.1.

908 28 3
                                    

إيطاليا..

مَدينة نشأت بالحِس الفنّي وبأناملِ المبدعين في كافةٍ المجالات، وهُنا..وتحديدًا في
العاصمة روما وأمام نافورة تريفي يقع ذلك المَطعم الفاخر، حيث يمارس الطهاة فنهم بإحترافية داخله، ولكن إذا ذهبنا إلى آخر بقعة بداخله سَنجد فتاتين يافعتين لم تتجاوزا

عقدهما الثاني بعد إحداهما تُمارس فنٌ من نوع آخر على ذلك الكوم الهائل من مختلف
الصحون وتنظفهم واحدة تلو الآخري.. إنها هِيدا، المُحاربة.

أما الأخيرة تجلس في زاوية قريبة على ذلك الكرسي الخشبي الصغير الذي وضع
خصيصًا لها، وبينما تَقوم هيدا بعملها باتت تراقبها بهدوئها المعتاد، إنها "روزيلا الصغيرة"

كما تدعوها هيدا، على الرغم من أنهما في العمر ذاته بصفتهما توأم غير متماثل، ولكن كانت روزيلا دائمًا تثير عاطفة الأمومة لدى هيدا، وهكذا كرست هيدا حياتها لحماية روزيلا الصغيرة، كَون روزيلا فتاة هادئة وإنطوائية، تكره الجميع وتحب هيدا.

وذلك ما كان يدفع هيدا نحو هاوية التضحية دائمًا بلا كلل أو ملل، يكفيها أن صغيرتها تشعر بالراحة والسلام ليعمّ السلام فؤادها ايضًا..

ولأن روزيلا لا يمكنها الانفصال عن هيدا، كانت دائما تصطحبها إلى عملها جزئي الدوام.
____________________

بعد عدة ساعات أنهت هيدا عملها لتجفف كفيها الصغيرين وساعديها، تنهدتْ بتعبٍ وهي تمسح جبينها المتعرق بظهر كفها لتبعد خصلاتها القصيرة التي تلاصقت بفعلِ حبيبات العرق؛ ناظرتْ صغيرتها بأعينها ذات اللونِ الأخضر المائل للرمادي وهي تبتسم بود، لتقابلها الأخرى -بأعينها التي اتخذت من لونِ خضرة الأشجار العاتية لونًا لها- بعبوس لطيف.


اقتربتْ منها هيدا وانخفضت لمستواها حتي تُقابل وجه الصغيرة العابس؛ وضعتْ كفها على وجنة الأخرى بحنو متسائلة في قلق: " لماذا ملاكي عابس، هل تشعرين بالضجر؟"

نفت روزيلا تساؤل أختها، ونزعت كفها الذي يحيط وجنتها بهدوء وأخذت تدلكه وهي تسقط كل اهتمامها عليه وكذلك نظرها " لما تعمل هيدا طوال الوقت، انا اكره ذلك "

ابتسمت هيدا بإتساعٍ على تلك الصغيرة الحنونة لتُقبل وجنتها بخفة " وهيدا أيضًا
تكره ذلك روزي، ولكن الأهم من كل ذلك اننا بخير ومعًا، أليس كذلك؟ "

خاطبتها هيدا وكأنها تقنع طفلًا صغير لترد المعنية بإيمائة بسيطة على تساؤلها الأخير،
قَبَّلتها هيدا مَرَّة أخرى ثم نهضت مِن جلسة القرفصاء -التي كانت تتخذها لتُجاري صغيرتها-

Warmer| حتـي النهايـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن