°• الحكاية الرابعة •°

52 13 36
                                    


كان عالماً رمادياً ..
حتى حصان الأحلام الوردي خاصتي يرتعد إن خطى على أرضه!

كان كل شيء بارد كئيب ، السكان مجرد كتل تتنفس ، بعضهما يضحك والأخر مبتسم

يضحك ويبتسم ؟
وكأن العالم لم تُبتر ألوانه غير لديه!

لدى ذلك الفتى المُشبع بإنكسارات وتشققات تحيط جسده وكأنه مزهرية على وشك الإنفجار!
يتسلل خِفية منها لون رمادي قاتم مُثقل بأحرف مسمومه أعتاد أن يسمعها كل يوم من أشخاص مختلفة ..

' لما أنت نحيف ؟
يجب أن تأكل أكثر '

' أنت مجرد فاشل ، لن تنجح أبداً في أي شيء! '

أخذت أحاديث مُشابه تتخبط بشدة مزعجة بجدران ذاكرته مُصدرة صدى قوى مؤلم
فيتناقل الألم لتشققات أضحت تزداد إتساعاً وطولاً وثُقل على كاهل الفتى المسكين..

لما ؟
أهو فاشل حقاً ؟

أصبح السم ينشر وهمه حتى كاد أن يصدقه!
لينتشل من عالمه صوت فتى قادم من خلفه قائلاً :

" أعجبني المعطف خاصتك "

كان باسم الثغر صادق وهو يتلفظ بها..
ليس مثلهم .. تتجرع نبراتهم سخرية واضحة!

لم يدرك الفتى أنه المعني بالحديث لشدة تفاجؤه ، مردفاً :

" أنا ؟ "

" أجل أنت ، معطفك وتسريحة شعرك مذهلين~ "

أخذ يلتفت يميناً ويساراً غير مصدق ما قاله لتوه !
عائداً ليؤكد بقوله:

" هذا الحديث موجه لي أنا ؟ "

ضحك لطيف الطلة مُجيباً :

" ما بالك يا صاح ؟
لست مجنون لأكلم شبح~
أجل أنت! "

وياليته مجنون يكلم أشباح ، كان سيكون هيناً على خلايا عقلة لأن تستوعب ذلك!
كيف؟ ، كيف له أن يخالف الأخرين في حديثهم؟

" آه .. ظننت أننا يمكننا أن نصبح أصدقاء~
أراك دائماً في المدرسة و .. تعجبت حقاً لما جميعهم لا يعجبون بمقدار نجاحك ! "

كان كل حرف بمثابة صدمة عاطفية تحل على إدراك الفتى!
ليكمل :

" إذاً .. أصدقاء ؟ "

ماداً يده منتظراً إستجابه الأخر الذي لم يلحظ لتوه أن نصف تشققاته قد ألتأمت!
تردد الفتى وكان ذلك واضحاً في علو وإنخفاض يداه..
خائفاً من أن يكون ذلك فخ يؤذى نابضه المسكين مجدداً..

أسيقبل أم لا ؟

جلس يتأمل يداه حتى توتر الفتى الأخر ، قائلاً :

" آه ، لا تريد ؟
لا بأس ، أفهم أنك لا تحب أن يكون أحد صديقك
لكن .. يمكنني قول شيء واحد ؟
لا تسمع لهم ، أنت جميل ~ "

وما إن تلفظ بجملته الأخيرة حتى ترائى لزرقاوتيه المرتبكة لون مقلتيه العسلية!

أضحى يرى الألوان تدريجياً !

تغلغلت الألوان متسربة من قدماه حتى أنفجرت تحيط عالمه بتفاؤل قد نسى كيف يكون شعوره!
عادت ضحكات الأشخاص تتراقص على مسامعة ، صوت خطوات الأطفال المتسابقة ، صوت قهقهات عجزه

كل ذلك كان لا يستمع له!
كان يستمع فقط لحديثه المسموم متناسياً أن للعالم صوت!..

وها هي التشققات قد أعلنت رحيلها بسبب جملة ' أنت جميل ' فقط..
لم يكن يدرك أن شيء صغير ككلمة ونقاط على أحرفها قد تجعل الرمادي يعلن أستسلامة !

- النهاية -


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 07, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

-- حكاية . بسكويت . قطة ! . --حيث تعيش القصص. اكتشف الآن