الجزء الثالث

54 16 0
                                    

تلاقٍ مع نفسي : الجزء الثالث

ظهرت في مكان يبدو كمبنى...إنه مبنى مألوف...إنه دون أدنى شك الإقامة الجامعية التي كنت فيها.

سمعت صوتا عبر الدرج فتتبعته لأجد نفسي بسن العشرين عاما وهي تتحدث على الهاتف بسعادة...كانت ابتسامتها تشق وجهها وواضح كمية السعادة التي تشعر بها بالكلام مع ذلك الشخص المميز.

انتظرتها حتى انتهت ونزَلت هي من الدرج فصعدت نحوها واقفة من طريقها لكنها انصدمت وحدقت بي بفم مفتوح وقالت:

-«مستنسخة؟! أم أنكِ واحدة من أشباهي الأربعين؟!»

-«لا هذه ولا تلك...أنا بثينة من المستقبل...عمري 25 سنة»

-«ههههههه هذا سخيف...لا أصدقك»

-«يبدو أنكِ تخططين للذهاب معه غدا لمدينته من أجل تناول الشواء المشهور هناك»

-«ماذا؟! كيف عرفتِ؟! لقد كنتِ تتجسسين على حديثنا»

-«لا...بل أعرف كل شيء لأنني عشت الموقف من قبل...جيد أنكما تفاهمتما بعد شجاراتكما الطويلة»

-«هذا لا يصدق! لم أقابلكِ في حياتي ولكنكِ تعرفين حتى بشأن خصاماتي مع حبيبي؟! فعلا بدأت أصدق حقيقة كونكِ أنا من المستقبل»

-«الحقيقة أن هناك كارثة ستحدث في المستقبل...هذا الشخص الذي أعطيته كل ثقتك وحبك واهتمامك سيخذلك»

انفجرت من الضحك علي وقالت:

-«مجنونة...هذا مستحيل...لن يفعلها...أنا أثق به ثقة عمياء...وما أراه أنكِ تحاولين التخريب بيننا»

-«حسنا...لن أجادلك...أعلم كم كنت حمقاء حين كنت بسنك وأدرك جيدا أنكِ لن تصدقي حرفا مما أقوله...لكن سبب مجيئي ليس لأقنعكِ بأي شيء...فقط أردت مقابلتك ومشاهدة ابتسامك الجميلة وأنتِ تحدثينه...تلك الابتسامة ستختفي عنكِ لوقت طويل»

-«هراء»

-«أخبريني كيف حال مذكرة تخرجك؟»

-«أوووه لا تذكريني...سأموووووت»

-«ههههه لا أعلم لما سألتك رغم أنني أعرف الإجابة وكل الخوف والتوتر الذي يختلجك...لكن أبشرك...ستنجزين المذكرة بعلامة عالية جدا وتتفوقين هذه السنة»

-«تمزحين!»

-«أبدا...وسترتاحين من ذاك العذاب الطويل أخيرا...كل تعبك لن يذهب هباءً»

-«هههههه مازلت خائفة رغم ذلك...خائفة من أن لا أنتهي بالوقت»

-«ستنتهين...تأكدي من ذلك»

-«شكرا جزيلا بثينة المستقبلية»

-«ههههه العفو...الآن بالإذن»

استدرت لأغادر فنادت علي قائلة:

-«مهلا! بثينة...هل سأتزوجه؟»

أومأت برأسي أن لا بعد أن أدركت أنها أصبحت تصدقني الآن...وكما توقعت تحولت ملامحها لخيبة الأمل وقالت:

-«لكن لماذا؟! نحن نحب بعضنا بجنون»

-«أحيانا الحب لا يكفي...هناك الاحترام والتفاهم والوفاء والتراحم»

-«وما سبب افتراقنا بالضبط؟!»

-«السبب هو نحن الاثنتان...لقد تعبنا من العلاقة التي آلت لمنحى سيء...لا احترام متبادل ولا ثقة ولا تقبل لشخصية الطرفين...ولهذا قررنا فض النزال ومضينا في طريقنا بمفردنا...رغم أنه شخص نرجسي وكاذب ومنافق لكن لن أكذب وأقول أن كونه كذلك هو سبب الانفصال»

-«محزن! وماذا لو حاولت الحفاظ على العلاقة من خلال تغيير بعض السلبيات؟»

-«لن تقدري للأسف...أنتما لا تتفقان...سينتهي الأمر بالتنافر عاجلا أم آجلا...كله لأنه لا يحترمك ولا يقدرك...وأيضا حياته مليئة بالأكاذيب التي لا مبرر لها»

-«أكاذيب؟! أكره الأكاذيب!»

-«أعلم ذلك...ولهذا لن تستطيعي الاستمرار معه حتى لو كنتِ تريدين ذلك»

-«وماذا أفعل؟ هل أنفصل عنه الآن؟»

-«أبدا...انتظريه حتى يحطم قلبك...سيكون لذلك تأثيرا مهما في تسلسل حياتك»

نظرت لي قاطبة حاجبيها وقالت:

-«مجنونة! كيف يعقل لتحطم قلبي أن يكون مهما؟! بدأت أشك في صحتكِ العقلية يا فتاة»

«هههههه انتظري وسترين...لا أحب الكلام دون دلائل...والزمن سيريك الدلائل بأم عينه»

هزت كتفيها بعدم اكتراث وقالت:

-«هراء...فتاة مخبولة»

-«هههههههه أنا كذلك فعلا...وداعا بثينة ذات العشرين عاما...اهتمي بنفسك جيدا وبدراستك...وتذكري أنني دائما أحبك مهما كنتِ غبية وتافهة»

عرفت أنها ستغضب من كلامي لذا هربت بسرعة من هناك ووجهت العقرب نحو الرقم "21" وهو أهم رقم في حياتي وأكثر عمر حساس بالنسبة لي.

تَلاَقٍ مَعَ نَفْسِي!! (بِقَلَم : بُثَيْنَة عَلِي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن