4. العهد المهدويّ

44 0 0
                                    


اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هذَا، وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي، عَهْداً وَعَقْدَاً، وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لا أَحُولُ عَنْهَا وَلا أَزُولُ أَبَداً

العهد والميثاق مع إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف

"العهد" في حياة المنتظِر لا بدّ من أن يكون موجوداً بشكل دائم. فعندما تُصمَّم الحياة على أساس الانتظار، فالعهد سيكون دائميّاً ومستمرّاً، والمنتظِر الواقعي هو الذي لا يحول عن عهده مع إمامه.

إن قراءة هذا الدعاء في صبيحة كلّ يوم توجب أن لا ننسى - أكثر من أيّ أحد - أنّنا عاهدنا إمامنا، ولا بدّ من حفظ هذا العهد, لأنّ هذا العهد أولى من أيّ عهد آخر.

العهد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يعني أن تكون الحياة مبنيّة على أساس رضى الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف. والشخص الذي يمدّ يد البيعة لإمامه، لا يأخذ بعين الاعتبار إلّا رضى إمامه, وعليه فالعمل المبنيّ على أساس التوجُّه وطلب رضى الإمام لا بدّ من أن يكون هو أولويّة المنتظرين.

مقامات عهد المنتظرين

في هذا القسم من الدعاء، يبيّن المنتظرون للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عهدهم في مقامات عدّة:


1- اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا

الميثاق مع الإمام من هدايا يوم الغدير القيّمة, فعندما نصَّب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير، كان على المسلمين أن يقوموا بوظيفتهم ويبايعوه. كذلك الحال في كلّ واحد من الأئمّة عند تسلُّم الإمامة، كان على الناس أن يبايعوه.

البيعة مع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف كانت في التاسع من ربيع الأوّل عام 260 للهجرة (أي بعد شهادة أبيه الإمام العسكريّ عليه السلام)، ومع ذلك يلاحظ في هذا القسم الحديث عن تجديد العهد والبيعة, لأنّ المنتظرين الحقيقيّين هم من يجدّدون العهد والبيعة مع إمام زمانهم في كلّ يوم.

2- وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي

العلاقة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، في هذا الدعاء، تتجدّد دائماً, لأنّ الداعي يقول: "في يومي هذا وفي كلّ يوم".

أحياناً يقول لك شخصٌ: "أنا أحبّك"، ثمّ يغيب عن الأنظار ولا تعود تسمع له حسّاً. وتارةً، هناك شخصٌ يتّصل بك كلّ يوم ويقول: "فلان، أنا أحبّك".

في هذا الدعاء، يقول الداعي: أيّها المهديّ الحبيب، اليوم وفي كلّ يوم، أجدّد بيعتي لك.

في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف

3- عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً

يا إمام زماننا، نحن نعاهدك، بل أكثر من ذلك، نعقد معك عقداً، بل أكثر من ذلك أيضاً، نبايعك على أن كلّ ما تطلبه منّا سننفّذه، وسنكون كما تريد.

قيل: إنّ "العهد" هو الحدّ الأقل، و"العقد" هو الحدّ المتوسط، و"البيعة" هي الحدّ الكامل للارتباط بالإمام. فالعلاقة في هذا الدعاء تتّجه بنا نحو الرشد, لأنّ الداعي في البداية يقول: أنا أعاهدك، ثمّ أجري معك عقداً، ثمّ أبايعك. فقد يقوم شخصان بتشكيل عهد بينهما ويعد أحدهما الآخر، ولكن لا يجريان عقداً، ويمكن أن يتحقّق عهدٌ وعقد، ولكن لا يوجد تسليم، بينما في الدعاء يقول الداعي: "وبيعةً"، يعني تسليماً. فقوله: "عهداً" يعني التعهّد للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "عقداً" يعني إجراء العقد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "وبيعةً" يعني البيعة له عجل الله تعالى فرجه الشريف.

4- لَهُ فِي عُنُقِي

العلاقة في هذا الدعاء حتميّة, لأنّ الداعي يقول: إنّ هذه العلاقة في رقبتي، وكم هو جميل إبراز هذه العلاقة! يقول: "في رقبتي"، فمن الممكن أن يكون للشخص علاقةٌ ما بآخر، ولكنّه لا يفتخر بها.

5- لا أَحُولُ عَنْهَا

الحَول بمعنى التغيير والتبديل. وفي هذه الفقرة من الدعاء والتي تليها، علامة على ثبات قدم المنتظِر, لأنّ إحدى السمات الأساس للحياة المهدويّة هي الصمود في مسير الحقّ، والثبات على الصراط المستقيم في الحوادث والوقائع وعند بروز الفتن.

6- وَلَا أَزُولُ أَبَدَاً

الزوال بمعنى الانعدام وذهاب الشيء. وهذه العبارة تعني أنّني في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف الخارجيّة التي قد تعوق حركتي. فأنا في مسيري هذا سأبقى ثابتاً وصامداً ولن أنكث بعهدي، فالوفاء بالعهد من صفات المؤمنين.

شرح دعاء العهد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن