4 | بيتر بان و ويندي!

6.2K 669 81
                                    

4 |

نشعرُ أحيانًا بأننا وُضعنا في أماكن لا تناسبنا، و أننا لا نمتلك القدرة على المواصلة في طريقٍ لا يليقُ بِشغفنا، و لكن كُتبَ علينا الاستمرار، رُغمًا عنا!

همهمت تسنيم بنصفِ عينٍ، و هي تنظر لِكريم بضيقٍ خافت .. ثمَ نطقت باستنكارٍ :
« طب بعيدًا عن الخطة، بس السِر إيه ؟! .. متجوز و عندك عيال يعني ؟! »

حكَّ جوار أنفهِ ضاحكًا بِخفوتٍ، ثمَ أشارَ لها بإصبعهِ أن تميل نحوهُ، فَزفرت و مالت عليهِ قليلًا، فَنبسَ بهمسٍ خافت : « جدنا عايش، و دي لعبة! »

وضعت يدها على فمها تحاول فِهم ما قالهُ لها، و ما إن أدركت جدية حديثهُ حتى ضحكت بصخبٍ و إذبهلال، و هي تقول :

« نعم! .. عايش ؟! ، كُل ده مسرحية، و ليه كده ؟! »

- « عشانك، عشان أوصلك! »

توقفت عن الضحكِ، و هي تنظر لهُ بِهدوءٍ، و قدْ تعالت أصوات نبضاتِ قلبها، و شعرت أنَّ أجنحتها تداعبها حتىٰ تطير عاليًا بخفةِ الفراشة، فَابتسمت بخفوتٍ، و قدْ توردت وجنتيها بِحُمرةِ الخجلِ، تحتَ متابعةِ كريم المُبتسم :

- « ده غير إني هستغل الفرصة العظيمة دي، و هنحاول سوا نجمع شمل العيلة تاني .. هتساعديني أنا و يحيىٰ ؟! »

أومأت بحماسٍ كَطفلةٍ صغيرة، ثمَ نبست بشغفٍ و ابتسامةٍ عذبة :
« لو تغاضيت عن مساعدتك، هساعد مين ؟! »

تبسمَ لها بودٍ، و هو يرىٰ إقبالها على مساعدتهِ دونَ أن تشعرهُ بِأنهُ تقليدي هو و فكرتهِ البدائيةِ في جمعِ شمل العائلة مِن جديد، و لم يكد أن يتحدث حتى تسلل إلى مسامعهِ صوت شجارٌ حاد بينَ العائلةِ مِن جديد، فَهرولَ سريعًا نحوَ الخارج و خلفهُ تسنيم التي تضرب رأسها مرارًا و تكرارًا بأسفٍ على تلكَ العائلة المُريبة!

« هه، مفكر يعني يا أستاذ قاسم إني هوافق على بنتك الأجنبية دي مراة إبني ؟ .. ده أنتَ بتحلم! »

- « حوش حوش، على أساس بنتي هتموت على ابنك و لا حاجة .. طب إيه رأيك بقى؛ مفيش جوازة هتم! »

أنهىٰ قاسم حديثهُ الغاضب، تزامنًا مع خروج ابنتهِ مِن الشرفة، فَسحبها إلى أحضانهِ بِتملكٍ، و سحبت سناء ولدها كريم إلى أحصانها و هي تقول بِسُخريةٍ : « هنموت على البت مثلًا، ده أنا أجوزه سِت ستها! »

- « بس أنا عاوزها يا ماما! »

نَطقَ كريم بِهدوءٍ، و هو ينظر لوالدتهِ بعينيهِ الواسعة، فَضيقت سناء عيناها و ضربتهُ على يدهِ و كأنهُ طفلٌ صغير، ثمَ رفعت سبابتها في وجهِ قاسم نابسةً بِضيقٍ : « مفيش جواز .. و ده آخر كلام! »

« و إحنا مالنا ؟! »

تمتمَ بها كُلًا مِن تسنيم و كريم في وقتٍ واحد، فرمقمهما قاسم بمللٍ دونَ أن يتحدث، تحتَ متابعة هاشم المحامي : « عمومًا، الميراث مش هيتقسم إلا لما الجواز يتم .. ده غير إن لازم الأولاد ينزلوا يشتغلوا في الشركة سوا! »

حوار عائلي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن