♤3♤

2 2 1
                                    

في صباح اليوم التالي إستفاق الأمير قُرابة السادسة صباحاً حيث نظر إلي الساعة المعلقة علي الجدار فأدرك أنه قد حان الفجر منذ فترة و رُغم إفتقاده لبعض من إشعاع ضوء الشمس  إلا أن هذا لم يثبط من عزيمته شيئاً فأسرع في النهوض من فراشه . 


لم يمر وقت طويل حتي إنتهى سيسيل من الإستعداد و قد إرتدى الزي الرسمي للأكاديمية كما كان كلاسيكياً للغاية حيث كان عِبارة عن قميص و بنطالٍ كلاهما أسود اللون كما كان المعطف كذلك ، و قبيل خروجه من الحجرة قام بربط شعره إلي الخلف بشريط داكن اللون .


لم يكن كارل قد غادر الغرفة بعد فعندما فتح سيسيل باب الحجرة وجده جالساً علي الأريكة يتصفح كتاباً لم يتبين عنوانه له فحياه فبادله الآخر بتحية مماثلة ثم نهض كما لو كان ينتظر خروجه قائلا " إذا سمحت لي سوف أرشدك إلي قاعة الطعام يا صاحب السمو " 

" سوف أكون مسروراً إذا فعلت "  


إتجه كلاهما إلي قاعة الطعام و بينما هما يمران في أحد الممرات رأى سيسيل باباً خشبياً أبيض اللون مزخرفاً بمهارة كما كان هناك سيف معلق علي الحائط الأيمن للباب فلما رأى كارل أن المكان إستهوى سيسيل فتح ثغره قائلا " هذه هي قاعة المبارزة و فنون السيف ، هل يميل سموك إلي إستخدام السيف ؟  " 


" قليلاً ، تستطيع قول أنني لا أكرهه " كانت إجابة مختصرة للغاية و لكن كارل لم يعطى ذلك أهمية كبيرة و واصلا طريقهما حتي وصلا إلي قاعة الطعام اللتي كان بابها غير موصد بطبيعة الحال فلما جلس كل منهما أتتهما وجبة الإفطار المقررة لليوم .


عندما فرغ كل منهما من وجبته نهض كلاهما متجهين نحو قاعة الدرس و قبيل دخولهما إستوقف كارل سيسيل قائلا " جميع طلبة هذه الأكاديمية هم مجموعة من النبلاء اليافعين و هم أقرب للتهور منهم إلي التعقل ما خلا قلة قليلة منهم لذا فإنني أري أن من واجبي نصحك لا تنخرط مع نبلاء غرب المملكة فهم أكثرهم جنوناً و قذارة " قال كارل ما قال ثم تابع خطواته و دخل إلي القاعة دون الإلتفات إلي سيسيل .


كانت القاعة مليئة بالشبان اليافعين كما كان تصميم المقاعد علي شكل مدرج حتي يتيح للطلاب قدراً من الراحة ، و بينما كانت كل مجموعة منهمكة في الحديث دخل الأمير إلي القاعة مما لفت نظر جميع المتواجدين هناك و ساد الصمت لبضع ثوان و لكن سيسيل لم يأبه حقا للنظرات المتحلقة حوله و ذهب للجلوس في الصف الثالث من المدرج حيث كان هناك مكان فارغ .


و ما هي إلا دقائق معدودة حتي بدأ الشبان في تقديم أنفسهم للتعرف علي الأمير فقد كان هذا الظهور الأول لسيسيل خارج القصر الملكي و كان كل شاب منهم رغم تهوره إلا أنه يحمل علي عاتقه مسؤولية إقامة علاقات في الوسط الإجتماعي إستعداداً لأخذ اللقب حيناً و لدعم الأسرة و الإخوة في حين آخر و يا لها من فرصة ذهبية حين يتاح لهم الدراسة مع من سيكون الملك في المستقبل هكذا كان فِكر معظم المتواجدين . 


عند دخول أول المحاضرين إلي القاعة عاد كل إلي مقعده و كان المحاضر غريب الهيئة حيث إرتدى عباءة واسعه كما كان يرتدي قلادة مصنوعة من عظام اسنان ضخمة لحيوان ما إضافة إلي وضعه زينة من الجواهر علي رأسه و كان شعره أبيض كما القمر ليلة إكتمال البدر و كان الشيء الوحيد الذي ألفه سيسيل في المحاضر هو عيناه الزرقاوان اللتان كانتا تشبهان عينيه إلي حد ما .


كانت المحاضرة تدور حول تاريخ المملكة و لم تكن تحوى شيئاً جديداً بالنسبة إلي أمير حفظ تاريخ المملكة منذ نعومة أظافره .


كان هناك شاب يرمق القاعة من الجهة الخارجية للمبني و كان ذا شعر بلون العسل و عينان بلون أسود و سرعان ما تسلق الفتى الجدار حتي وصل إلي النافذة المطلة علي القاعة و طرق عليها بخفة فسمعه شاب يجلس جوار  و عندما نظر إلي الآخر كاد يضرب رأسه في الجدار و لكنه ترك ذلك و قام بفتح النافذه بهدوء بحيث لا ينتبه المحاضر غريب الهيئة و كان معظم الشبان قد تركوا المحاضرة و صاروا يتابعون في سخرية خافتة الشاب اللذي يحاول دخول القاعة ، و لكن لم يكن المحاضر ساذجاً لسوء حظ الفتى فقد ترك قلمه الجيرى اللذي كان يستخدمه للكتابة علي اللوح و صعد المدرج إلي مكان النافذة ثم أشار إلي الطلبة أن ينهضوا في صمت و كان الفتى يحاول الدخول من النافذة و وجهه إلي الأرض فلم يتبين ما يحدث حتي رفع رأسه فصُدمَ لوجود المحاضر فوق رأسه و علي ما يبدو أن هيئة المحاضر لم تكن الشيء الغريب الوحيد فيه فقد قام بسحب الفتي من شعره المجعد حتي دخل إلي القاعة بالفعل ثم سحبه المحاضر كما لو كان يسحب جوالاً من البطاطا و ألقاه خارج القاعة وسط ضحكات عالية من الفتيان الآخرين .


و كان سيسيل مندهشاً مما قد حدث فلم يشاهد شيئاً كهذا في حياته و لكن المحاضر لم يأبه إلي أي شيء و واصل المحاضرة بعد أن قام بتهدئة الطلبة . 


و عند إنتهاء المحاضرة حياهم المحاضر ثم نظر إلي سيسيل نظرة مبهمة المعنى قبيل خروجه من القاعة فلما خرج دخل الفتى أسود العينين و جلس إلي جوار النافذة !  



Our truthحيث تعيش القصص. اكتشف الآن