علي عكس القصور الملكية بهية الحُلة زاهيةِ الألوان كان القصر الملكي لمملكتنا كالح السواد ذو أسوار عالية قاتمة اللون لكن ذلك كان لا يتنازع مع جمالها ، أسوار جميلة كجمال أقفاص عصافير الكناري ، و في داخل القصر كان السجاد الفاخر المُستورد من الشرق يغطى كافة أرجاءه كما كان الخدم يعملون في انضباط كما لو كانوا إحدى فصائل القوات العسكرية .
و في إحدى غرف ذلك القصر تم إنشاء مكتبة ضخمة تحوى آلاف المجلدات ، و كانت هناك أصابع رقيقة مغطاة بقفاز أبيض اللون تلمس أطراف تلك الكتب بحثا عن ضالتها ، شعر أشقر طويل و عينان زرقاوان إضافة هكذا كان وصف صاحب الأيدى كما كان يرتدي قميصاً ابيض واسعا ذو أكمام ضيقة و يضع حوافه في بنطالِ أسود اللون .
كان الفتى منهمكاً في تفحص أحد الكتب حتى قطع عليه خلوته صوت إحدى الخادمات قائلة أن الملك يستدعيه إلي مكتبه فأمال الفتى رأسه ثم غادر المكتبة دون أخذ الكتاب اللذي كان يتفحصه .
استمر وقع خطوات الفتى المسرعة حتي خفت صوتها فيما تلاها صوت طرق علي الباب ثم أُذن للفتى بالدخول إلي الداخل و قد كانت الحجرة خالية إلا من الفتى و الرجل اللذي اتى الفتى مسرعاً طاعة لأمره و قد كان فارع الطول قوي البُنيان كما أضاف زوج النظارات إليه هالة نبيلة .
لم يلبث دوام الصمت حيث وضع الفتى يده علي صدره و قام بتقديم التحية فجلس الآخر علي مقعده و تنهد تنهيدة قصيرة ثم شرع يُحدث الفتى في إهتمام " لقد بلغت السابعة عشرة هذا العام و مما لا شك فيه أنك تعلم عبء المسؤلية الملقاة علي عاتقك ، أيا بني لم يعد من الممكن بقاءك بين أحضان مكتبتك ، لقد آن الأوان حتي تبدأ في الإنخراط في العالم الإجتماعي لذا قد قررت نيابة عنك و آمل أن لا تلومني علي قراري ، لقد أمرت بتسجيلك في الأكاديمية يا سيسيل "
إنحنى سيسيل و قبل يدي والده ثم أعقب علي ما قيل " سمعاً و طاعة يا والدى ، آمل أن أكون عند حُسن ظنك "
ثم خرج الفتى من المكتب متجهاً و علي غير عادته إلي غرفة شقيقته الكبرى فعندما وصل وجد باب الغرفة مفتوحاً فدفعه برفق ثم تبسم عندما رأى الفتاة التي تشبهه إلي حد ما فجلس بمحاذاتها فبدأت الفتاة المحادثة " قيل بأن والدى قد أمر بذهابك إلي الأكاديمية "
" لقد علمتُ للتو بهذا ، فكيف علمتِ بذلك ؟ "
" لا تنشغل بذلك ، الآن هل أنت مُدرك لما أنت مُقبلٌ عليه ؟ "
" كما لو أن هناك خياراً يا سارة "
" إن لم يكن هناك خيار إصنعه بنفسك ، علي أي حال ستكون هذه فرصة جيدة لك رُغم خطرها عليك ، كل ما أستطيع فعله هو أن اتمنى لك حظاً طيباً و كن حذراً ، الصغائِر دائما ما تكون سبباً في الضياع "
" سوف آخذ حذرى و بالتالي إعتني بنفسك يا سارة "
" و إياك يا شقيقتي الصغرى الثمينة "
غادرت سيسيل غرفة شقيقتها ثم ألقت بنظرها نحو السماء اللتي أوشكت علي الغروب ثم غرقت في أعماقها قليلا ..
أنت تقرأ
Our truth
Historical Fiction" إن كان بوسعي الرحيل فكنت لأرحل منذ زمن ، و مع ذلك أنا شاكرة للغاية لأنني ولدت في هذا العالم و مُنحت فرصة لأكون هنا " ... رواية عن فتاة تسعى للنجاة