تلك الليالي محاولة لنسيان من تحب ، هي تلك الليالي التي تفقد في كل لحظة جزءًا من نفسك .
ندى في مواجهة حزنها لفراق إدريس لا تزال غير مقتنعة بالرحيل أو المضي قدماً ، تمارس حياتها على أكمل وجه وفي الليل في طقوس الحزن تغرق ، جسدها المشتاق يُعذب ، قد جفت شفتاها من الإنتظار ، أثقلت الهموم قلبها ، وباتت عيناها في حجر أسود ، لا تنام من شدة التعب .
ضحكات ندى في العمل توحي بالجنون ، من يضحك على كل الأشياء وإن كانت كلمة صباح الخير ، لم يكن أحمد قادراً على مواساتها ، تملك الحزن قلبها ، كيف لها أن تنساه ، ربما تحتاج إلى طبيب مساعد ليخرجها مما هي فيه ، ليرسل أحمد رسالة من رقمه المجهول ليكن فحواها : ألم يمل عقلك من التفكير فيه ، اقتلي نفسكِ ، هل هذا ما تريدين ، يعيش حياته على أكمل وجه ، يضحك ، ويحتضن غيرك وينام مع غيرك ويصحو على همسات غيرك ، حقيقة مرة ولكن تعودي ، ما إن رأت ندى تلك الرسالة لتكسر الهاتف أكثر من مرة وتصرخ في صوت مرتفع في مكان العمل لتخرج مباشرة إلى المنزل دون إذن من المدير ، ليتبعها أحمد قائلاً: هل يمكن ان نتحدث قليلاً ، وفي رفض ندى ممسكاً ذراعها بقوة ليقول : كفاكِ حماقة ، لم أعد أتحمل هذه الطفولية ، إذا غادرتي العمل ، لن تعودي مجدداً ، وفي ردٍ خفيف قائلة : لا يهم .
مر عامين ، لم تنسى ، تتظاهر بالنسيان ولكنها لم تنسى ، عامين من الانتظار ، إنتظار كلمة واحدة يمكن أن تجعلها تمضي خطواً لكن الكلمة لم تصل ، وفي باحات الساحة القديمة بجوار الحي وفي يوم ممطر دون وجود أحد ، جلست ندى على المقعد والمطر من فوقها يبلل ملابسها لكنها لا تهتم ، وفي أنفاس متصاعدة تقول : هل لي أن اغسل من العشق والحب هذه المرة ، نعم قررت النسيان ، أريد أن أحاول ، أريد أن أنسى همساته واللمسات ، أريد أن أنسى عينيه والقبلات ، أريد أن انساه حقاً ، لأغسل قلبي منه بالمطر ، هل لي أن أمضي خطواً ، عيناها من الدموع والمطر قد احمرت ، ويدها من البرد في اللون الأحمر قد كُسوت ، وفي خطوات ثقيلة تمشي وإذ بصوتٍ من الخلف ينادي : ندى ، اتسعت عيناها ، الصوت مألوف ، أعرف الصوت جيداً ، وفي سرعة أدارت ظهرها لترى إدريس ، وفي يديه مظلة ليركض نحوها لتستظل ، لكنها وفي رفض تام بقيت بعيدة قائلاً: ندى لنذهب إلى المنزل ، هناك يحق لكِ أن تضربيني إن شئتِ ، لكن في هذا المطر سوف تمرضين ، وفي نبرة من الثقل قالت : امرض ، وضحكاتها في جنون تعلو وفي كلمات من الأسى: لقد مرضت بالفعل ، لقد اجتاح المرض قلبي ، شاخت روحي ، لم تنام عيني ، لم أكن في ذلك المستوى من البقاء ، لم أستحق أن تبقى من اجلي ، كيف لك أن تكسر قلباً أحبك ، كيف لك أن تكسرني ، كيف لك ذلك ، أمرض ها أمرض ، يبدو لك النوم الجيد ، هل تأكل جيداً ، هذا واضح ، لم أنم لم أكل ، عانيت ، ماذا تعرف أنت عن المرض ، هل تعرف ماذا يعني المرض ؟ لا أعتقد ، لو أنك تعلم ما كنت معذباً لي بهذه الطريقة ، وفي حرقة قالت :آن لي نسيانك ، سأنساك ، وإن كان الثمن روحي سأنساك وإن كان ذلك آخر يوم في حياتي ، وفي طريق العودة ، سقطت ندى على الأرض من التعب ، حملها إدريس إلى المنزل ، وأبدل ثيابها ليتصل على الطبيب ، بالتأكيد تحتاج إلى الراحة ، يجب عليها الراحة ، قد أخبرتها من قبل ذلك ، لكن يبدو أنها لا تهتم ، خرج الطبيب ، ليمسك إدريس بيد ندى وهي تغط في نوم عميق قائلاً: لا يوجد من كلمات الأسف شيء استطيع قوله ، أنا أعلم كم أنا حقير وسيئ ، ولكن ي ندى لم أنساكِ لم أنسى شيء بيني وبينك ، مضى عامين وأنا احاول نسيانك ، لكنني لم أنسى ، حاولت كثيراً لكنني لم أنسى ، أدركت الآن أنك لم تنسى أيضاً ، لقد جرحتك كثيراً ، أعلم ، لا أريد أن تسامحيني ، لا استحق ، لكنني أحتاجك ، أحتاج بقائي بقربك ، كان خطأ كبير مني الابتعاد ، لم استطع البقاء مع نغم ، منذ يوم الرحيل ، وقد أخبرت نغم بحبي لك ، ولكنني لم أستطع العودة ، ليتني عدت ، ليتني عدت ، ليتني عدت ، بكاء إدريس في صوته أيقظ ندى وفي صوت خافت قالت : إدريس ، هل أنت هنا حقاً ، ليضع يدها على خده قائلا: أجل يا قطرة الندى ، يا حلو أيامي ، يا زهرة الربيع المقبلة ، أجل ، أنا هنا ، وفي دموعها المتساقطة على خدها قالت : ارحل بعيداً ، لا أستطيع أن أقنع نفسي بك مجدداً ، اذهب لا أريد ، وفي كلمات قالها إدريس : لا أريد حتى وإن ضربتِ صدري ، واثقلت الكفوف وجهي ، لن ارحل ، لن اكرر خطئي مجدداً ، أرجوكِ ، عامين من الأسى ، لا أريد مسامحتك فعلاً ، أريد أن أبقى فقط بجانبك ، ارجوكِ.
ما زالت تحبه لكن لم يعد قلبها بأمان معه ، ولا يزال في حبها يطمع مطالباً بالغفران ، لمسة يدها جعلته ضعيفاً وخده أصبح مسكن تلك اليد ، ما بال الغفران لا يطرق الباب ، وندى في موقفها متمسكة ، هل لها أن تسامح لم لا ذلك ما نود أن نعلم.
أنت تقرأ
جنون الحب ❤️
Roman d'amourفتاة بالثامنة عشر من عمرها تقع بعشق شاب يعشق الجنس ويعتبره وسيلة للتعبير عن الحب 🤍💔