أغلقت عيناي بعدَ أن همستها في نفسي بخفّة، أخبرته حين بلغتُ الحدّ الأقصى لما أشعرُ به، يمكنُكَ الحصولُ عليها إذنْ، لن أُمانع بذلك. بالكاد أكملتها، ليقاطني
لا تُسئ فهمي، لا أريدُها لكنّها تُعجبني.
قابلتهُ بوجهٍ عبوس، فليقتني فرسي، وليتذَكرني مع كل ركوب، لكنه فضّل أن يُعجبَ بها دون أن يقتنيها، عكسي أنا.. اللذي يحبُ أن يقتني الأشياء اللتي تعجبُه.إنها فرسي الوحيدة، أهداها لي والدي حين كنتُ صغيرا، لا يمكنك أن تتصور كم أحبُها أنا.
اطفأت سجارتي داخل كأس العصير، وأكملت تمسيد شعر الفرس فيما يقبعُ خلفي من أحب، يرتشف بإرتخاءٍ نوعٌ من أنواع الشاي.هل تعلقتَ بها كثيراً؟
أظهرت بعض التساؤلات على سؤاله، ثم نظرت ببداهة وأجبت بقلق، وكيف لا أتعلق بسيءٍ أحبهُ أنا؟ الصوت الدافئ والبساتين المُريحة كانت شيءً يجمع بيننا نحن. فقد رأيت غرقَه داخل الريح، وسريانه مع كل قطرة.الحبُ ليس كل شيءٍ في الحياة، بلْ إنه آخر خطوة.
المدى الوحيد اللذي فهمته من هذه الكلمات .. هو الإجابة عمّا تسآئلته قبل وهلة. ويبدوا واقعيا بالنسبة لي .. لكنّي، لن أتعلق بشيءٍ ما لَمْ أُحببه.إبتسمت بهدوء، ولست الآن سِوى زهرة لا تستطيع أن تميل أو تتحرك.
أنت محقّ، لكن أن تحبّ سخصاً ما .. أنت تعلم؟ ليس بالسيء السهل لأنّك حينها ستسعر بسعورٍ لم يمُر على قلبك قط، وهل تعلمُ لماذا؟
لأن الإنسان يحبُ في حياته مرّةً واحدة.
بينما قطب جونقكوك حاجبيه أمامي، كنت أروي له كلماتٍ لم أعلم قط بأنها توجدُ داخل رأسي. كان كل شيء يخرج مرّةً واحدة دون أن أُفكرَ فيه، ودون أن أصيغهُ أو أن أنتظر قدومه.
رأيت نفسي أنفتحُ بإرتياحٍ معه، أكون أنا، بحقيقتي الحقيقية.أجاب وهو غارقٌ بالتفكير في كلماتي؛ ومتى تعلمُ بأنّك فعلا تحب شخصاً ما؟ ليسكُنَ عقلي لثانية. لم أستطع تدارك هذا السؤال رغم بساطته، ولكنني حاولت. حاولت حقاً أن أجيّد إستخدام اللغة، وتركيبها وتكوينها حين قُلت
يوجدُ أساليبٌ عديدة، أن تسعُرَ بأنّك تريد أن تكتب إليه رسالةً ربما؟
شعرت بالزهو، وتوردّت حينئذ لأنّ رسائلي العظيمة قد أعطيتها لحظة تتويجٍ صغيرة، أمام من أحب، وأمام من كتبتها لأجله.
باشرت بعضّ شفتاي حين رأيته يبتسم، غير مقتنعٍ تماماً لكنّه مسرور. وهذا السرور وحده ما أردت رؤيته أنا.وحين وصلَ الى ذروة إبتهاجه قال،
هذا أنت إذنْ، أؤكد لك بأنّي قرأتها جميعها من سطرها الأول، الى سطرها الأخير. والآن الى اللقاء، لك ولفرسك.
شعّ وجهي بصمتٍ غطى على ملامحي، وكلماته رادوت ذهني مراتٍ لا عدّ لها. بإيقاع، بتناغم. بينما كنت أفكر متى سأتخذّ القرار لأتحرك. شعرت بوجودي هذه الليلة دون أي ليلةٍ أخرى، وأخذّت أعد الخطوات اللتي سراها من جانبي الى منزله. إنها ثلاثون قدم تحفرُ آثارها على قلبي بخفّة.