1. معرفة الله

533 24 7
                                    

1. معرفة الله


اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ، وَرَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَرَبَّ الظِّلِّ وَالْحَرُورِ، وَمُنْزِلَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَرَبَّ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ


يبدأ هذا الدعاء بعبارة "اللهمّ"، وقد تكرّرت ثلاث عشرة مرّة فيه، ما يعطي للداعي توجّهاً خاصّاً إلى الله تعالى.

بعدها جاءت كلمة "ربّ" وقد تكرّرت في الدعاء خمس مرّات، ما يشير إلى أنّ على الداعي أن يستذكر الله دائماً وفي جميع لحظات الدعاء.

في القرآن الكريم ورد دعاء كهذا, إذ جاء في سورة المائدة (الآية 114) قوله تعالى: ﴿ٱللَّهُمَّ رَبَّنَا﴾. وأدعية القرآن عادةً تبدأ باسم "ربّ"، ولكن في هذه الآية بدأت بكلتا الكلمتين: "اللهمّ ربّنا"، ولعلّ ذلك بسبب أهمّيّة الحادثة ودلالتها.

وهذا يعلِّمنا ضرورة أن ننادي الله تعالى، وأن نطلب منه بأدب كامل، وبالصفة المناسبة لحاجاتنا.

دعا النبيّ عيسى عليه السلام ربّه أنْ ﴿أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾. والمشركون يعلمون أنّ هذا لم يكن عملاً عاديّاً، بل كان معجزةً غيبيّةً إلهيّة.

وعليه، فمثل هذا الدعاء مذكور في القرآن الكريم، وله دلالة على روح معرفة الله تعالى في الأدعية. والإنسان المنتظِر بحاجة إلى مجموعة من المعارف، وأوّلها هو الذي ورد في بداية هذا الدعاء.

المعرفة هي التي تعطي القيمة لأعمالنا، ففي الإسلام تقاس درجات الأعمال والأفعال بميزان المعرفة، وكلّما زادت معرفتنا كلّما صارت قيمة أعمالنا أعلى وأرفع.

الاستفادة من النعم المعرفيّة


إنّ الفرق بين الإنسان وسائر الموجودات الأخرى يكمن في قدرته على الاستفادة من النعم المعرفيّة الكبرى. وحول أهمّيّة المعرفة، يكفي ما يدعونا إليه تعالى في كثير من آيات القرآن الكريم لكسب المعرفة، وذمّه سبحانه وتوبيخه بشدّة لأولئك الذين لا يتفكّرون ولا يتدبّرون ولا يعقلون.

لقد نهانا الله تعالى في كتابه عن اتّباع ما ليس لنا به علم: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾. وقد وصف سبحانه أولئك الذين يسيرون ويعملون بلا معرفة بأنّهم صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ, لأنّهم لا يتدبّرون.

من اللافت جدّاً في مجال ضرورة المعرفة، ما جاء في كلام أمير المؤمنين عليه السلام لكميل بن زياد، حيث يقول عليه السلام: "يا كميل، ما من حركةٍ إلّا وأنت محتاج فيها إلى معرفة".

شرح دعاء العهد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن