2 | ثعابين سامة!

7.3K 815 124
                                    

2 |

كيفَ يُعرَّف معنى الانتماء الأسري لِطفلٍ لم يعرف الحنان يومًا ؟!

- في سيارةِ كريم.

فركت تسنيم في أناملها بِخجلٍ و هي تشعر أنها على وشكِ البُكاء مِن الموقفِ الذي وُضعت فيه مع رفيق طفولتها، لرُبما لم يتناسىٰ وعدهِ لها و أنه لن يرحل أبدًا .. و لكنها مَن رحلت عنهُ مع أبيها لبلدٍ أخرى، و تركتهُ وحيدًا.

لم تنسى يومًا أيةِ ذِكرىٰ عابرة جمعتها بهِ حينما كانت صغيرة، لم تنسى أبدًا كونهِ الحامي الوحيد لها كُلما حاول أحدهم إعتراض طريقها .. تحِنُ إلى الجلوس معهُ ثانيةً كما كانت صغيرة، و التحدث معهُ في أمورٍ مختلفة حتى تغفى و تنام!

- « رجعتِ إمتى ؟! »

نَطقَ كريم كاسرًا صمتٌ خام منذُ مُدةٍ طويلة، فَهمهمت تسنيم بهدوءٍ و أجابتهُ بِنبرةٍ خفيضة : « مِن ساعتين تقريبًا، و الحمد لله أدركت إن عيشتي في ألمانيا أحسن من هنا! »

ضحكَ كريم بِخفوتٍ، و هو يحك جوار أنفهِ و باليدِ الأخرى يقود سيارتهِ برزانةٍ، ثمَ أردفَ بِهدوءٍ كعادتهِ : « مش موقف واحد إلّي يخليكِ تحكمي على البلد من أول مرة! »

أشارَ كريم لحارسِ القصر بترحابٍ و هو يدلف بسيارتهِ إلى داخل القصرِ، ثمَ صفَّ سيارتهِ في الأماكنِ المخصصة لها، و من ثمَ ترجلَ مِن السيارةِ أثناء قولهِ الجادي :

- « يعني أنتِ مثلًا لما تقابلي العيلة، و يرحبوا بيكِ؛ هتحبي مصر أوي! »

همهمت تسنيم بحماسٍ و شغف لِمقابلة باقي أفراد العائلة، فَهي لم تتقابل مع أيٍ منهم منذُ زمنٍ، و الآن جاءَ وقتُ اللقاءِ، لِيسترسل كريم حديثهُ ناطقًا بِابتسامةٍ خافتة :

- « دول هيفرحوا أوي لما يقابلوكِ، يلا بينا ؟! »

نظرَ لِتسنيم يحثها على الدخولِ إلى نطاقِ القصرِ الداخلي، فَتبسمت تسنيم بعذوبةٍ و تبعتهُ صوبَ الداخل بخطواتٍ هادئة و لم تلبث إلا أن قطبت ما بينَ حاجبيها بعدَ أن إصطدمت وسادةٌ طائرة في جبينها، فَعضَّ كريم على شفتيهِ كابحًا ضحكاتهِ، و هو ينظر إلى ما يحدث في القصرِ!

حيثُ يقف يحيى على الأريكةِ يحاول جاهدًا أن يمنع ما بينَ ياسر الغاضب و قاسم البارد، بعدَ أن نشبَّ بينهما حديثٌ حاد عن العائلة و تماسكها مِن جديد، في حين تقف أريچ في المنتصفِ بينَ كوثر و سناء، و هي تحاول تهدئة الأمر بينَ كليهما و لكنها فشلت، فَجلست أرضًا كالقرفصاءِ متأففةً بمللٍ.

- « أنتَ قليل الأدب و مش محترم، هي دي تربيتك يا سناء ؟! .. بتربي إبنك على كُره العيلة، برافو يا مراة أخويا يا عاقلة! »

صاحَ قاسم و هو يفتعل بيديهِ حركاتٍ عشوائية، و هو ينظر لسناء التي ضربت صدرها بصدمةٍ مِن ما قال، نابسةً باستنكارٍ :

حوار عائلي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن