الفصل الاول 1

14 3 2
                                    

ينحدر جون من عائلة غنية جدا وهو يعيش مع جده و جدته في قصر كبير و قديم يعود للعصور الوسطى و يقع على قمة جبل المحيط بالغابة ، اما والديه كثيران الترحال ويجوبان العالم للبحث عن المغامرة و المعرفة. لانهما عالمان في مجال البيولوجيا ، لا يخرج الفتى الا نادرا ، ،يدرس في المنزل ، يأتون المعلمون كل اليوم لتدريسه وبذلك يظل محبوسا هناك ، حتى العطل يقظيها بين جدران القصر ،قد تحكمون عليه أنه طفل منطوي على نفسه وغير اجتماعي لكن العكس صحيح، الطفل اجتماعي جدا يحب أن يلتقي مع الاطفال من هم في سنه وينتظر بفارغ الصبر المناسبات حيث يأتي الأقارب و أصدقاء العائلة مصطحبين أطفالهم يلعب معهم ويمرح... أنها فرص ثمينة بالنسبة له .

في أحد أيام الشتاء الممطرة و الباردة كان القصر أشد هدوءا شعر جون بالملل الشديد و الوحدة ،أخد لعبته على شكل شاحنة كان يلعب بها في أحد أروقة المنزل الطويلة ،مر على مرآة ضخمة لاحظ صورته المعكوسة تمر أيضا ،توقف و رجع إلى الوراء ونظر إلى نفسه للحظات ثم قال: ليتك طفل آخر اجعله صديقا و يلعب معي.

جلس قرب المرآة ولعب أمام صورتة كي يبدو له طفل حقيقي يلعب .. ثم قال: حسنا سوف أسميك جوني ، هل يعجبك الاسم؟.

استمر جون يلعب بجانب تلك المرآة لعدة سنوات ...
كل يوم يأخد ألعابه ويقضي وقته هناك ويتحدث مع صورته كأنه طفلا حقيقي .

مرت السنوات كبر جون أنهى دراسته الثانوية والجامعية في المنزل ، لا يزال يتحدث مع نفسه من خلال المرآة و لا يزال يعتبر الصورة العاكسة له صديقه ...وقد طلب من جدته أن يأخدها إلى غرفته كي يحظى أكثر بالخصوصية ،طلبت منه الجدة أن يعتني بها لأنها قديمة جدا توارتها العائلة أبا عن جد ويقال انها تحمل أسرار غامضة .

وضع جون المرآة الكبيرة على الجدران ووضع بجانبها طاولة صغيرة و كرسي ولعبة شطرنج ،وجلس يلعب مع نظيره في المرآة ويتحدث ويتسامر ،تطورت علاقته بالمرآة أكثر و أصبح يؤمن بوجود شخص حقيقي وراءها .
أصبح لا يخرج من غرفته الا عند الحاجة وكل مرة لما يمر أحدهم على الغرفة يسمعه يتكلم أو يضحك يظن أنه يتكلم عبر الهاتف،كما أن كلامه مع الآخرين لا يخلو من ذكر اسم جوني فثلا يقول أخبرني جوني أو يقول جوني ...حتى ظن الجميع أن له صديق أسمه جوني حقا .

ذات يوم أقامت العائلة حفل حضر فيه الأقارب والأصدقاء ،تناول جون العشاء مع الضيوف وكانت من بين المدعوين ابنة خالته كترين التي تنحدر من عائلة ليست غنية ،هذا ما جعل الأخيرة تحاول التقرب من بجون كي يتزوجها وتتحصل في الاخير على الثروة وكانت أمها صاحبة الفكرة و هي تشججعها على ذلك .

وجدت كترين الفرصة ... تقربت من جون.... تحدثا طوال السهرة عن مختلف المواضيع كالفلسفة الشعر الأدب . .احب جون طريقة كلامها وثقافتها لذلك طلب منها أن تزوره مرة أخرى .

انتهت السهرة ذهب جون إلى غرفته وهو سعيد بمعرفته لإبنة خالته التي لم يراها منذ أن كانت صغيرة.

نام جون على سريره وبعد ساعات أحس بشخص يجلس على سريره بالقرب من رجليه فتح عينيه وجد جوني ،تفاجأ وقال :جوني ؟! أهذا انت حقا؟!
ابتسم جوني وهز رأسه..نعم انا هو.
وقف جون من سرير بسرعة وهو يقفز من شدة الفرح ثم قال:أخيرا لم تعد محتجزا في المرآة يا صديقي يجب أن نحتفل بهذا اليوم المميز .

تغيرت سلوكات جون منذ ذلك الحين و أصبح أكثر سعادة ، حبس نفسه في غرفته أكثر من ذي قبل ،لا يخرج منها الا نادرا كطلب الطعام من الخدم ،كان يأمرهم باحضاره إلى غرفته دون حاجته للخروج .

دخل الصيف ،قررت كترين قضاء العطلة عند خالتها ام جون لتستغل فرصة التعرف و التقرب من جون أكثر.

فرح الشاب وألقى عليها التحية و جلسا يتبادلان الكلام لبضع دقائق ثم ذهب إلى غرفته ,أخبر جوني... لكن الأخير غضب وقال له :انا لا تعجبني هذه الفتاة و تبدوا محتالة تريد فقط ان تتزوجك من أجل ثروة والديك.

جون :أن كترين ليس من هذا النوع وانا أعرفها أكثر منك .
لم يرد عليه جوني ولكن كلامه لم يقنعه،اما كترين أحست انها تمشي على الطريق الصحيح في خطتها ...


صديقي من المرآة  بقلم حمداوي محمدOù les histoires vivent. Découvrez maintenant