،،،،،،،،الكاتبة ايات حسن ،،،،،،
ها انا أركض لاهثة من هنا وهناك اتعثر تارة وانهض في أخرى اصرخ مرة وأصمت مراراً ،أمرض واتمارض اهرول اضج وأبكي ولكن ما من اذانٍ تسمعني او قلب يشعر بي !
لحسن حظي كان معي الكثير من المال ،نعم الكثير الغير متوقع من ثروة أمي التي تركتها لي على شكل أساور من الذهب الخالص وخواتم وحتى مفاتيح ذهبية مصممة بطريقة مبهرة ،لا انكر ابداً بأنها كانت طريقة ممتازة لحفظ المال عن طريق تحويله إلى قطع ذهبية قيمة خصوصا جراء الاحداث السياسية وحتى الأقتصادية التي كانت تحدث في العراق في تلك السنوات فقد غيرو العملات الورقية وان لم يتم تبديلها بأسرع وقت تذهب الثروة ادراج الرياح لافرق بينها وبين اكياس القمامة التي يأخذها عامل النظافة كل صباح .لكن المال وحده لايكفي حتى يكون المرء سعيداً في مدينة لايعرف طبيعة أهلها وعلى الرغم من هذا إلا أن المال الذي معي لايكفي لشراء منزل صغير أذ أن الأسعار مرتفعة جداً في هذه الفترة والثروة التي املكها هي تمكنني من العيش لمدة ثلاث سنوات أو اكثر بقليل وهذا يعني أنه عليٌَ إيجاد عمل بأسرع وقت ممكن .عند وصولنا لبيت الخاله سهاد طلبت مني وبصورة ملحة أن اكون ضيفتها هذه الليلة ومن ثم سأنتقل إلى بيتي الذي يقع في الشارع الخلفي مباشرة .كانت منطقه شعبية بسيطة وهادئة جداً لدرجة تجعل الفرد يظن للحظة أن العقم أصاب سكان هذه المدينة جميعاً ولم يمكنهم من إنجاب الأطفال ،فأنا ما سمعت ولارأيت طفلاً واحداً طيلة الثلاثة إيام التي مضت ،كانوا الرجال وحدهم من يخرجون ويدخلون تلك المنازل بأستمرار . إنها منطقة مملة بعض الشيء فما فائدة أن تسكن في الجنان وأنت تشعر بالوحدة القاتلة وكأنك المخلوق الوحيد في هذا العالم ، لاتعرف ماذا تفعل ولا إلى إين تذهب فإينما تأخذك قدميك لاترى سوى الهدوء و الفراغ كجوف إنسان جائع لم يأكل منذ شهر كامل و لم يبقى فيه سوى الرمق الأخير ، لاجدوى من إي قرار يأخذه فقد أقترب حدفه وجاءت سكرته !
وها قد بقيت وحيدة مرة أخرى بين نظرات لا تفسير لها وأعين تحدق بي إينما ذهبت . كاد الجوع يقتلني وأنا اتجول بين أزقة هذه المدينة باحثة عن مكان أنسب من هذا إلا أنني بقيت في نهاية المطاف في هذه المنطقة التي لو سقطت في نهاية شارعها الأبرة لسمعها الذين يسكنون في البداية .
عدت والجوع يقتلني إلى بيت الخالة سهاد كونها استضافتني عندها لثلاث إيام حتى اتعود على الوضع الجديد وأتمكن من التأقلم ولو بنسبة اثنان بالمئة مع هذه المدينة وأزيل وحشة الغربة والوحدة . كانت الخالة سهاد تسكن هي و والدتها المسنة حيث أستشهد زوجها بالحرب ، فبقيت وحيدة مع أمها العجوز وابنتها التي تزوجت حديثاً في بغداد . كانت تلك الإيام التي قضيتها في بيت خالة سهاد وأمها فهيمة من اروع الإيام التي مرت بحياتي أذ كنا نخرج للسوق معاً وندخل إلى محلات الألبسة النسائية ومحلات الساعات اليدوية والأكسسوارات الثمينة ثم تسأل على الأسعار وكأنها ترغب بأن تشتري أكثر من نوع فكنت اتفاجأ في البداية هي تقول انها لاتملك المال الكافي لتشتري سوى مايسد جوعها هي وأمها العجوز المسكينة ثم تدخل لمثل هذه المحلات الباهظة الثمن وكأنها راغبة في شراء الكثير فكنت اتسائل بداخلي بأستغراب ماذا تفعل هذه ؟ من إين ستدفع ثمن هذه المشتريات؟ ولكن سرعان مايرن هاتفها وتقول :أنها مكالمة ضرورية عليَّ أن أجيب .
ومن ثم تأتي لاهثة وتتفوه بكلمات غير مفهومة يملؤها الخوف والتوتر وعدم التصديق وتقول :لقد أصيب زوجي بحادث مرور عندما كان يقود سيارته ،يا اية اتركي مابين يديك واتبعيني بسرعه !
ليسيل لعابي من الدهشه ، عن أي زوج تتحدثين ؟ ألم يستشهد زوجك منذ عشرة سنوات ؟ ولكني احتفظت بكل هذه التساؤلات في نفسي وأخرج معها لتمسك معصمي بقوة وكأنها تسحبني لأن اخرج بسرعة ثم تلتفت لتلقي نظرة خاطفة على المحل وكأنها تحاول التأكد من عدم النظر خلفها أو ملاحقتها . ضربتني بخفة على كتفي و قالت ضاحكة
- هل صدقتي يافتاة ؟
ثم تتعالا ضحكاتها أمام استغرابي وعجزي عن تفسير مايدور بعقلها
- ماذا تفعلين ,هل انت مجنونة ياخالة ؟
- هذا لبس جنون ولكنها مزحة صغيرة لأغير بها مزاجك .
فأنظر إليها بأستغراب ونكمل طريقنا ضاحكين وكأننا لم نرى هماً ولا الماً في حياتنا .
أنت تقرأ
ملاك هارب
Misterio / Suspensoعلى أرض العراق ،في أروقة المدن ، مابين بغداد والبصرة تواجه آيه صراعات التقاليد التي سلبت حيواة الأبرياء وكدرت معيشة الأحياء لتنتقل بعدها إلى نزاعات غامضة مابين الحاضر واسرار الماضي المكبلة بالغبار والتي عفى عليها الزمن الا أن تأثيرها لايزال يطارد بط...