الجزء الأول

138 18 2
                                    

تلاقٍ مع نفسي : الجزء الأول

صوت عقارب الساعة ملأ الغرفة وهدوء قاتل يملأ المكان من حولي...وحدة قاتلة وإنارة خافتة بسبب رغبتي الشديدة في البقاء في جو كئيب...هكذا الحال دائما كوني أحب العزلة والوحدة والاختلاء بنفسي لمراجعتها.

فتحت درج مكتبي وأخرجت منه ساعة قديمة أثرية ذهبية اللون وفتحت غطاءها فإذا بي أرى مجموعة من الأرقام الرومانية عليها والعقرب الكبير متوقف عند الرقم "26".

تساءلت لماذا هذا الرقم بالضبط؟! أيعقل أن كلام العجوز التي تبيع الأغراض الأثرية صحيح؟! أيعقل أن هذه الساعة هي سنوات عمري؟! ولكن لماذا توقفت الأرقام عند 26؟! أيعقل أنها آخر سنة لي؟!

أنا أبلغ الآن 25 عاما إلا عدة دقائق...ها أنا ذا أحدق بالساعة منتظرة حلول منتصف الليل لأحتفل بعيد ميلادي.

ما هي إلا دقائق حتى حل منتصف الليل فنهضت من مكاني لأجلس على الأرض حيث طاولة صغيرة عليها كعكة وشموع برقم 25 دليلا على سنوات عمري.

أطفأت الشموع ببرود وعدم اكتراث...كان المفروض أن أفرح وأبتسم...لكن لماذا الفرح؟! الناس لا يعلمون أنهم في كل عيد ميلاد يحتفلون باقترابهم من الموت أكثر.

لعقت الكريما الموجودة على الكعكة بإصبعي...لم يعجبني طعمها البتة فأنا أكره الأشياء الحلوة...تركتها وعدت للجلوس على المكتب والإمساك بالساعة الأثرية...مازال أمرها يشغلني

• قبل 5 ساعات:
كنت أتجول بالخارج بين المحلات إلى أن عثرت على محل أغراض أثرية وأدواة زينة في زقاق ضيق من أزقة السوق...كوني مهتمة بهذه الأمور دخلت المحل وأخذت جولة فيه وكانت الأغراض فيه مذهلة وتقليدية من مجسمات أهرامات إلى ساعات عريقة إلى تحف فنية وهناك أيضا أغراض من الثقافة الآسيوية كالدمية الخشبية التي تفتحها فتجد فيها دمية أخرى وفي كل دمية دمية أخرى.

ولكن من بين تلك الأغراض لفت انتباهي الساعة الأثرية اللامعة بلون الذهب فحملتها ونظرت لها بسعادة فلطالما تمنيت الحصول على واحدة...ولكن فاجأتني عجوز وهي تخرج من خلفي وتقف بجانبي مردفة:

-«خيار جيد...هذه الساعة نادرة وذات خصائص عجيبة»

أجبتها بفضول:

-«خصائص مثل ماذا؟!»

-«هل تمنيتِ يوما مقابلة نفسك في الماضي؟»

-«أجل...كثيرا...لكن ما علاقة ذلك؟!»

-«خذيها وسافري عبر الزمن واصنعي لقاءً تاريخيا مع نفسك»

رمشت بعدم فهم وظننت أن العجوز مختلة عقليا ولكنها صدمتني حين أردفت:

-«بثينة...أنا لست مختلة...أعلم ما تريدينه وأعلم كم تستحقينه لذا افعليها»

رمشت مجددا باستغراب فكيف لهذه العجوز أن تعرف اسمي وأنا لا أعرفها وتقرأ ما أفكر فيه أيضا...لذا قلت لها بتوتر وأنا أمد يدي مظهرة الساعة أمامها:

-«كم ثمنها؟»

لم ترد علي بل قامت بإطباق أصابع يدي عليها وكأنها تقول لي أن آخذها مجانا...لذا أومأت برأسي بالإيجاب وهممت بالخروج من هناك خائفة قبل أن أرى المزيد من الأشياء المخيفة.

••••••••••••••••••••

عدت بالذاكرة إلى الحاضر فوجدتُني أضغط على الساعة بقوة وشعور غريب يتملكني...كان ذاك شعور الفضول القاتل والرغبة في خوض المغامرة مع قليل من الخوف من المجهول.

تنهدت بعمق ورفعت يدي اليسرى موجهة أصابعي نحو الساعة وقمت بتحريك عقربها نحو الرقم "15"...لم أعرف لماذا اخترته بالذات ولكن شعورا يختلجني بأنني أريد البدء من هناك.

تَلاَقٍ مَعَ نَفْسِي!! (بِقَلَم : بُثَيْنَة عَلِي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن