بداية على حافة الصمت

214 14 0
                                    

كما  اعتدنا  انه لا توجد بدايه الا بوصف  الابطال  فلنبحر  معاً..

---

زيد وبيئته

زيد، شاب في الخامس والعشرين من عمره تتناغم هيئته مع قسوة الحياة التي عاشها بالرغم من صغر سِنه. لا تحمل ملامحه أي زينة زائفة؛ على وجهه يظهر عبء السنين التي مرّت، وعيناه الحاده تحملان بريقًا قاتمًا يشير إلى عقلٍ مشغول لا يهدأ. شعره الأسود الكثيف  الذي يبدأ بالانحسار عند الجبهة، يعكس تمرده على القيود التي فرضها عليه القدر. بشرته داكنة بفعل الشمس الحارقة، ولكنها لا تخفي أبدًا نضجًا وجدية طغت على ملامحه الشابة. جسده النحيل والقوي، كأن الحياة قد جردته من كل شيء إلا العزيمة.

أما المكان الذي يعيشه، فهو بعيد عن الفخامة والترف. منزل زيد يقع في أطراف المدينة، حيث تبدأ المدينة بالاختفاء وتبدأ الرمال بالظهور. البيت عبارة عن كوخ بسيط، جدرانه مبنية من الطين، وقد تآكل بعضها بفعل الرياح الحارقة، لكن مع ذلك يحتفظ بجوٍ من الهدوء والسلام. النوافذ صغيرة، تكاد تكون مخفية وراء الستائر البسيطة، لكنها تسمح بدخول ضوء الشمس الخفيف خلال النهار، الذي يملأ الغرفة بهدوء. الأثاث داخل الكوخ ليس فاخرًا، بل مجرد قطع خشبية متواضعة، تكاد تعكس روح الزمان الذي يعيش به زيد: بسيط، بلا ترف، ولكن مفعم بالراحة.

في زاوية من الغرفة، توجد مكتبة صغيرة مليئة بالكتب القديمة التي جمعها طوال سنواته. تلك الكتب كانت له بمثابة رفقاء الحياة الذين لا يخذلونه.
في الجهة الأخرى، يوجد سرير صغير مصنوع يدويًا، بجانب نافذة صغيرة تطل على مشهد صامت من الرمال اللامتناهية.

يعيش زيد في هذا المكان البسيط كأنما هو محاصر بين جدران الماضي والحاضر، يحاول العثور على السلام بين ضجيج أفكاره وصمت العالم من حوله. لكنه كان يعرف، رغم كل شيء، أن هذا هو المكان الذي ينتمي إليه، حيث لا شيء يعيقه عن التوحد مع ذاته.

---

رهف وبيئتها

رهف، فتاة في العشرين من عمرها، جمالها يتناغم مع سكون الصحراء التي نشأت فيها. شعرها الطويل، الأسود كالسواد الدامس، ينساب حول وجهها كستار من الليل، وعينها الداكنة تحمل بريقًا هادئًا يكشف عن عمقٍ غامض لا يتناسب مع ملامح وجهها الناعمة. وجهها المشرق يبدو وكأنه لوحة مرسومة بعناية، يكتمل جماله بملامح دافئة تعكس طيبة قلبها، لكنها تحمل في عمقها ظلالًا من الحزن تكاد تفضحها نظراتها أحيانًا.

تعيش رهف في قصرٍ بعيد عن صخب الحياة اليومية، يقع في أقصى المدينه حيث لا يقترب منه أحد إلا عندما يدعوه القدر. القصر ذاته ليس مجرد بناء، بل هو انعكاس لعزلتها الداخلية. جدرانه المصنوعة من الحجر الأبيض، الذي يذوب في حرارة الشمس ليعكس لون الصحراء من حوله، تعطيه مظهرًا ثابتًا، وكأنه جزء لا يتجزأ من الأرض. النوافذ الكبيرة تطل على مساحة شاسعة من الرمال التي تمتد بلا نهاية، كما لو أن الصحراء لا تعرف حدودًا.

ظلال الرمال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن