بارت ٨ والاخير : لقد كان اعسرًا

28 5 9
                                    

علا صوت جهاز التلفاز بالاخبار المعتادة التي سأم الجميع منها ، ردة فعل الجماهير ، حقيقة احمد فتحي والذي اتضح ان اسمه الحقيقي عيسى حسام ، حقيقة فقدانه الذاكرة ومسيرته الفنية ، اطفأ عيسى التلفاز في ضجر متمتمًا : هذا يكفي.
- لا يحق لك التذمر ، انت محظوظ لانك نلت شعبية كهذه في وقت قصير .
اكمل بنفس اللهجه الضجرة البطيئه : الامر لا يتعلق بالشعبية ، انا فقط اريد ان اخرج دون ان احاصر بالمايكروفونات .
ضحك سامر ضحكه خفيفه ، كان سامر من تلك العائلة التي ساعدته وعاش معها وهما كالاخوين تقريبًا : هل تعلم لقد قلقت عليك كثيرًا عندما علمت بامر فقدانك للذاكرة ، وايضًا صدمني اخبارك الشرطة بكل شيء ،اعني ان ذلك ليس من طباع-
قاطعه عيسى : تعني ان شخصًا جبانًا مثلي كان سيخاف من ان يخطو خطوة جريئة كهذه .
تردد سامر وحاول الرد ولكن عيسى اكمل بعزم: انا لم اعد كالسابق ، في السابق كنت اعتقد انني شخص شجاع ولكنني كنت هشًا تمامًا وما حصل بعد فقداني ذاكرتي اثبت الامر ، اما الآن فقد عزمت على المضي قدمًا ،لم اكن لامضي قدمًا باسم وهمي وماض كاذب ، ولحسن الحظ فقد سار الامر على ما يرام   .
تمتم سامر : لهذا كنت قلقًا عليك فلست بهذه القوة ، حتى ان عائلتك الحقيقية قد ماتت قبل خمس سنوات في حريق كبير ، خفت ان ذلك قد يكون كثيرًا عليك .
ابتسم احمد:ما الذي تتحدث عنه ؟ لدي عائلة بالفعل واخٌ اسمه سامر.
ابتسم سامر ثم سأل : اريد ان اعرف شيئًا واحدًا ، كيف نجوت من ذلك الحريق؟
- ااه ذلك؟ في الواقع على الرغم ان احتراق المكان كان حادثًا الا انه كان مكانًا لبعض المجرمين يحاولون فيه ابتزاز شخص ما ليزور لهم المال عن طريق ان يستغلوا مهاراته في الرسم ، اذ ان تزوير المال اصعب من ان يتم عن طريق الطباعة العادية ، وكانو حينها يحاولون الهروب من الحريق معه ولكنني سقطت عليه فاصطدم رأسه في الارض ومات ، ولكن وجهي كان مألوفًا كرسام لذا قررو اخذي وابقاء ذلك الرسام في مكانه ، حسنًا كانو ساذجين ونسو التاكد من يدي ، وانا متاكد بانهم ليس لهم علاقه بالاشخاص الذين تورطت معهم قبل شهرين ، سوى انهم سيئون مثلهم.
قال في قلق : مهلا ذلك يشعرك بالاستياء اليس كذلك ؟ اعني انه مات لانك سقطت عليه .
ابتسم ابتسامه خفيفه : لقد واجهت امر تسببي بموت جهاد وخالد ولا اظن بان هنالك امر سيفلح في جعلي استاء اكثر .
قال سامر محاولًا لتغيير الموضوع:وقد عثرو على الشخص المحتجز .
- اجل ، فقد كانت مجرد كاتبه مسكينه غير مشهورة لانها لا تزال في البداية يجبرونها على الكتابة ليكسبوا المال وها قد تحررت في النهاية .
سرح قليلًا ليقول فاردًا يده : سامر ... اظنني ساكمل مسيرتي كرسام .
قال في تعجب : مهلا كيف ستفعل هذا ؟
- بيدي اليسرى
قال في استنكار : هذا مستحيل ، انت أيمن ، انا لا اقول هذا من باب احباطك ولكنك قد اصبحت مغن مشهور يا احمد ، لا تطلب اكثر من ذلك ، انا اريد ان اراك مبتهجًا فحسب ،  لا اريدك ان تحاول على اشياء لن تتحقق وتستاء في النهاية.
ابتسم عيسى ابتسامة حزينة : اتعلم .. عندما قال لي خالد وقتما جرحت يدي بانني ساستطيع الاكمال كرسام صرخت في وجهه واخبرته بان يتوقف عن الكلام الفارغ من اجل التخفيف عني وعندها اخبرني بانه ليس مجرد كلام فارغ وانه مؤمن بهذا ولكنني اصررت انه مجرد كلام فارغ ، حينها اقسم بانه سوف يستمر في استخدام يده اليمنى الى الوقت الذي استعيد فيه مستواي السابق في الرسم ، حسنًا لقد كان اعسرًا وقد اخبرته بان ذلك بلا فائدة وانه سوف يستسلم في النهاية ، ولكنه لم يتوقف عن ذلك ابدًا وكان يعاني بشدة في استخدام يده طوال الوقت.
دمعت عيناه مكملا: عندما رفع المجرمون مسدساتهم نحوي دفعني واستل مسدسه واطلق عليهم جميعًا بمهارة ،كل تلك كانت ردات فعل لا ارادية ، وخمن اي يد استعمل حينها
-مهلا انت لا تعني -
- اجل لقد كانت يده اليمنى ، لقد استمر في استعمال يده اليمنى على الرغم انه كان حينها يعتقد انني مت ، لقد وفى بقسمه واصبح ايمنًا  .. لقد طلب مني ان انساه ، ولكن نسيانه سيكون اخر ما سافعله  .
مسح دموعه ليقف ملتفتًا نحو سامر: سوف اذهب لاكمل العمل على الاغنيه التي سوف اغنيها بعد ثلاثه اشهر .
- اغنية؟!
- الا تعرف
عاد وجلس وقال بحماس وكانه يسرد قصة مشوقة : اجل ، اغنية تتكلم عن شخص يمتلك المؤهلات لتصبح عنده قدرات خارقه ولكنه لا يستطيع استخدامها لذلك كان عليه التدرب من اجل ان يغدو بطلًا ويساعد اهل القرية، وكان في كل مرة ييأس فيها يكون هنالك ظل اسود قريب منه يرفع يديه مشجعًا له باستمرار فينهض ويكمل من جديد ، وفي يوم من الايام اختفى هذا الظل الاسود ، فحزن هذا الشخص وكاد ان ييأس واستمر في البكاء حتى لمح شيئًا قريبًا من قدميه ، انه ظله المتكون من انعكاس ضوء القمر ، نهض ونظر الى ظله ثم رفع يديه مشجعًا نفسه ليرفع الظل يديه ايضًا ، ابتسم واكمل تدريبه ، و كلما يأس من التدريب وقف ورفع يديه مشجعًا نفسه ليرى الظل وهو يرفع يديه ايضًا وظل هكذا حتى اكتسب القدرات الخارقة التي يريدها ، واصبح بطلًا لاهل القرية كما يريد وقام اهل القرية بالاثناء عليه لاجتيازه الامر وحده ولكنه اخبرهم بالظل الاسود الذي كان يشجعه فقالوا بانه اجتاز الامر حتى بعد ان اختفى ذلك الظل الاسود فاجابهم بابتسامة بانه لولا ذلك الظل ، لم يكن ليلمح ظله ابدًا .
-مهلًا هل تقصد
لمعت عيناه مجيبًا بابتسامة عريضة: اجل انه خالد .
ثم نهض وذهب مغلقًا الباب ورائه ليترك سامرًا متعجبًا ليهمهم في انبهار : لقد نضجت بحق يا احمد ..
سرح قليلا ليعيد : بل يا عيسى .
- النهاية -

ابتسامة ظل حزين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن