4|لِيعلَمَ الغَامِضُ سُوءَ الغُمُوضِ

36 1 0
                                    

"كُلي" صرخ في وجهها يناظرها بحدَّةٍ موسِّعًا عينيه بينما يرتفع صوت نبضات قلبه المرئي لمن يناظره، بدت تلك الأصوات تُزعجها وشعرت بأذنها أنَّها ليست علي ما يرام..
هو يصرخ عليها وهي في جلستها بالزَّاوية تشدُّ بيدها محاوطةً علي قدميها.. تجمَّعت في مقلتيها الدُّموع الكثيرة والتي وإن تحرَّرت لملأت الغرفة بأكملها.. حينما ازداد صوت نبضات قلبه بالإرتفاع أكثر لم تتحمَّل هي هذا الصَّوت، فـَهو حتي ليس كـصوت النَّبض العاديُّ، بل كَـصوتِ ارتطام أطنان حديد صلب ببعضها..
صرخت بقوَّة تجرح صوتها ممسكةً شعرها وتشدُّ قبضتها عليه تشعر بأنَّ أذنها حقًّا قد تأذَّت وألمُ الأذنِ حقيقةً لا يُقاوَم..

ورغم هذا الألم هي شعرت بتمزُّق قلبها أيضًا، شعرت بأنَّ شخصٌ ما يقوم بـتقطِيعَه إربًا بسكِّين وليست هذه السِّيرة في الوقت المناسب لتذكُّرها.

هذا الألم مجدَّدًا، انقباض قلبها الذي تشكُّ هي بأنَّه لا يقوم بوظيفته التي خُلق من أجلها.. هل قلبها كَـقلبه الواضح بأنَّه مجروحٌ كخاصَّتها؟ بل ربَّما أسوأ..
هي لا تشعر فقط بألم قلبها وأذنها، بل أيضًا ذاك الشُّعور الذي يبغضه كل قويُّ وغير قويٌّ، شعور الضَّعفِ الذي طالما عجز أمامه أقوي المخلوقات، ما باليدِ حيلة.. ضعفها بسبب خوفها وعدم معرفتها التَّعبير عنه أو عدم قدرتها عن التَّعبير عنه..

هذا الشَّئ الذي لا تعرف ماذا يكون ينظر لها بتصلُّب عينيه لا يحرِّكهما عنها. نظراته مخيفة كَـشكلِه المرعب، يبدو هو ضخمٍ يفوقها طولًا وقوَّة وكلُّ شيئٍ، ولازالت تتذكَّر ملمسه الذي كلَّما جال في خاطرها كيف كان يبدو تشعر بالجنون والرَّغبة في الصَّراخ وتقطيع شعرها من شدِّها له وقتل نفسها بعد ذلك.

بات يطالع انفعالها واستمرارها في الصُّراخ، بينما يلهث وصدره يعلو ويهبط بوحشيَّةٍ منتظرًا تفسيرًا لصراخِها هذا. "إن لم تأكلي فـسيكون العقاب قاسي" بهدوءٍ مبالغ فيه أردف بعدما توقَّفت عن الصُّراخِ "ثم.. كُلي" تابع بنفس النَّبرة يقرِّب التُّفَّاحة الفاسدة من فمها ووجهها يرتعش وكذلك جسدها، ترفض ملامسة هذه الفاكهة فهما حتي، يقرِّبها لها أكثر كلَّما تراجعت للخلف بعرض الحائط الذي تسند عليه تغمض عينيها اللتان يسود الإحمرار عليهما كخاصَّتيه "ل- ل- لا-" لم يفقه ما تقوله حتي هي لم تفعل، ربَّما هذا كان ردٌّ غير إراديٌّ من جسدها بسبب رفضها علي الحديث!!
غير منظقي حتَّي.

"لا بدَّ أنَّكِ من ذوي الذين لا يصغون إلَّا بالقوَّة" أمسك وجنتيها يكوِّبهما بين يديه يكاد يفعصُها وتشعر هي بالقرف تريد التَّقيُّؤ حين ملامسته لها، بِكل ما أوتيت من قوَّة صرخت بجنون وكأنَّها مبرمجة للصُّراخ فقط. تريد إبعاده لِيده فورًا عنها، أرادت دفع هذا الجسد الشَّحميُّ عنها لكنَّها رفضت ذلك حتي لا تلمس جسده مرَّة أخري رغم أنَّها تلامسه بالفعل..

The Hospital Where stories live. Discover now