الفصل الأول: سويٌّ في السّجن | الجزء (2)

409 6 0
                                    

لم يعرف سيج إلى أيَّ جهةٍ سيستدير بجسده العاري داخل الحمام، فهو لا يريد لأيٍّ من السّجناء أن يسدّد بنظرات الشّبق إلى أيره. ولكنّه لم يرغب أيضاً بعرض إسته للآخرين. فأخذ يستحم، يتنقّل ويدور في مكانه بشكلٍ مريب، وإلى جانبه بعض الرجال يتحسّسون أجساد بعضهم، وآخرون يفعلون ما هو أكثر من ذلك. لم يشأ الحرّاس بمنعهم طالما ذلك كان برضاهم. ولكن حتّى وإن لم يكن بالتّراضي، فهم لن يبدوا أيّ أهميّة للقيام بأيّ عمل حيالهم.

وهناك في الزاوية المقابلة، كان رجل ضخم يحشر أيره في فم رجل آخر وصولاً إلى حلقه. تسارعت دقات قلبه وشعر بأنه سيمرض. فحاول ألا ينظر بذاك الاتجاه.

رأى رجالاً آخرين يحدقون به بشراهة، ولكنّ أحداً منهم لم يحاول الاقتراب منه. فساورته شكوك بأن هذا متعلق بخافيير الذي كان يقف إلى جانبه لا يتكلم، عاري الملامح. شعر سيج بالراحة؛ فبوجوده بقربه لن يتمكنوا من مهاجمته.

كانت غلطة ... في منتصف المسافة عبر الحمام، شعر بها. يد تلامس مؤخرته.

تجمد سيج في مكانه ونظر إلى وراءه فكانت يد خافيير. فقال له همساً، "احتفظ بيديك لنفسك." علم أن الهمس كان أفضل لكيلا يثير فضول الآخرين. ربما لم يعرف سيج الكثير عن التسلسل الهرمي لمن يقطن السجن، ولكن معلوماته كانت كافية. وبذلك قد كان على علم بأن خافيير سيضطر أن يظهر له من هو المتحكم في حال جعله يبدو ضعيفاً أمام الجميع.

نظر خافيير إلى سيج بهدوء، بعينين سوداويين غامضتين، "أريد أن أظهر لجميع من هنا أنك ملكي، وإن لم أفعل، سيراودهم بعض التخمينات. وأنت لا ترغب بهذا حقاً، أترغب بهذا؟"

حدق به سيج ولكنه على حق. بالرغم من كرهه لهذا الأمر، فإن توجب عليه الاختيار بين اعتباره دمية شريكه في الزنزانة أو أن يسحق تحت العنف الناجم عن مضاجعة الجميع له، فهو على دراية بما سيختار. وبهذا لم يتحرك ساكناً، وسمح ليده أن تبقى على مؤخرته. في غالب الوقت كان يحمر خجلاً - فهذه إهانه لرجولته.

وبدأ يتساءل بينه وبين نفسه كيف تشعر النساء في حال تعرض لهن الرجال.

عندما انتهى وقت الحمام، أبعد سيج يد خافيير عنه. ارتدى ملابسه وعاد إلى الزنزانة بسرعة، ولكن خافيير لم يتبعه على الفور. وعندما عاد، ظهرت ملامح التوتر على وجه سيج لا إرادياً. وكان ممسكاً بكتاب يحاول جاهداً قراءته، ولكنه يفشل. فحدثه خافيير قائلاً، "استرخ، يا ذو الشفتين البارزتين."

"لا تنادني بهذا."

"سأناديك بما أرغب مناداتك به."

شعر سيج بموجة غضب عارم تسري داخله ولكنه لم يجد من كلام ما يعارضه به. والحق يقال، فقد قام خافيير بإزعاجه. كان خافيير يختلف عن سائر السجناء؛ كان هادئاً وحاد الطباع بطريقة غريبة. لم يكن صوته عالياً. ولم يتباهى كما يفعل السجناء الآخرون. فرأى سيج أن خافيير يبدو عليه الاحترام والمهابة.

كان فضول سيج يقتله، فسأل خافيير، "لم أنت هنا؟" فأجابه إكزافيير ناظراً في عينيه. "قمت بقتل ثماني أشخاص في أحد المتاجر." طرفت عينا سيج، "أنت تمازحني، أليس كذلك؟"

فأظهر له خافيير إيماءة استهجان، إيماءة تفسر بكلتا المعنيين.

وكان سيج حقاً يأمل بأن خاافيير كان يمازحه.
سأله خافيير فجأة محدقاً به. "كم تبلغ من العمر؟"

"ثلاثة وعشرين عاماً."

واصل التحديق به لثوانٍ ومن ثم صعد إلى سريره. يا له من رجل غريب.
***
مرت الأيام ولم تكن حياة السجن كما تخيلها سيج يوماً. شعر بملل لم يشعر به من قبل قط، لسبب واحد؛ لم يستطع فعل أي شيء يرغب به، فقد كانت تصرفاته محدودة، ومتحكم بها. وبدأ تدريجياً بفقدان صوابه. وأحياناً كان يذبحه الملل إلى حد التفكير بتجربة شيء أقل لطافة فقط للهرب من تلك الرتابة.

فهم الآن لما يفتقر السجن إلى العنف، فإنه يجب على السجناء تسلية بعضهم، وكان يرعبه هذا الأمر لأن كان على وشك الانضمام لهؤلاء السجناء. والقيام بما يقومون به.

تركه معظم السجناء وشأنه. ولكنه لم ينخدع بهذا، فهو رآهم، وأدرك الطريقة التي يراقبونه بها. أشقر الشعر، عينان زرقاوان، و أجمل من ألا يجتذب الانتباه. بقدر ما كره فكرة الاعتماد على خافيير لشخصه، إلا أن هذا الأخير كان الشخص الوحيد الذي يبقي هؤلاء المساجين بعيدين عنه. ومع انقضاء الأسبوع الثاني على وجوده في السجن، كان سيج قد اعتاد أن يضع خافيير يده المتملكة عليه في الحمام. وقد اعتاد تجاهلها. ولكن، وعلى الرغم من معرفته بأن الجميع كان يظن بأنه عاهرة خافيير، إلا أن مناداته بهذا الاسم في وجهه كان أمراً مختلفاً تماماً.

"أنا لست عاهرته." انفجر سيج في وجه أرمان، الفتى الذي شكل معه صداقة مؤقتة من نوع ما، عندما نعته بذلك مازحاً. "وهو لا ينيكني." فألقى عليه أرمان نظرة ملؤها الاندهاش ولم يردف أي كلمة.

نسي سيج الأمر برمته ولم يخطر على باله إلى أن عاد ذاك المساء إلى زنزانتهما ووجد خافيير بانتظاره وقد بدت ملامح الغضب واضحة على وجهه.

انقض عليه إكزافيير قبل أن يرمش حتى، ودفع به إلى الحائط. ضغط بذراعيه على رقبته. "أتريد مني قتلك؟ لقد قمت بجعلي أبدو ككاذب لعين. أهكذا تعبر عن امتنانك؟"

فتىً سويّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن