌ، وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا نلت منك الوُد فالكُل هينٌ، وكل الذي فوق الترابِ تُراب .. فيا ليت شُربي من وِدادكِ صافِيًا و شُربي من ماءِ الفُراتِ سَرابُ.
ابتسمت مودة وقالت :
= إيه دا!
أجبت :
- جزء من ديوان أبي فراس الحمداني قرأته إمبارح وعجبني.
قالت :
= آه، أنا شايفة إنك حبيت القراءة و بقيت جامد
ضحكتُ وقُلت:
- دي البداية، إحنا لسة بنسخّن.

.. يتبع

رحلة تعافي -مُكتملة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن