5|شِبَاكُ العَنَاكِبِ

13 1 0
                                    

"اجتمعنا اليوم لنتحدَّثُ في موضوعٍ مهم، جاءتني أخبار بزيارة الشُّرطة للمشفي وتفقُّد ما يدور بها، وستكون بالطِّبع هذه زيارة مفاجئة منهم حتي لا نعرف بالأمر ونحاول الظُّهور بصورة صريحة ليست علي وجه التزيِيف" رَمَي كلامه مُحرِّكًا بصرِه في شتَّي نواحي الغرفة حيث الجالسين، والجُدران المتآكِل دهاناتها، مع الحشرات التي تتنزَّه بين الثُّقوب القابعة فيها.

أصغت كل الآذان إلي كلامه، وأومأت له الرُّؤوس، وحلَّلت كلامه العقول "لكن سيِّ- سيِّدي لا يجب أن يحدث هذا" توقَّف أحد المُتحدِّثين من الأطبَّاء المُتجمِّعين حوال طاولة الإجتماعات عن كلامه للحظات بعدما أردف جملته التي سُمعت حينما توقَّف المُتحدِّث الأوَّل عن الحديث يحاول استرجاع طاقته وهندمة كلامه، ثم نظر أرضًا بغير ثقة يخشي تلاقي عيون الأشخاص المتواجدون معه بعيونِه، استوعب أنَّه يتحدَّث وأنَّ الكُلُّ يستمع إليه فـَرفض لسانه إكمال باقي الحديث حرجًا.

"إنِّي أستمع إليكَ لوريس، هيَّا أكمِل" كلام الطَّبيب الذي جذب مسامعه كان بمثابة يدًا حديديَّة أخذت بذراعه من بين رمال متحرِّكة؛ ليرفع رأسه حيث مساواة الرُّؤوس الأخري، فَـنظر حيث المُتكلِّم لكن ليس بعيونه بالطَّبع، ليس له الجرأة علي أن يصبُّ عينيه بعيون شخصٍ آخر،

رغم أنَّ الكُل حتي ذاك الطَّبيب أيضًا كذلك، لكن في هذه الغرفة هو يعلم أنَّه المُسيطر وأنَّ الكل تحت سيطرته ونفوذه؛ فَـبني داخله كبرياءً باستضعافهم وأنَّه الأقوي؛ وكان هذا سبب نظرُه في أعينهم وليس لأنَّه تصرُّف شخص طبيعي واثق من نفسه، لا بل شخص مُستعلِي ضعيف صاحب نفوذ علي الأضعف منه بناءًا علي تصرُّفِ الطَّبيب.

كلامُه كان داعمًا لذلك الـلوريس، رغم أنَّه تصبَّب عرقًا من الخجل والتَّوتُّر، إلا أنَّه شعر بأنَّ كلام الطَّبيب لازال يؤثِّر عليه، لكن قلَّة ثقته بشخصه أخذت نفسه تفكِّر بأنَّ أكبرهم سُلطة سانده ويريد من هذا الضَّعيف التكلُّم! لذلك سارع بمتابعة حديثه "أعنِي سيَّدي أنَّ- أنَّه شيئٌ من غيرِ الطَّبيعي أن يحدث، أي الشُّرطة- لي-س من عادتها أن تق-وم بِـشيئٍ كـهذ-ا، وحتَّي إن قامت بالإهتما-م بالرِّ- بالرِّعاية الصِّحيَّ-ة وتفقُّدِ المُستشفيات، فـَلا يَجب أن- ت- تقُوم بِـهذا النَّ- شاط في مشفي نفسيَّة، فـَهذا من المؤكَّد أنه- سيكُون حسَّاسٍ لدَي بعضُ المر- المرضَي، ولا يجب الفوضي أوالإز-عاج هُنا، يمكن أن يَفقدُ أحد الأطبَّاء السَّ- السَّيطرة علي مريضَه-" توَّقفت رجفة اليدِ، والتلعثم، والتَّعرُّق حالما توقَّف لسانه أيضًا..
رمي بصره بنظرات خاطفة علي جميع الحاضرين فيجد ما كان يكره أن يجده، الجميع يناظره، فَـرفَّت جُفونه عدَّة مراتٍ عديدة يحاول استرجاع طاقته، حتَّي آتاه صوتَ من كان سبب حديثه في المقدِّمة يتحدَّث بفخر

"كلامُك تِسعةٌ وتسعونَ بالمئة منه صحيحًا"

"وما الخَطَأ- في- في- في ما قلتُه سيِّدي، أنا أعتذر، لكن لم أقصد أن أكون علي خطأ، أنا آسف لن تتكرَّرُ مرَّ-ة أُخري أ- أنا أعِدُك، أقسمُ بحياتِي"

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Dec 29, 2024 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

The Hospital Where stories live. Discover now