الفصل 4 : في الوقت المناسب

16 2 2
                                    

كان النصل الحاد على وشك قطع لسان الصبي الكفيف ، فجأة ظهر  ظل عملاق غطى كل مساحة قتالهم، وقد انطلق صوت غليض من خلفهم .  - «هذا يكفي.»
استدار الأولاد بسرعة،  ليروا رجلاً أصلعًا ضخمًا بشوارب كثيفة يقف خلفهم ، وذراعيه مطويتان على صدره.
-  «ضع ذلك السكين بعيدًا ، أيها الصبي»،
تردد الصبي الكبير للحظة ، لكنه استمر بهجومه رغم ذلك ، والسكين متجه نحو لسان ليث.  في اللحظة المناسبة تحرك الرجل الضخم بسرعة مفاجئة  بالنسبة لشخص في حجمه ، في حركة سلسة، أمسك بمعصم الصبي ولفه (او لف يده) خلف ظهره ، ترك يده منتفخة وشبه مكسورة. وقد سقط السكين على الأرض.
حاول الصبيان الآخران مساعدة صديقهما ، لكن الرجل الضخم كان قويًا جدًا بالنسبة لهما. وقف  الأولاد الثلاثة جامدين للحظة قبل أن يحاولوا الهرب.  لم يتوقعوا من أي شخص أن يتدخل،
  تردد الأولاد للحظة والخوف في عيونهم، غير متأكدين مما يجب عليهم فعله، ثم هربوا مستنجدين بحياتهم.
أثناء انسحابهم،  كان الصبي الكفيف مستلقيا على الأرض ، يتنفس بصعوبة ، وقلبه ينبض بالخوف والارتياح في نفس الوقت.
  جثا الرجل ذو الظل الضخم بجانبه وهو يمد يده لمساعدته على الوقوف    على قدميه، وقد سأل بلطف : -   «أنت بخير يا فتى؟ »
أومأ الصبي الكفيف برأسه ، وحلقه جاف للغاية لدرجة لا تسمح له بالكلام. استطاع ليث التعرف على هوية الرجل الضخم بصوته المميز
إنه  الحرفي الحداد الذي دائمًا ما اعتاد أن يُقيم متجرًا بجواره ، لقد كان حدادًا مشهورا في السوق ، ورغم مظهره القاسي ، عُرف عنه أنه رجل طيب .
إنه حقا ممتن له لتدخله ، فقد كان على وشك فقدان حاسة ثمينة أخرى، كان محظوظًا هذه المرة ، لكنه أدرك أنه لا يمكنه دائمًا الاعتماد على لطف الغرباء. و أن الأولاد الآخرين لن ينسوا هذا اللقاء في أي وقت قريب، وهو كذلك لن ينسى..،
نهض الفتى من الأرض متكئا على عصاه الخشبية، أراد أن يشكر  الرجل الطيب على مساعدته، لكنه لم يكن متأكدًا من كيفية التعبير عن امتنانه.
تمتم بصوت متلعثم :  «أنا حقا مدين لك لا أعرف كيف أشكر..» ، قاطعه الرجل قبل ان يكمل كلماته التي لم يسمعها وقد وضع يده الضخمة على رأس الفتى بلطف ثم قال : «أنت حقاً فتى شجاع ، قاتلت بشجاعة أولئك الأشقياء . أنا سعيد لأنني استطعت مساعدتك، هذا أقل ما يمكنني فعله» ، أومأ ليث برأسه ممتنًا لكلمات الرجل وقال بصوت أقوى هذه المرة : - «شكرا لمساعدتك، لن أنسى لطفك». وفي هذه الاثناء كان هناك شاب، يراقب في صمت، وقد شاهد الحادث بأكمله...
بدأ ليث بجمع بضاعته الغير المباعة، وقام بفحص كل عنصر، ثم حول انتباهه إلى أكشاك السوق الصاخبة ، وحواسه تفحص كل السلع المعروضة ، عليه شراء شيئ لعشائه، قبل أن يفرغ السوق بمن فيه،
كان مرتبكًا بشأن كيفية إنفاق العملات البسيطة التي حصل عليها من مبيعته الوحيدة ، والتي لا يكاد يشتري بها ما يشبعه ، لكنه على الأقل سيحصل على ما يقمع آلام جوعه لفترة...

كفاح في عالم من المبصرين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن