بعد سنة ونصف ..
رمقه علاء بطرف عينه ليزفر بقوة فيغمغم وهو لا يرفع عيناه إليه بل منغمس بالعمل كعادته : مالك عمال تنفخ ولا العجلاتي ، مالك بتنفخ ليه ؟!
مط علاء شفتيه ليهتف به : عايز أروح أحضر الحفلة اللي معمولة في الدور الثالث .
رفع حسن حاجبه ليجيبه بتهكم : طيب ما تروح هو حد حايشك.
نفخ علاء بقوة ثانيةً ليهدر بحدة هذه المرة : انت يا بني آدم انت معندكش دم .. مفيش إحساس .. بلاش مفيش مخ ، البنت ماشية وعاملين لها حفلة وانت قاعد هنا وكأنها ولا فارقه معاك .
رفع حسن رأسه يرمقه ببرود ليجيبه دون اهتمام : المفروض أعمل ايه يعني عشان تبقى فارقة معايا أتحزم وأرقص ولا أعمل ايه ؟!
رمقه علاء مليًا : حسن اطلع من الشوية دول أنا علاء فاهم مش دارين هتضحك عليها ولا الغلبانه اللي بتتمنى نظرة وانت بتعاملها رسمي وكأنك يعني مش هتموت عليها .
زم حسن شفتيه ليهدر فيه : احترم نفسك يا علاء ، ايه هموت عليها دي ، وبعدين يابني أموت عليها إزاي دي أد بنتي دي لو كنت اتجوزت بدري زي ما كنت ناوي كانت بنتي هتبقى أصغر منها بمفيش .
أجابه علاء بحدة : لا والله ليه إن شاء الله معرفش سنك كام ولا معرفش هي عندها كام سنة ، أتبع ناصحًا – يا حسن فرق السن مش فظيع للدرجة دي يعني ؟!
تمتم بتهكم : خلاص يا سيدي لو كنت اتجوزت ساعتها كان هيبقى عندي عروسة طولها
هدر علاء بضيق : وانت متجوزتش وهي بتحبك يا حسن وانت عارف وانت كمان ميال لها يبقى لا ليه .
تنفس بعمق : بس بتحب شغلها أكتر يا علاء مش حرام أحرمها من إنها تحقق أحلامها ، تفتكر لو كنت اتقدمت لها من ساعة ما حسيت بأنها بتحبني كانت زمنها دلوقتي بتحتفل بالترقية وبالنقل في فريق تاني أحسن من فريقي وبعد سنة ولا اتنين تبقى مسئولة هي بنفسها عن فريقها الخاص ، مط علاء شفتيه بضيق فأتبع حسن بجدية – تفتكر أنا أقدر أحرمها من كل ده عشان بس تبقى مراتي .
نفخ علاء بضيق : يا سيدي اسألها مش يمكن يبقى بيتك عندها أحسن من كل ده ، أشاح حسن وجهه في رفض ليكمل علاء – بذمتك ودينك يا أخي مش كل مرة بتبقى في عملية بتبقى هتموت لا يحصلها حاجة ، مبتفكرش بقى إنها تتجوز حد غيرك وانت عايش في دور الصامت الغامض ده .
أسبل جفنيه ليكمل علاء ناصحا : قولها يا حسن مش هتخسر حاجة من الكلام ، بطل تعذب نفسك ع الفاضي وانطق يا بني آدم وخصوصًا إنك عارف ومتأكد إنك مش هتعرف تتجوز غيرها و عارف برضه ومتاكد إنها مش هتتجوز غيرك يبقى ليه العذاب ده بقى ، يا أخي الأحلام بتتغير كل ما بنكبر ، شوفها يمكن صرفت نظر أو يمكن تقدر تلاقي أرض وسط يا حسن.
هم بالخروج من المكتب ليسأله حسن بعبوس : رايح فين؟!
أجابه علاء بضجر : رايح الحفلة ، ندى عاملة محشي وقالت لي إنها شايلة لنا نصيبنا منه ، لو انت مش عايز أنا عايز ، أكمل علاء متعمدًا اغاظته – ده كفاية المحشي اللي هي بتعمله يا بني آدم براس ..
توقف حتى لا يسبه وهو يكمل : ولا بلاش المهم أنا رايح عايز تيجي ابقى اتفضل مش عايز انت حر .
راقب انصراف صديقه لينهض واقفًا يتحرك باتجاه نافذة مكتبه ينظر الخارج شاردًا يفكر في حديث علاء الذي لا ينكر أن له جانب كبير من الصواب ولكنه لا يقوى على القيام بأي فعل ولا يقوى على إنكار ميل مشاعره نحوها ، نعم هو لا يصنف ما يشعره اتجاهها حب ولكنه لا يقدر أن ينكر أن مشاعره معها تفوق منزلة الأستاذ لتلميذته أو الرئيس لمرؤوس يخدم معه ، فندى مختلفة عن كل ما يتعامل معهم وليس لكونها فتاة في وسط عالم من الرجال بل لكونها مختلفة بالفعل عن البقية فهما بالعمل يشكلان ثنائي جيد جدًا فأصبح بعمله لا ينظر لها كالسابق " الفتاة التي ستكون عالة على فريقه " بل هو يستطيع أن يعول عليها الكثير من العمل بثقة تامة أنها ستنجزه أفضل من شباب أكبر منها سنًا وأعلى رتبة ، فعلى مدار العام ونصف الماضيين كانت ندى إحدى الأعمدة الرئيسية في فريق عمله ، بل إنه اعترض مرتان حينما حاول السيد مهيب نقلها لفريق آخر ، حتى بعدما انفصل هو وعلاء وأصبح علاء مسئولًا عن فريق خاص به تمسك هو بوجودها معه ، ولكن هذه المرة لم يقوى على الاعتراض أو الرفض ، فالترقية التي نالتها تستحقها وعن جدارة .
انتبه من أفكاره على دقة خافتة يعلم هوية صاحبتها ليهتف بأريحية : تعالي يا ندى .
ابتسمت برقة كعادتها لتدلف بخطواتها الرزينة وهي تحمل طبقان مغطيان بورق فضي لامع لتهمهم بلباقة : اصل حضرتك مجتش الحفلة ، فقلت أجي أنا ، أتبعت وهي تضع الطبق على طرف المكتب – نصيب حضرتك من الأكل والحلويات كمان.
رمقها بتعجب : ايه ده انتي ليكي في الحلويات كمان ، كنت فاهمك تخصص محشي بس .
ضحكت وهتفت برقة : بألف هنا وشفا على قلبك بس يارب يعجبك يا باشا.
تمتم وهو يقترب من مكتبه يجلس على كرسيه وهو يشير إليها بالجلوس : أكيد هيعجبني مش انتي اللي عملاه ؟!
تمتمت سريعًا : اه والله العظيم أنا .
ضحك بخفة لتتورد أمام عينيه قبل أن تكح بحرج وتهمس وهي تهم بالوقوف : طيب مش حابة أعطل سيادتك بقى ، عبس بعدم فهم فأكملت بثرثرة مبررة – أصل علاء بيه قالي إن حضرتك مشغول فقلت أجيب لحضرتك الأكل بنفسي
صمتت لبرهة قبل أن تكمل : وأودعك كمان.
رمقها مليًا وانتفضت عضلة صدغة ليهمهم وهو يشير إليها بالجلوس ثانيةً : لا اقعدي عايز أتكلم معاكي .
استجابت على الفور ليسألها بجدية : مبسوطة يا ندى .
ضحكت بخفة لتهمهم بمرح : الحمد لله فضل ونعمة ، أنا عمري ما كنت أتخيل إني أوصل للي فيه دلوقتي ، بس بصراحة الفضل يرجع لتوجيهات سعادتك بعد توفيق ربنا ، فطبعًا لازم أبقى مبسوطة .
تمتم بعفوية : مبسوطة إنك هتمشي وتسيبيني ، رفت بعينيها ليكمل سريعًا – أقصد هتمشي وتسيبينا كلنا يعني الفريق كله .
خفضت رأسها وأجابت بخفوت : لا طبعًا دي أكتر حاجة مضيقاني بس .. صمتت قليلًا لتكمل – بس مكنتش أقدر أرفض الترقية ، الشغل الحاجة الوحيدة اللي بقيالي .
تأملها قليلا ليسأل بجدية وهو يعتدل بجلسته : هو انتي ممكن تسيبي شغلك يا ندى عشان تتجوزي مثلًا يعني؟!
رفعت رأسها لتنظر إليه هاتفه بجدية : لا ، تجمدت ملامحه لتتبع بهدوء – ولكن أتمنى ألاقي حد يقدر يفهم ويقدر طبيعة شغلي ويعرف إني ممكن أتنازل عن حاجات وحاجات مينفعش أتنازل عنها ، زي ما هو يقدر يتنازل عن حاجات وحاجات تانية ميقدرش يتنازل عنها .
اعتدل باهتمام ليسألها وهو يضع مرفقه فوق طرف مكتبه ويقترب بجسده منها : زي ايه ؟! ايه اللي تقدري تتنازلي عنه ؟!
هزت كفتها : إني مطلعش مداهمات .. إني أتوقف عن عملي كجزء من الفريق وإني هفضل اشتغل بس في الجزء الجنائي والتحقيقات بس .
أتبعت بهدوء وكأنها توصلت لهذا الأمر بعد كثير من التفكير : مفيش راجل هيرضى إن مراته تبقى معرضة للخطر كل لحظة وتتنش طلقة وعياله يتلطموا ، مفيش راجل هيرضى إن مراته تبات بره في الخلا مع فريق كله رجالة حتى لو كان واثق فيها أكتر من نفسه وواثق فيهم هم كمان ، مفيش راجل هيستحمل ولا هيرضى بكل ده .
مط شفتيه بتفكير ليسألها : أفهم من كدة إن لو اتقدم لك عريس هتوافقي على شروطه دي لو حطها .
أجابت سريعًا : لا طبعًا ، لو على الجواز والسلام يبقى شغلي أهم من أي حاجة تانية ، أنا بتكلم في حالة إني ألاقي حد أحترمه واقدره ويستاهل إني أتنازل عشانه .
بسمة ماكرة ناوشت ثغره ليهمهم بخفوت وهو يسحب طبق الأكل نحوه هاتفًا : تخيلي كان نفسي في المحشي فعلًا .
ضحكت بخفة لتجيبه بعفوية : حضرتك في أي وقت نفسك فيه أطلبه وأنا أعمله مخصوص .
تمتم بخفة وهو يأكل بالفعل وعيناه تتفحصها بنظرة أخجلتها: لا متقلقيش هطلبه كتير بعد كدة .
كحت وهي تتورد بعفوية فيبتسم لتنهض واقفة تتحاشى النظر إليه وهي تهمهم بتلعثم : طيب هسيب حضرتك بقى أشوف وشك بخير .
تمتم بجدية : على خير بإذن الله .
همت بالخروج لتجد علاء أمامها فتبتسم برقة في وجهه فيهتف بصوت عالي : هتوحشينا يا ندى ، ربنا يوفقك باذذن الله في شغلك الجديد .
أدت التحية بانضباط : شكرًا يا علاء باشا ، بعد إذنكم .
غادرت بالفعل ليغلق علاء الباب بعدها قبل أن يستدير ينظر لصديقه المنهمك بالأكل فيهتف به في ضيق : ها ايه الأخبار حددت معاها معاد عشان تقابل باباها ؟!
عبس حسن بتعجب : أحدد معاها معاد هنا ، إحنا في الشغل يا علاء .
هتف علاء بضجر : ايه في الشغل هو أنا بقولك تقولها تجي لك البيت ، بقولك معاد مع أبوها .
زفر حسن وتوقف عن تناول الطعام : ايه أبوها دي ما تحسن كلامك يا ابني انت .
نفخ علاء بقوة : معلش يا سيدنا اعذرني أصل تعليمي مجاني ، اخلص قلت لها ولا لا .
رمقه حسن قليلا قبل أن يجيب : يعني مش أوي لمحت لها يا عني وكدة .
نظر إليه علاء بصدمة : أيوة يعني وصلت لإيه .
نهض حسن واقفًا ليتحرك نحو دورة المياه الملحقة بمكتبهما : هاروح لهم بإذن الله بس هبقى اتصل بسيادة اللواء وأخد معاد منه .
هتف علاء بفرحة حقيقية : يا فرج الله طيب كويس وتاخدني معاك أنا ودارين عشان نخطب لك.
التفت إليه حسن باستياء : أخدك معايا ليه كنت من بقية أهلي ، مش هاخدك في حتة لا انت ولا حد أصلًا ، حتى اخواتي مش هاخدهم ناقص فضايح أنا.
تمتم علاء بخفوت : يا ساتر على غلاستك ، طيب وديني لا مسيب عليك البنات وأمهم وأبقى وريني مش هتاخدهم معاك إزاي.
***
يجلس بغرفة معيشته في بيت عائلته الذي جدده واتخذه بيتًا له ولعروسه منذ ما يقارب عام كامل .. ابتسم وهو يتذكر عروسه التي ذهب إليها مصطحبًا عائلته بأكملها ليس برضا منه ولكنه مرغمًا فإخوته الذين علموا برغبته في الزواج أخيرًا وضعوه أمام الأمر الواقع يومها وهم يتوافدون عليه بأسرهم حتى خالته ودارين ابنة خاله وعلاء الذي أتى قوة واقتدار هو وبناته وقام بإغاظته حينها لأنه لم يستطع أن يرفض مجيئهم بل هو لم يقوى على الرفض وخير ما فعل -يومها – فهو لا ينسى أبدًا فرحتهم العارمة به وتكاتفهم معه بل ومساعدته أيضًا في الحديث وإقناع والد العروس بقراءة الفاتحة من المقابلة الأولى التي تحولت إلى مظاهرة حب بكم العدد الكبير الذي حاوطه يومها
تنفس بعمق وهو يتذكر عروسه الصغيرة وهي خجول ببسمة هادئة ووجه مورد لم يره من قبل رغم عملهما سويًا إلا مرات نادرة فندى وقت العمل تتحول لضابط نادي كما يمازحها بقية الفريق فيجبروه على الابتسام حينما يضايقونها فتأخذ حقها من الجميع بأدب وقوة وعنفوان أسر روحه رويدًا رويدًا هو الذي تعامل معها بمهنية تامة في كل عملياتهم سويًا إلا تلك المرة التي كادت أن تودي بحياتها في فورة حماس أخذتها فلم تستمع إلى أمره بالتمهل ، يومها زعق بها وأبكاها وهي التي لم تفعلها قط أمام الجميع ولكنه لم يكن يدري ما يفعله بسبب الخوف الذي أغشى بصيرته ، يومها أدرك جيدًا أنها لم تعد التلميذة ندى بل اتخذت مكانة أكبر لديه ، لذا سعى ووافق على ترقيتها ونقلها تلك المرة دون أن يسر لأحد بما فعله وهو الذي أدرك أن وجودها بجواره سيؤثر على مسار العمل سلبًا ، فاتخذ طريقًا ماكرًا وأسلوبًا يميزه بالخطط ودفعها للبعد دفعًا وهو يوقن أنها ستصبح أقرب إليه من نفسه ولو بعد حين ، وبالفعل وعد نفسه وفاز بها لتصبح زوجته وامرأته وأم ولده الذي قارب على المجيء .
صوت مصمصمة أثار قرفه وانتباهه ليستدير بحدة ينظر إليها بطرف عينه وهي تفترش أرض غرفة المعيشة وتمصمص القصب بتلك الطريقة التي تفضلها ويبغضها هو فيرمقها بضجر وضيق ليتأفف بصوت مسموع حينما لم تصمت فتكتم ضحكتها ولا تعيره انتباها ليهتف بعد قليل بحدة : مش هنخلص إحنا من موال القصب ده .
همهمت بضحكة مكتومة : الله يا حسن مش الدكتور قالي أشرب عصير كتير .
أجابها بحدة : شفتي قال اشربي عصير مش مصي قصب ، أتبع بحنق حينما همت بتقشير عود القصب بأسنانها – ومش بالطريقة دي .
هتفت بمرح وهي تضع كفيها في خصرها : يا سلام ومالها طريقتي بقى .
نفخ بقوة : انتي عارفه إني بتضايق ، وبعدين بتقلب عليا المواجع وانتي مش من مصلحتك خالص إني أقلب عليكي وانتي كدة .
مطت شفتيها بتبرم طفولي قبل أن تنهض بتثاقل وتتحرك برشاقة رغم انتفاخ بطنها لتهمس برقة عندما اقتربت منه وجلست فوق ساقيه عنوة : وانت قلبك هيطاوعك تقلب عليا يا سنسن؟!
رمقها من بين رموشه ليهمهم بصوت خفيض : لا طبعًا ميطاوعنيش ، بس قومي لمي القرف ده عشان بجد الليفنيج بقى زريبة .
زمت شفتيها لتجيبه بمزاح ولهجتها الفلاحي تحضر بقوة : بذمتك مكنتيش أحلى زريبة شوفتها.
أغمض عيناه ليهتف بضيق : قومي بدل ما أرزعك في الأرض .
هتفت قاصدة إغاظته : متجدرش ، هم بدفعها بعيدًا عنه فعلا لتكتف ذراعيها حول عنقه هامسة بسرعة – خلاص سماح والله ، اهدى يا حسن ،الله يرضى عنك عشان ابنك مش عشاني .
تنفس بعمق ليغمغم بمكر مستغلًا احتضانها إليه فيضمها إلى صدره أكثر : على فكرة بقى كنت هشيلك وأقوم بيكي.
رفعت عيناها تنظر إليه بترقب لتسأله متشككة : بجد .
أومأ بعينيه ليكمل بتهكم متعمدًا : بس كويس إني معملتش كدة مكنتش هستحمل .
عبست بغضب وهي تبتعد عنه تلقائيًا : تستحمل ايه ؟!
تمتم ساخرًا : يعني يا حبيبتي مش حاسة بنفسك ، انتي عديتي المية كيلو يا ندى .
انتفضت واقفة لتصيح بعصبية : ناااااعم انت تقصد إني تخنت ؟!
ألقتها وهي تضع كفيها في خصرها ليجيبها ببرود : أقصد إنك تخنتي ؟! ليه هو انتي مش شايفة نفسك ، يا بنتي ده انتي مش عارفه تلاقي وسطك عشان تحطي ايديكي فيه.
انتفضت بعصبية أمامه وهي تهتف به مكررة : قلت لك مية مرة ده عادي عشان أنا طويلة وجسمي عريض حملي بيبقى في الجناب .
أومأ برأسه متفهمًا بافتعال : أيوة ما أنا واخد بالي .
ضربت الأرض بقدمها في تذمر : تصدق يا حسن أنا غلطانه إني بهزر معاك ، ومش هلم القصب ولا هعمل حاجة وهاروح أقعد عند بابا بكرامتي بدل البهدلة دي ولا حد يقولي زريبة ولا تخينة .
ضحك بخفة وهي تندفع مغادرة الغرفة بعصبية ليقلب عينيه بضجر قبل أن ينهض واقفًا يتحرك خلفها : استني يا مجنونة انتي هتروحي فين ؟! تبعها للداخل ليسألها بهدوء : بتعملي ايه يا ندى .
زمت شفتيها وهي تجاهد رغبتها الملحة في البكاء : رايحة لبابا ، كدة كدة أنا قربت أولد وماما بتتحايل عليا أروح أقعد عندهم.
تمتم بمكر وصوت خافت وهو يقترب منها : عارف وقلت لا قبل كدة ، مش هتروحي في حتة .
عبست بغضب : ليه بقى إن شاء الله ، ما انت مش طايقني أهو ، ضحك بخفة ليجذبها من ذراعها يقربها منه فتدفعه بحدة متبعة – ابعد عني يا حسن أنا لا طيقاك ولا طايقة نفسي .
تمتم وهو يحكم سيطرته على جسدها : وبعدين يا زوزو اتلمي وبطلي مناهدة ، وبطلي كذب شوية مش طيقاني ايه ، ربنا هيحاسبك على الكذب ده كله ، تبرمت بحدة فأكمل بخفة – وبعدين يا بنتي انتي عبيطة مش طايقك ايه ، ده أنا بعمل كل ده عشان أغرغر بيكي وأجيبك هنا.
نظرت إليه بذهول لتهمهم بحنق : وانت يعني لازم تضايقني عشان أجي هنا ، متعرفش تبقى زي بقية الناس وتقولي وحشتيني.
هتف بضجر : يا نهار على الناس اللي عاملين زي القطط بتاكل وتنكر بقى أنا مبقولكيش وحشتيني ؟!
ابتسمت رغمًا عنها لتهمهم : بتقول .
غمزها بخفة : وحشتيني بس ،
ضحكت وهي تتورد بعفوية : لا وحاجات كتير كمان .
لكزها بقبضته في طرف ذقنها بلطف : طيب أومال ايه بقى ؟!
اندثرت ابتسامتها على شفتيها لتهتف بضيق : مش هتبطل هزار الظباط ده ؟!
أجابها بتهكم : ومالهم الظباط بقى إن شاء الله ؟!
هزت كتفها بدلال : أنا نطقت ؟!!
دفعها بجبهته في جبينها وهو يضمها إليه أكثر : بحسب .
دفعته بلطف : طيب سبني أروح انضف الليفينج .
هز رأسه نافيًا : لا عشان أنا زعلت القمر ، هنضف الليفينج وأعمل الغدا كمان ، بس بعد ما أقول كل القصيدة اللي بتتقال بعد وحشتيني .
همهمت بتبرم : يووه بقى يا حسن .
همهم بمزاح ساخر : أيوة هو يووه يا حسن وأنا تعبانه وبعدين ..
هتفت بحدة : احترم نفسك يا حسن .
قهقه ضاحكًا ليهتف بها وهو يدفعها تسير بجواره نحو الفراش : بذمتك ده وقت تقوليلي احترم نفسك ، ده وقت مافيهوش أي احترام خالص .
ضحكت برقه لتستوقفه لتحتضنه بقوة وتهمس : أنا بحبك يا أبو علي .
ضمها إلى صدره ليقبل رأسها : وأبو علي كان ناقص وكمل بيكي يا زوزو .
ضحكت بخفة لتتلقى عناقه الهادئ بترحاب فتقابل لهفته بلهفة مماثلة وحبه بحب عارم دلف إلى قلبها دون استئذان وهي تكتمل به ومعه.
تمت بحمد الله
٢١/٦/٢٠٢٠
أنت تقرأ
نوفيلا .. حسن إلا ربع
Romanceيتسلل بفرقته بين الحقل المزروع متخفين بين قمر غائب عن سماء لونت بالأسود القاتم وزي أخضر يناسب لون محصول البرسيم الذي حان وقت قطافه . يقف ليشير بيده بإشارة ما متعارف عليها بينهم فيتحرك الرجال من خلفه بسرعة وخفة محاوطين البيت المبني بين الأرض الزراعية...