المضطرب

ذكرى

     ❜ منذ آلاف السنين و الأخشاب ترافق المناشير
                      و السنابل ترافق المناجل
            لم يكن المنشار يوما صديقا للأخشاب
           ولم يكن المنجل يوما صديقا للسنابل ❛

كانت تلك آخر عبارة دونت بقلم رفيع على الورقة التي اتخذت المكتب موضعا لها ، و في تلك الغرفة التي لا تخفي نفورها من الكيان المستلقي على السرير تسلل ضوء القمر من خلال نسيج الستارة رافضا عتمة المكان مُعرِضا عن الاستسلام عن روح ذلك الفتى الذي فتح عينيه فور انعكاس الضوء عليهما ، كان يعاني من الأرق و ليس من المفاجئ توقع ذلك بعد رؤية العقاقير المتناثرة فوق الرف الذي يلتصق بسريره ، ربما كانت غرفته تعكسه بشكل كبير حيث لازمها لاعوام و لم يغادرها الا لضروريات البقاء ، غرفة أقرب إلى الكارثةِ منَ الفوضى لم تبرز فيها إلا زرقة عينيه العميقتان ، زرقة داكنة كالبحر تبعث الهدوء و تخفي هيجان نفسه الذي انفجر في احمرار عينه و بروز عروقها فبدت كأنها حقل من الزعفران .
رمى ذراعه بثقل على الرف طالبا الخلاص من تلك الليالي التي تمر عليه كالجحيم ليسحب مُدا من العقاقير و يتجرعها دفعة واحدة ، لطالما قضى وقتا طويلا في التخيل و استرجاع بعض الذكريات حيث كانت حياته جديرة بالعيش ، حيث اعتاد التحدث إلى صديق بدل الكتابة على الورق ، حيث اعتاد التهرب من النوم بدل الهرب إليه ،لكن المنطق يدمر الخيال و يعيده الى ارض الواقع ، يتناقضان فيفوز المنطق الحرب متحالفا مع عقله و محيطه ، و بينما يقلب جسده شرقا و غربا انتشلته ذكرى ألِفَها بطريقة غريبة .
_Pov_
سطح مستوٍ ، قاص لكنه أريح من صفيحة القطن التي اعتدت توسدها ، شعور مضطرب ، ربما أكون أعتم شيء في هذا المكان الساطع ، أكره كيف تطرد أشعة الشمس ظلامي الذي كافحت للتخلص منه ، ربما اردت في النهاية أن أنال مجد طرده و أحتفظ به لنفسي ، لكن لم يسعني سوى الخضوع للشعور الذي يمنحني النسيم و هو يداعب خصلات شعري بلطف ، تتمايل فتتبع سمفونية العشب الذي احتضنني ، كل شيء في هذا المكان يجري حسب إيقاع لا يترك في خانات اختياراتي الا الاستسلام له ، لذلك غفوت .
_End of pov_