انطلقت شاحنة يزيد السَّائق من سرعة سيرها تُحدث فجوة ترابيَّة عند عجلاتِ السَّيَّارة حين لحظة الإنطلاقِ يقُد سائقُها باحترافيَّة متَّجهًا لوجهَته بينما في الدَّاخل من الجزء الآخر للشَّاحنةِ حيث هي تتكوَّن من جزءٍ مخصَّص للسَّائق ومقعدًا فارغًا بجواره، والجزء الآخر خلف السَّائق يشغل مساحةً واسعةً تُعتبر أربعة أضعاف مساحة مكان السَّائقُ المخصَّص لكن منفصل عنه تُعتبر صندوق مغلق يمثِّل هذا جزء من تركيب الشَّاحنة الخارجي، حيث بداخله هيل المغشي عليها ممدَّدةُ جسدها النَّحيل علي فراش المرضي الموضوع داخل الشَّاحنة بجواره مُعدِّات طبِّيَّة قديمة مملوءة بالصَّدأ وعلي خوافِّها غبار ملتصق. تجلس الممرِّضة علي الكرسيُّ الموضوع بجوار الفراش تهزُّ قدميها بتوتُّر تضربها في الأرض ضرباتٍ متتاليةٍ.
نظراتها موَجَّهة لِلموضوعة علي الفراش لا حول لها ولا قوَّة وتعرف أنَّ نقلُها في مشفي للأمراض النَّفسيَّة تبدو فكرة سيِّئة نظرًا لرهابة الأمراض المتنوِّعة التي تتلقَّي العلاج هُناك والإكتئاب لا يتمثَّل شيئ بجوار الأمراض الخطرة المعزول مرضاها بعيدًا عن البشر.. حتَّي دون علم هيل عن أي شيئ أو حتَّي انتظارها لتستفيق وإخبارها لكن رأت الممرِّضة أن هذه فكرة سديدة حتي لا تعرف هيل بأنَّها ستذهب لهذا المكان بسبب أمُّها، وفي الأساس رفضت الممرِّضة تَقابُلها مع والدتها إن كانت أمٌّ أصلًا؛ حتي لا يزداد أمر هيل سوءًا.
العديد من الأفكار تستولي علي تفكيرها بجانب نظرات الشَّفقة نحو تلك البريئة الخالي وجهها من التَّعابير، وجسدها من الرَّوح.. وكيف هي عاشت كل تلك المدَّة مع شخص يعاملها هكذا، بالتَّأكيد هي عانت من طفولتها القاسية التي عاشتها مع والدتها، ظلَّ أوَّل انطباع أخذته عنها في رأسها ولازال لم يتغيَّر بأنَّها لا يمكن بأن تكون أمًا، شخص لا يحمل ذرَّة عطفٍ أو شفقة نحوها،
هذه أوَّل مرَّة تري فيها هيل وقد أرثت لها وتتمنَّي لو تستطيع مساعدتها بأيَّةِ طريقةً كادت تكون
فما بالُها بالتي تعيش معها منذ مجيؤها للدُّنيا تعيش معها ثمانية عشر عامًا وتحضر حالتها في كل مرَّة تحدث لها منذ ثلاثة عشرُ عامًا منذ اتمامها الخامسة من عمرها كما أخبَرتهم. ولم تشفق عليها حتَّي!!بعد مدَّةٍ ليست بقصيرة البتَّة اتَّجهت تلك الشَّاحنة الكبيرة نحو منحني جبليٌّ في طريقٍ ضبابيٌّ تغطِّيه أشجارٌ طويلة عالية تحجب أشعة الشَّمس عن هذا المكان المظلم -إلي حدٍّ ما- ، خالٍ من البشر لكن سكَّانه غير البشر يملأون الطَّريق بحثًا عن فريسة ليتغذُّوا عليها ومن الظَّاهر أنَّه لا توجد فريسة، فَكلُّ الحيوانات هنا مفترسة متوحِّشة..
ما يحتلُّ المكان من الأشجار التي تبدو مخيفة، وزجاج الشَّاحنة أصبح الضَّباب محتلًّا له
وظلَّت الشَّاحنة تسير بين هذه الأشجار اللاتي لا يستطيع أحدًا رؤية نهايتها من علوِّها. مرَّات عديدة انتفض جسد جميع الرُّكاب من الخلف والأمام بسبب المطبَّات الكثيرة نظرًا لعدم استواء الطَّريق في هذه المنطقة الجبليَّة المعزولة
YOU ARE READING
The Hospital
Mystery / Thriller- دَاخِلُ هَذِه الجُدْرَانُ مِسَاحَةٌ كَانَت يَوْمًا مَا بَيْضاَء يتردَّد صَدَاهَا مَع الطَّنين المَكْبُوت لِلآلات الغَيرُ مَرْئِّيةٌ، ومِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الحَاضِرِينَ لَا يُوجَد سِوَى عَقْلٌ وَاحِدٌ يَنحَدِر طَوَاعِيَة إِلى الجُنُونِ لِيُشْفَى،...