-تبًا !
قالها وهو يطلق على اخر شخص تبقى من هؤلاء المجرمين ، لقد نسي تمامًا ، هذا المكان هو اول مكان سيخطر على بال احمد المجيء اليه لذا فقد ترصدو له ، بدأت الذكريات تزاحم عقله ، هل هذا ما يقصدونه بان شريط ذكرياتك يعرض امامك قبل ان تموت ، تذكر ذلك الوقت الذي اشترى فيه لعيسى هديه ومشى ليعود الى البيت وحينها رأى حريقًا في الاسفل ، كانت هندسه الطريق فريدة من نوعها ، يبدو ان المكان تشكل اثر ازاحه عاموية في الارض ، لذا فان هنالك مجموعه من البيوت في الاسفل ، ثم ارتفاع مستقيم ثابت عالٕ لتستقر عليه مجموعه بيوت اخرى ، يبدو ان هنالك بيت يحترق في الاسفل ، كان ينوي الاتصال بالمطافئ ، ولكنه رأى عيسى يقف امامه ، عيسى ! ما الذي يفعله هنا! كان عيسى يحدق بعينين فارغتين وكان بعيدًا بعض الشيء عن الحافة لذا فقد اقترب منه ووضع يده على كتفه.
-عيسى هل كل شيء على ما-
دفعه عيسى بكل ما اوتي من قوه نحو الجهه الاخرى وصرخ بانفعال: اخرس!
وبينما كان الضابط يحاول استيعاب الوضع كان عيسى واقفًا على الحافة تمامًا وظهره ناحيه الهاوية وهو بعيد عنه .
قال في انفعال: مهلا يا عيسى ما الذي تفعله ، لقد وعدتني اليس كذلك ، بانك لن تفكر في افكار كهذه لمدة شهر ، لذا تركتك دون ان اراقبك ،انت تخلف وعدك ، لا تفعل بي هكذا !
قال متابعًا في تردد: الامر ليس بهذا السوء صدقني ، ستكون الامور على ما يرام ، جهاد بنفسه ما كان ليرضى ان تكون حزينًا بهذه القدر ، انا متاكد بانه سامحك بالفعل ، وايضًا ماذا عني ، هل ستتركني وحيدًا ؟ هل ستتركني اتخطى الامر وحدي ؟
ابتسم عيسى ابتسامة حزينه هادئه عكس عينيه المفتوحه الدامعه المضطربه: بحق انت تجيد الكذب .
كان الضابط صامتًا مصدومًا ليكمل عيسى بنفس اللهجه والابتسامة :عمومًا انا اعتذر لانني كنت حملًا عليك
- مهلا يا عيسى !
دفع نفسه الى الوراء ليقول بصوت خفيض: شكرًا على كل شيء!
ركض الضابط نحوه مادًا يده في انفعال : توقف !
توقفت ذكرياته لوهله عندما اجهز على اخر شخص اطل برأسه من الباب وارتخى جسده ليسقط ارضًا ولكن يد احمد امسكته بقوه في انفعال قبل ان يصل الارض وهتف والدموع تملأ عينيه
- مهلا ! تماسك!
عادت الذكريات في الضابط عندما ركض ليعبر الطريق الذي يؤدي الى الاسفل ، كان يريد التصديق بان صديقه لم يمت ، لقد سقط على القرميد الاحمر الخاص بالمنزل ثم تدحرج ليدخل احدى النوافذ ، السقطه لم تكن مميته ، ولكن عندما وصل الى البيت ، كان البيت متفحمًا وسط رجال الاطفاء الذين منعوه من الدخول قبل اطفاء النيران ، وكان الشخص الوحيد الموجود في هذا البيت ميتًا ،او متفحمًا لاكون اكثر دقه ، حينها انهار تمامًا وحاول ايقاظ الجثه المتفحمه بيديه وسط شفقة الجميع
-عيسى لا تمزح معي ! انهض
ليعلو صوت احمد مجددًا في بكاء : تماسك يا خالد !
حينها صفي عقل الضابط فجأه لينظر الى احمد الغارق في الدموع ليكمل احمد بصوت باكي: طوال الوقت ، ذلك الرجل ذو الشعر الاسود الطويل ، الظل الذي لطالما حماني من كل شيء لقد كان انت ، وانا طوال الوقت كل ما افعله هو اسائه الظن به ، وتسبيب الاذى له .
ابتسم الضابط : هذا يكفي يا عيسى ، لم يكن في نيتي اعادة ذاكرتك اليك ، ففقدان الذاكرة ينبع من امتلاكك لذكريات تؤذيك بشدة ويفضل الدماغ ان يمسح كل شيء من اجل ان تعيش مجددًا ، وانا كنت السبب في فقدانك الذاكرة اليس كذلك ، لذا من الجيد ان تنساني؟
امسك عيسى الهاتف بيدين مرتجفتين :ساتصل بالاسعاف لذا تماسك.
اخبر الاسعاف عن المكان ولكنهم اخبروه بانهم سيحتاجون ربع ساعه للوصول
- ما الذي تتحدثون عنه ؟ هذا اكثر من كثير ! حينها سيكون خالد -
بتر كلامه فجأه ورمى الهاتف في انفعال وخلع قميصه ليربط جراح ضابطنا :خالد اذا مت الآن فلن اسامح نفسي ، انت لا تريد هذا اليس كذلك ، على الرغم من كوني شخص سيء الا انك لا تزال تعتبرني صديقًا أليس كذلك ؟ لهذا حميتني بحياتك اليس كذلك؟
سكت الضابط في حزن ليتبع بابتسامة : عيسى انت لست شخصًا سيئّا ، اعني ان كل ما تذكره هو اللحظات السيئه معي ولكنك قبل ذلك كنت توجد دائمًا من اجلي.
ضحك ليتابع كلامه في هذيان: اتذكر عندما سخر بعض الشباب مني وقبل ان ارد عليهم لكمت الاول في وجهه وقلبت الامر لشجار كبير ،او حينما اعجبتني تحفه قديمة غالية في إحدى المتاحف وقد نسيت الامر حينها ولكنك لم تنس فاستمريت في ادخار نقودك حتى اشتريتها لي في نهاية الامر وقد اهديتها لي في عيد ميلادي ، او عندما صعدت الى المسرح في الجامعه وطارت اوراقي وتوترت فوقفت بين الجمهور وبدأت في تشجيعي وسط استغراب الجميع ، اااه تلك مجرد مواقف عادية بالنسبة للمواقف العظيمه التي فعلتها من اجلي ولكن رأسي يؤلمني لتذكر ايًا منها .
-هذا يكفي يا خالد ، لا تتكلم ! سوف يأتي الاسعاف و .. تماسك اريد ان املك الوقت لاعتذر لك ، لكي لنخرج سويًا كما كنا نفعل في الماضي وحينها اقسم بانني لن اسيء الظن بك مرة اخرى ،انا اعلم الآن جيدًا انك لم تكن لتقول كلامًا فظيعًا ، اعلم جيدًا الآن ذلك الفيديو مفبرك بشكل جلي وانا صدقته بحماقة لانني كنت غير مستقر نفسيًا.
وضع الضابط خالد يده على كتف صديقه عيسى قائلا : عيسى ! عش وامضِ قدمًا ! تخطى كل الامور السيئه وانظر الى الامام ولا تلتفت ابدًا ، انت لا تزال الشخص الذي منحني الشجاعة لاصر على حلمي وادخل اكادمية الشرطة وانا واثق بانك ستجد حياة افضل من التي عشتها ، وايًا كان الامر الذي ستفقده تأكد بانك ستجد افضل منه ، كما وجدت الغناء بديلًا عن الرسم ، لا تأخذ طاقتك وسعادتك من احد ، حتى وإن فقدت الجميع ، ابق قويًا واصنع سعادتك بنفسك ، شجع نفسك وانسَ الماضي ، انسَ وجودي وامضِ قدمًا ، فصديقك المقرب لا يزال يهتم لامرك .
ارتخى جسده ليهتف عيسى في عدم تصديق : خالد! ما خطبك! خالد ! هذا يكفي ! سامضِ قدمًا ، لن اشكو مجددًا لذا انهض ! انهض من اجلي ، خالد!
احتضن عيسى خالد باكيًا ، لترتسم ملامح الظل الاسود في ذكرياته ، ولتكون تلك الابتسامه المزيفه للظل ، ابتسامة تحاول جاهدة اخفاء تعبها وشحوبها مصحوبه بعينين حنونتين دامعتين ،عينان لا تشبهان عينا ضابط ابدأ ، عينان اقرب الى عينا ملاك .
-يتبع-
أنت تقرأ
ابتسامة ظل حزين
Bí ẩn / Giật gânمحيت ذاكرته ، نسي عائلته واصله وحتى اسمه ولكنه لم ينس ذلك الشخص الغريب الذي لا يمكنه تذكر ملامحه حتى ، كان اشبه بظل يقتحم ذاكرته في كل مرة يحاول فيها ان يكمل دون التفات للماضي ، فيبتسم ابتسامته المزيفة كالعادة ويطير شعره الطويل اثر الهواء ، فيبدو مر...