"الأسرار هى مايساعدنا على العيش, فكم سيخسر من لا سر له! ".وبدأت اقرأ :
طفلتي الجميلة اتمنى ان تكوني بخير إينما كنتِ وإينما حللتِ ،يؤسفني أن اقول لكِ ياحبيبتي أنني لم أعد اضمن العيش طويلاً في هذه الدنيا فأنا اتعرض للتعنيف والضرب المميت من قبل ماجد حتى عندما كنتِ بداخل احشائي لم يراعي حملي ولم يتوقف عن ضربي ساعةً واحدة، اه يا حبيبتي مهما كتبت ومهما تحدثت عن ظلمه وحقارته فلن اوفي لذا سأختصر عليكِ ياصغيرتي سواء عرفتي أم لم تعرفي أنا كنت سابقاً متزوجة من ابيكِ نعم ضياء نور الدين الورار هو والدكِ الحقيقي لقد كنت حامل عندما أجبرنا والده (جدكِ) على الطلاق بسبب عادات وتقاليد ما نزل الله بها من سلطان طلقونا وفرقونا ثم فككوا شملنا وهدموا حبنا ، حرموني من ابني اخذوه من حضني وهو لم يدخل في السنة الرابعة من عمره بعد ! لقد مزقوا قلبي إلى اشلاء وحرقوها امام انظار ضياء وابننا جعفر ، يااميرتي ان القصة طويله جدا ولاتسع هذه الورقه لسردها لذا سأوصيكِ ان لاتبقي مع ماجد ابداً فهو يعرف أنكِ لستِ ابنته ومع ذلك تزوجني بالقوة وانا امرأة حامل ،حاولت أن اخبر ضياء عنك ولكن لم أجد أي فرصه لأن ابي حبسني في غرفة مظلمة فور قدومي من البصرة لشعوره بالعار بسبب طلاقي ثم زوجني قسراً لماجد مباشرة بعد العده !
صغيرتي لو تبقى يوماً واحد من حياتك عليك أن تبحثي فيه عن أهلك اذهبي إلى البصرة لأبيك وأخيك .سأترك لكِ العنوان في الورقة الثانية .اخذت الورقة الثانية وكأن الزمن قد توقف في هذه اللحظة ثم نقلت العنوان في قصاصة صغيرة ووضعتها في جيب معطفي ،
هنا يحدث في داخلي صراعات بيني وبين مشاعري ، ان أسوء مايشعر به المرء هو أحساسه بالغربة داخل بيته ومنطقته التي لطالما كان يظن أن كل جزء من روحه وجسده ينتمي لها ، وفي لحظة لم يخطط لها ولم تكن في الحسبان ابداً صار كل شيء غريب بالنسبة إليه . صارت شوارع المدينة القديمة وساحات اللعب الصغيرة التي كانت مكاننا الأمن ، البيت المهجور في منطقتنا منذ الطفولة كان مأوانا الوحيد في لعبة الأختباء (الختيلان ) ، و حياطين بيت العم عامر الذي كنا نرمي من خلالها الحجارة في الظهيرة لتخرج لنا أسيل حتى نلعب لعبة بيت بيوت المفضلة لنا دون أن يلاحظنا أحد من اهلنا ويجبرنا على النوم في أعظم اوقات اللعب عندنا ، صوت الأولاد الذين يلعبون كرة القدم في شارعنا ، وجارتنا أم الضفاير المجنونة التي كنا نركض خلفها لاهثين لأجل التنمر على ثوبها الأصفر و ضفيرتها الحمراء السميكة اثر صبغة الحناء التي تدلكها أمها العجوز في شعرها كل يوم ! كل شيء اصبح غريب عليَّ بمجرد أنتي قرأت بضعة سطور كتبتها أمي المتوفية منذ اثنتا عشرة سنة ، لم اكن اتوقع بأن جملة واحد من الممكن ان تحدث كل هذا التأثير على بني آدم وتغير شعور الأنتماء الذي كان يتغلل في اعماقه حينما كان يجوب شوارع مدينته وأسواقها باحثاً عن احتياجات بسيطة تلبي له متطلبات العيش ،وفجأة يتحول كل مااعتاد عليه إلى وهم وخيالات كحلم النائم وقت الظهيرة ،لاشيء حقيقي ولا تفسير مقبول لأحلامه ! لو خرجت في هذه اللحظة إلى اسواق مدينة بغداد التي ظننتها طيلة عمري أنها مدينتي وموطني الحتمي فلن ابحث مرة اخرى عن اي شيء في السوق سوى نفسي التي تلاشت واختفت بين انتماءات وهمية خدعوني بها وطفولة مزيفه وحياة كاذبة .
أنت تقرأ
ملاك هارب
Mystery / Thrillerعلى أرض العراق ،في أروقة المدن ، مابين بغداد والبصرة تواجه آيه صراعات التقاليد التي سلبت حيواة الأبرياء وكدرت معيشة الأحياء لتنتقل بعدها إلى نزاعات غامضة مابين الحاضر واسرار الماضي المكبلة بالغبار والتي عفى عليها الزمن الا أن تأثيرها لايزال يطارد بط...