11/

16.4K 256 3
                                    

مسحت دموعها بيد مرتجفة ونهضت ووقفت على قدميها وقالت بصوت مرتجف "يجب ان افتش على القطة الصغيرة"
وراقبها جايك وهى تغادر الغرفة وغضب أسود قاسي يملأ وجهه وضرب بقبضته على الطاولة بشدة أسالت الدم جلد يده .نادت لين القطة بإسم تيب ووجدتها بعد قليل قابعة خلف طاولة المطبخ .
.
كانت تضعها على حضنها وهى تقرأ فى المساء وكان وبرها الأبيض والأشقر يزهو وعينيها الزرقاوين الصغيرتين تلمعان وهى تتمطى فرحة فى حضن لين .كان سام يجلس بجانب لين ويراقب بغيرة هذه القطة الصغيرة الجالسة فى حضن لين ،فابتسمت لين له وحملت القطة بنعومة وقربتها منه ،فأظهر أسنانه قليلاً وزمجر مما جعل القطة تهرب بعيدا ثم حين لم تبدر منه أى حركة أخرى أخذت القطة تقفز حوله بفرح ثم اقتربت منه وأخذت تنظر إليه وكأنها مسحورة بهذا الكائن الأسود الضخم وبعد حين عطس سام أمام القطة بنعومة التى كانت قد نامت بسلام إلى جانبه ثم احنى رأسه وذهب للنوم أيضاً بدوره .
"سيهتم سام بالقطة اثناء نومنا"قالت لين بإبتسام للسيدة فورستر بينما كانت تنهض للذهاب إلى النوم.
استفاقت فى وسط الليل على صوت تحطم وتصلبت أعصابها حين سمعت صوت الرعد والبرق .جلست على السرير وانتفضت حين قصف الرعد فجاة.
"جلس جايك أيضاً ووجهه لا يزال شبه نائماً وقال"ماذا هناك؟تخافين العواصف؟"
طأطأت رأسها علامة الإيجاب وابتلعت ريقها .
"انت بأمان تام كما تعلمين"قال حين شقت السماء رعدة أخرى تلاها صوت تحطم وتدحرج .
"ماهذا؟"سألت وهى ترتجف.
.
كان جايك قد غادر السرير وأخذ ينظر من النافذة ،وسمعا طرقاً على الباب ودخلت السيدة فورستر الغرفة وسألت "ما كان هذا ؟"
"يا إلهى"قال جايك بإنفعال "لقد ضرب الرعد الصنوبرة وهدم جزءاً من حائط الحديقة...عودى للنوم والدتى ،فالأمر ليس خطيراً".
"أظن اننى سأصنع بعض الشاي "قالت لين وهى تنهض من السرير"هل ترغبين فى أن أحضر لك كوباً يا أمى؟"
"سأنزل معك لأشربه تحت"قالت السيدة فورستر وتابعت "فانا أكره العواصف".
"النساء"تمتم جايك وارتدى مئزره وقال"هيا سننزل جميعاً...فلن يكون بإمكانى النوم إلا عند إنتهاء العاصفة"
ظلو يشربون الشاي لمدة نصف ساعة تقريباً ويتحدثون عن العواصف وما قد فعلته بالبيت وبالجوار من قبل وحين هدأت العاصفة صعدوا للنوم مجدداً.
استلقى جايك على السرير بينما كانت لين تضع مئزرها على المشجب.واستدارت لترى عينيه يحدقان بها بطريقة دفعت الدماء إلى وجنتيها .فمشت مسرعة إلى جانبها من السرير واستلقت به وهى عالمة بما يظهره ثوب النوم الذهبى من جسدها بربطات كتفه والتخريم على صدره والذى يظهر من تحته بشرتها البيضاء الموردة .شدها جايك نحوه ويديه سريعتين وقابلت جوع عناقه بجوعها .
ابتعد عنها قليلاً وتصلبت عضلات وجهه ويديه وهو يمسك بوجهها بين أصابعه بقوة تكاد تحطم عظام وجنتيها وقال"ماذا تحاولين أن تفعلى بى لين؟تريدين أن تجننينى؟"
"أنك تؤلمنى جايك"همست وهى ترى العينين الرماديتين تشتعلان بالنار وهما تحدقان بجسدها .
"لقد أخبرتك مرٍّة أن الحب هى كلمة لن أستعملها أبداً معك لين،وانا أعنى هذا ،لن تسمعينى أبداً أقول لك اننى أحبك .انا لست أبلهاً ...لقد شككت لفترة طويلة الآن انك تحاولين كل جهدك لتصبحى المرأة التى أحب...هذا صحيح،سواء اكنت تفعلين هذا عن عمد أو لا،فانت لا تريدين ان تسترجعى ذاكرتك ،لأنك حين تفعلين انت تدركين انك ستخسرين بهذا أى فرصة لك لجعلى أقع فى حبك".
ارتجفت وهى تعلم أن كل ما يقوله كان صحيحاً حتى لها هي
وقالت "انا ...لا اتظاهر بفقدان الذاكرة".
.
"انا اصدقك"قال موافقاً"ظننتك كنت تمثلين فى البداية ،لكن التغير هو كبير جداً ،فبإمكانك جعل نفسك بارعة فى عمل البيت لكنك لن تستطيعى أن تبعدى عنك حساسيتك من الحيوانات والقطط...فهذا رد فعل جسدي لا تستطيعى تغييره بإرادتك،حسناًهناك شيء لا تستطيعى أن تغييره لين ،فليس بإمكانك محى الماضى .لا أسمح لنفسي بحب إمرأة كانت تعيش بالطريقة التى كنت تعيشين بها.انا لست متخلفاً ولكن الفساد الأخلاقى يثير اشمئزازى ،فلو كان هناك رجل واحد أو حتى اثنين قبلى لكان بإمكانى تحمل الأمر.لو كنت مغرمة بهم حتى لكان ممكن...
لكن الاعتماد على الإنجذاب الحسى والجسدى فقط لإقامة العلااقات هو أمر مقرف ومشين بالنسبة إلى".
"إنه كذلك بالنسبة إلى ايضاً"همست بجفاف.
"الآن ربما "قال بقسوة "لكن ليس فى الماضي .لين لقد كنت فخورة بطريق حياتك ،وتصرفاتك معى هى واضحة جداً اليس كذلك لين؟"
ارتجفت وهى تخفض رموشها .فشدها نحوه وقبلها بنعومة على رقبتها وقال"اعترفى بذلك لين ،اريد أن اسمع اعترافك".
وأخذ يقبلها متنقلاً من رقبتها الى كتفهاالعارى وهو يهمس"قولى ذلك لين"واشتد ضغط فمه على جلدها وقال"ياإلهى لين اننى اريدك ،اريدك بشدة ،ظننت أن بإمكانى إبقائك قربي لأعاقبك،ولكن لفترة طويلة حتى الآن كنت أعاقب نفسي انا،ولم يعد بإمكانى التحمل اكثر من هذا ".
.
"جايك"همست بإسمه بإنفعال وتابعت "أوه جايك،انا احبك..."
رفع رأسه وحدق بها بطريقة تشعر بالرعب من النظرة الشيطانية داخل عينيه وقال"كلمة خاطئة لين،انت تريديننى هذا ما تقصديه"
"انا احبك"رددت وعيناها تلمعان من الشوق.
فأصبح وجهه متوحشاًوقال"لن أسمح بإستعمال هذه الكلمة بيننا ستستعملين الكلمات التى اريدك انا أن تستعمليها لين"وأمسكت يديه وجهها بقسوة جعلتها تتألم وتابع "قوليها بالطريقة التى اريدها انا"
"آه ،يا إلهى لا"شهقت برعب من الطريقة التى كان ينظر بها إليها وقالت"انك تبدو كالشيطان"
"قوليها"أصر بدون رحمة.
"أريدك"همست ولم يعد بإمكانها المقاومة اكثر.
ظلال السخرية ظهر على وجهه وقال"إذن تعالى إلى أحضان الشيطان يا عزيزتى "وقبلها بلهفة وشهوة نسيت معها كل شيء إلا رغبتها فى إرضاءه .
وبنعومة أنزل اكتاف رداء نومها وأخذ يقبلها ببطء ونعومة فى البداية ثم اخذت قبلاته تزداد عنفاً كلما أحس اكثر وأكثر بشوقها وتجاوبها معه أخذت تعانقه وتداعب شعره بقوة.
فرفع رأسه قليلاً وحدق بها بنظرة غريبة مندهشة ،فأخفت وجهها على كتفه لتبتعد عن نظرات عينيه .
"انا ارغب فى امتلاكك لين"قال بقسوة "لكنى اريدك أن تعلمى اننى لا احبك..الآن قبل أن آخذك انت تعلمين هذا اليس كذلك؟"
دموع الألم المعذبة ملأت عينيها وهمست"لا لا تقل مثل هذه الأشياء ،جايك ...لن استطيع فعل هذا..."وصارعت لتهرب من قبضته لكنه لن يدعها ترحل وبألم وشعور بالعار يغطى وجهها وجدته يجبرها على الإستلقاء ثانية على السرير ويلقى بنفسه فوقها.
.
"ليس هكذا جايك"توسلته بحرقة ودموعها تتدحرج على خديها.
"ماذا بك بحق الجحيم؟"سأل بإنفعال "هذا ما تريدينه اليس كذلك لين؟"
وتابع معانقته لها غير آبه بدموعها التى كانت تنزل بصمت على وجهها،وبالحذر الذى اخذ يغزو جسدها بعد اللحظة الأولى ،وبالعاطفة التى هربت منها وتركتها باردة،غير متجاوبة لرغبته فيها.
وأخيراً عندما ابتعد عنها أدارات ظهرها له وأخذت تنتحب وتشهق على مخدتها .
سمعته يجلس وصوت تنفس ثقيل يصدر منه،امتدت يده إلى كتفيها وأدارها لينظر إلى وجهها ،وكانت تعابيره غريبة وغامضة الآن.
"يا الله"قال بثقل"ما الذى يجرى الآن؟لين..."
"اتركنى وشأنى"صرخت من بين دموعها "ألم تؤذنى بما فيه الكفاية حتى الآن جايك،هل تريد أن تستمر بتعذيبى حتى الآن؟"
دكن اللون داخل عينيه وقال باضطراب"لين...هناك علامة على ظهرك تحت كتفك الأيمن".
قطبت وقد أدهشتها كلماته وتعابيره وقالت"نعم اعرف ،إنها دائماً هناك".
"يا إلهى "قال ثانية وصوته يهتز،ثم قفز من السرير وارتدى ثيابه على عجل وراقبته بكل تساؤل الدنيا،إلى أين بحق السماء يذهب الآن".
باضطراب تناول ملابسها ورماها لها آمراً "ارتدى ملابسك".
ظلت فى مكانها محدقة به بإستغراب وهى تتساءل إن كان سيرميها خارجاً فى مثل هذا الوقت وهذا الطقس بعد أن نال مآربه منها و أتم إذلالها .
"ارتدي ملابسك لين"أمرها مرة ثانية وانحنى وشدها من السرير.
.
لا تعلم كيف ارتدت البنطال والبلوزة وتبعته إلى المطبخ ومنه إلى الحديقة ثم إلى مرسمه حيث دخل،أضاء الضوء ثم توجه والتقط اللوحة العارية لها.الأذلال والغضب اشتعلا داخلها.
"أوه ياإلهى ،جايك ماذا تفعل؟"سألته بهمس مخجول"لماذا أحضرتنى إلى هنا لأرى هذا الشيء الآن؟"
"إنظرى إليه "قال بصرامة"لإجل الله إنظرى إلى الصورة"
"لاأريد"قالت بألم"انا أكرهها .انت هنا لتطيل عذابي وإذلالى،اليس كذلك؟ألا تعتقد انك قمت بما فيه الكفاية ؟ألم تكتفى رغبتك بالانتقام بعد جايك؟"
اقترب ووجهه مسوداً وجرها أما الصورة ويده تضغط بقوة على ذراعها وتمتم"إنظرى إلى هذا ..."ويده تشير إلى نقطة فى ظهر الفتاة المرسومة فى الصورة.
تألمت من لمسه لها وتذكرت اللحظات الطوال أثناء امتلاكه لها عندما كان يلمسها برغبة متوحشة .وابتعلت ريقها وأبعدت راسها عن اللوحة وقالت بألم"أنت لن تشعر بالرضى إلا حين ترانى راكعة على ركبتى أمامك اليس كذلك جايك؟لقد قلت أنك كالشيطان...لا بد إنك تكرهنى بشدة حتى تجعلنى أعيش بهذا الجحيم الملتهب".
احتج بقوة وهزها قائلاً"يا الله ... إيتها المرأة ،ألم ترى بعد ؟"
حدقت به وبدأت تدرك أن جام غضبه لم يكن موجهاً لها.فقطبت حاجبيها وسألت بدهشة "أرى ماذا؟"
أمسك بإحدى يديها ولواها خلف ظهرها ووضع إصبعها على العلامة الموجودة تحت كتفها .علامة صغيرة حمراء نافرة تشبه حبة الفريز ربما،كانت هذه العلامة الموجودة على ظهرها منذ ولادتها.
وحدق جايك فى وجهها سائلاً"والآن ماذا ترين؟"
"أرى ماذا ؟"سالته وهى لا تزال مذهولة "أنا اعرف عن علامة ولادتى هذه"وعلا وجهها تعبيراً مؤسفاً وقالت"أنا آسفة إذا كانت تزعجك جايك،لكنها هنا منذ ولادتى".
"هذا واضح"قال بقسوة "كل حياتك ،لين...لا تستطيعى إخفاء علامة كهذه ولا تستطيعى إختراع مثلها".
تركها واتجه إلى الصورة ومرة أخرى أشار إلى الظهر العارى "ولكن حين رسمت هذه الصورة لم يكن هناك أى علامة ولادة هنا"
تلونت بالغضب وسألته "هل أنت تخبرنى اننى قد خبأت هذه العلامة حين كنت ترسمنى؟جايك انا..."
.
"يا إلهى لين أبقى صامتة .هل فعلت؟"صرخ مقاطعاً إياها .ثم اقترب منها وامسك بكتفها ووجهه يعكس انفعالات مختلفة وتابع"لا يوجد طريقة أخرى لأجعلك تفهمين إلا بأن أكون صريحاً للغاية معك.عندما أخذتك قبل قليل شعرت من تجاوب جسدك معى اننى كنت الأول .فظننت اننى جننت أو فقدت عقلي".
اطلقت لين تنهيدة ألم طويلة ووجهها يكاد ينفجر من الشعور بالعار وقالت"لا تتكلم عما حدث أرجوك!انا اريد فقط نسيانه ..."
"لن نستطيع لين"قال بقوة"استمعى لى،بحق الله استمعى لما أقول.بعد قليل عندما أدرت لى ظهرك نظرت إليك وأنا أتساءل هل حقاً قدأصبت بالجنون قلت لنفسي انك لا بد كنت تخادعين ثم وجدت نفسي أحدق بجنون بتلك العلامة على ظهرك..."
وبدأت نظرة إدراك تعلو وجهها .
طأطأ جايك برأسه وقال"حين رسمت هذه الفتاة التى بالصورة استغرقنى العمل أسبوعاً كاملاً،وقد نظرت إلى كل إنش فى ذلك الظهر،لم يكن به أى علامة ولادة"
هزت رأسها بذهول وتمتمت"ما...ماذا يعنى هذا ...إنها انا"ونظرت إليه بتوسل متابعة"إنها انا اليس كذلك؟"
هز رأسه جايك ببطءوقال"هذا مستحيل لين،انا لا أعرف من أنت بحق السماء ،لكنك بالتأكيد لست الفتاة التى فى الصورة"
حدقت عيناها بالوجه المثير والعينين المغويتين والملامح المجرية للوجه الذى كان ينظر إليها عبر الصورة وتنهدت بإرتياح عارم صدر من أواصر قلبها وقالت"هذه ليس انا؟الحمد لله،لقد بدأ كل شيء خاطئاً ،بأن أكون انا هكذا،افعل كل تلك الأشياء المشينة ....الحمد لله! لقد كان الأمر وكأننى اعيش فى جسد غريب .لقد شعرت فى بعض الأحيان اننى اريد الموت لأهرب من الماضي الذى ظننت أنه كان ماضيي"
.
قربها جايك قليلاً منه ويده تضرب شعرها بخفة ليتطاير ،تصلبت وتذكرت فجأة ما الذى حدث بينهما وحمرة شديدة اعتلت وجنتيها فابتعدت عنه وهى تغض بصرها أنزل يديه عنها.
سألت بإضطراب"لكن إذا لم اكن... هى،فمن انا؟"
"لا اعرف ،لكننا سنحاول أن نكتشف هويتك"قال بهدوء"انت صورتها المعكوسة فى المرآة ،ومهما كنت ،فهذا يعنى انك شقيقتها التؤام ،لا يوجد اى تفسير آخر للشبه المطابق والغير المعقول بينكما ".
"شقيقتها التؤام"وارتجفت"لكنك قلت اننى ...أنها ..لا تملك أى أقارب ،اليس كذلك؟"
"هذا ما أخبرتنى به،ونظراً لسجلها الكثير الخداع لا بد إنها كانت تكذب"قال باستهزاء.
"انا اتساءل اين هى الآن؟"سألت لين بصوت شبه هامس.
قال جايك بجفاف "اعتقد أنها فى يورك .وهناك سنبدأ بحثنا على كل حال ،فى معرض الفنون".
طأطأت رأسها وحدقت بالأرض وهى ترطب شفتيها الجافتين بلسانها وقالت"انا...انا آسفة جايك!"
"آسفة؟"وحدق بها .
"لقد تزوجتنى ظناً منك اننى ...هى لقد كان كل هذا غلطة ".
"اظن من الأفضل أن نرجيء العتاب والتحليل حتى نكتشف كل الحقيقة ،من المؤسف اننا قد تزوجنا هكذا على ضوء ما عرفنا الآن،لكن الزيجات بإمكانها الإنفكاك لين !"
.
كلماته أرسلت قشعريرة ألم فى جسدها لكنها لم تظهر أى شيء على وجهها وقالت موافقة"نعم هذا صحيح".
"من الأفضل أن تذهبى للنوم الآن"قال"وسأنام فى الغرفة الإضافية ".
تنهدت وقالت "نعم".
وحين استدارت لتغادر قال بصوت مضطرب "انا آسف لين...بشأن ما حدث قبل قليل ،لقد تصرفت كالحيوان البرى المتوحش،اننى أشعر بالقرف والإشمئزاز من نفسي".
لم تستطع إجابته ،كانت حنجرتها تؤلمها وبطريقة ما هزت رأسها وظلت صامتة "لا داعى للقول أن هذا لن يتكررثانية"قال بلهجة صارمة.
هزت رأسها ثانية وهى تقضم شفتها لتمنع نفسها من البكاء .
"بحق الله ،قولى شيئاً لين!اصرخى، اضربينى ...انعتينى بالألقاب ،أى شيء لكن لاتقفي هكذا "
"انا لست لين،اليس كذلك"سالته وصوتها يرتجف "انا شخص آخر ،والآن انا لااعرف حتى إسمى "
وبينما خرجت لتعود إلى غرفتها فى البيت كانت الدموع تتراكض على وجهها .
استلقت على السرير الواسع وهى تشعر بالوحدة والخوف.ففى الأسابيع السابقة قد بنت حياة لنفسها من الفراغ الذى استيقظت عليه فى الأحراش ،كان هناك دائماً خيالاً أسوداً وعلامة استفهام على ماضيها إلا أنها كانت تأمل من كل قلبها إنها لن تتذكر الماضي أبداً،وأنها مع الوقت ستتمكن هى وجايك من بناء حياة لهما سوياً فى هذا البيت.
والآن اصبحت تعلم ان كل هذا كان خاطئاً،غلطة ،ولحظة الإكتشاف بدت مضحكة إلى حد ما،لقد امتلكها جايك بكل وحشية برغبة دون عاطفة ولن تتمكن من نسيان طريقته فى مطارحتها الغرام.زواجهما كان يضمحل دون أن يترك أى أثرمؤلم لو لم يحصل ما حصل هذه الليلة .
بطريقة ما كان من المفرح لها أن غضبه وكرهه واحتقاره كان موجهاً إلى فتاة أخرى غيرها ولكن كذلك كانت... رغبته،لقد كان جسد الفتاة الأخرى الذى اراده ورغب به بوحشية هكذا .لقد كانت هى مجرد بديلة دون أن تعلم حتى ماذا يفعل.
تململت وهى تشعر بالغيرة ودفنت وجهها فى الوسادة وأخذت تنتحب ،حتى رغبة جايك الغاضبة لم تكن لها.كل شيء كان للفتاة الأخرى .
.
الإهانة والعار الذى عانت منهما حين كان يمتلك جسدها كانا لا شيء مقارنة بالمشاعر التى اجتاحتها فى هذه اللحظة .لقد عانت من كل هذا لأجل الفتاة الأخرى...ماذا عساه يفكر الآن؟لابد أنه يعلم إنها واقعة فى حبه ،لقد كان هذا واضحاً جداً بينما كان يعتقد أنها الفتاة التى كانت مرة خطيبته .لابد ان جايك كان مغرماً بتلك الفتاة ،قبل أن تحطم أحاسيسه ،ولابد أن الفتاة كانت تحبه وإلا لماذا قبلت خطوبته؟
لم يستطع جفنها أن يغمض طوال الليل وحين اشرقت شمس الصباح .نهضت من سريرها .ثم نزلت إلى المطبخ بعد قليل فوجدت جايك يجلس على الطاولة من الواضح انه لم ينم ،فنجان القهوة كان أمامه ،ذقنه لم تحلق وشعره لم يمشط ،نظر إليها بغموض وقال"تبدين بحالة مزرية".
قضمت شفتها ونظرت بعيداً وسألته "هل تناولت الفطور؟"
"نعم "قال"إجلسي سأحضر لك شيئاً لتأكليه "
"أفضل أن أحضره بنفسي "قالت بسرعة.
فغرق ثانية فى كرسيه وحدق بفنجان قهوته وقال"لين..."
"لا تدعونى بهذا الإسم "تكلمت بكبريائها المجروح دون أن تفكر.
"ماذا بحق السماء أدعوك إذن ؟"سأل بوحشية "عليك الإبقاء على هذا الإسم حتى نعرف ما هو إسمك الحقيقى".
تنهدت وقالت"آسفة ،اعتقد اننى متوترة قليلاً".
"انت كذلك"قال"يا إلهى ،أشعر كأننى أضرب شيئاً،ماذا سنقول لوالدتى؟".
"الحقيقة"قالت"ارجوك".
"حسناً ،هل اخبرها انا أم انت ؟"
احمرت وقالت"انا...اعتقد من الأحسن لو تخبرها انت"
"وسأترك تفاصيل معرفتنا للحقيقة"قال بصوت متهدج.
"لا تتكلم"تمتمت.
"انا آسف،لقد كان خطاءاً لا يغتفر،انا اشعر أن عقلي ليس معى هذا الصباح،فأنا لم أنم "
"ولا انا كذلك"اعترفت له.
"لقد عرفت ذلك من منظر وجهك"قال بصرامة.
صنعت لنفسها سندويشاً من المربى وتناولته دون أى شهية .صب لها جايك كوباً من القهوة وأضاف له عدة معالق من السكر وقال"أظن انه كان من المفترض بنا أن نبدأ بالشك ،لقد كان هناك العديد من الدلائل...لقد كنت فتاة مختلفة كلياً ...لكن كيف كان بإمكاننا التخمين حين انك صورة مطابقة عنها بالشكل،لم يخطر ببالى أبداً".
"ولا ببالي"قالت"يجب أن نعثر عليها فوراً ،فيجب أن اعرف من انا؟"
هز رأسه وقال"لن نستطيع الذهاب فى الحال،فيجب على أولاً أن أبعد الشجرة التى سقطت البارحة وأن أصلح الحائط.سأخرج وأفعل هذا الآن"
"ستحتاج إلى المساعدة لتزيح الشجرة"قالت"سآتى معك".
"لا داعى لهذا "قال.
نظرت إليه بعناد"انها ثقيلة جداً عليك وحدك "
تنهد قائلاً"حسناً"
.
خرجا واستغرقا عدة ساعات لينقلا الشجرة بعد ان ربطاها بالسلاسل وجراها بالسيارة ،ثم أصلحا الحائط.
عندما عادا كانت السيدة فورستر فى المطبخ فابتسمت لين لها ابتسامة صغيرة وخجولة ثم صعدت إلى غرفتها تاركة جايك ليحدث والدته عن ما حدث.جلست على السرير تحدق بالسماء الرمادية البادية من النافذة بعينين تعستين.حين دخل جايك إلى الغرفة بعد أن دق الباب نظرت نحوه بعينين تحملان سؤالها .
"لقد أخبرتها"قال باختصار.
"وما...ماذا قالت؟"
"لقد بدت مسرورة "قال جايك بصراحة "فهى تحبك،اعتقد إنها قد ارتاحت لمعرفتها انك لست الفتاة السابقة نفسها..إذا فهمت ما أقصد،لقد كان من الصعب جداً جميعاً بعد أن وجدتك فى الأحراش أن نصدق انك كنت نفس الفتاة التى كنا نعرفها سابقاً.الآن الأمر اسهل"قال وعينيه لا تزالان على وجهها بتعبيرهما المتعب .
احنت رأسها وقالت"لقد كان من المرعب جداً لى حين استيقظت فى الأحراش وانا لا اذكر شيئاً،وضائعة هكذا فى ذلك الضباب المخيف،فصرت أركض..كنت خائفة.وهكذا أشعر الآن جايك،كأن الضباب سيبتلعنى ثانية "
إقترب منها ببطء وكأنه يتردد فى الإقتراب منها ،وجلس على السرير بجانبها ووضع ذراعه بلطف حول كتفيها لكنها قاومت هذه الحاجة وظلت على جلستها ووجهها شاحباً ومتعالياً.
"يجب أن اعرف من انا "قالت"ارجوك هل نستطيع الذهاب إلى بورك الآن؟لا بد اننى قد أتيت من هناك "
قطب جايك حاجبيه وقال"لن تأتى من هناك ببنطال من الجينز وبلوزة رقيقة كالتى كنت ترتدينها فى الأحراش وبيوم بارد كذلك اليوم ،فالمسافة بعيدة جداً إلى يورك.ما الذى كنت تفعلينه فى الأحراش ؟لين.لابد إنك كنت تعيشين فى مكان قريب من هنا ".
حدقت به وقالت "لكن بالتأكيد قد افتقدنى أحدهم بعد غيابى الطويل هذا الآن".
"هذا صحيح"وحدق بها "إلا إذا كنت تقيمين فى فندق قريب وظنوا حين لم تعودى انك تتهربين من دفع الإيجار"ونظرة إثارة مفاجئة اعتلت وجهه وقال" لا يوجد العديد من الفنادق فى جوار الأحراش ،سأتصل بهم جميعاً وأسألهم إذا كانت فتاة ما قد غادرت واختفت فى اليوم الذى وجدتك فيه"
تبعته وهى ترتجف إلى الطابق العلوى ،السيدة فورستر نظرت إليها من باب المطبخ وعلى وجهها ابتسامة دافئة كبيرة وقالت"أيه يا ابنتى "
والعاطفة تهيج صوتها"بعض الأحيان كنت أظن اننى سأفقد عقلى وانا ارى التغيير الكبير الذى طرأ عليك"
دفع جايك لين إلى المطبخ وذهب ليجرى المكالمات الهاتفية .فعانقتها السيدة فورستر وقالت"إجلسي وسنتناول كوباً من الشاي .إنه أمر رائع .إذن فأنت شقيقتها التؤام ..حسناً ،يقولون أن التوائم أعجوبة وانا اصدق هذا .كنت دائماً أقول لنفسي أن أحداً لا يمكنه أن يتغير بهذا الشكل ،لكننى ظننت ..."ابتسمت وتابعت "حسناً ،لقد كان شعورك نجو جايك واضحاًلى وقلت فى نفسي أن بإمكان الحب أن يخترع المعجزات ولربما كان هو السبب فى تغيرك الكامل".
شعرت لين بوجهها يلتهب فنظرت إلى الأسفل .
"لا تكونى خجولة يا صغيرتى ،فأنت زوجته ،الست كذلك؟"
بالطبع انت تحبينه .كنت قلقة فى البداية لأنى اعرف ابنى جايك جيداً ...فهو بإمكانه أن يكون قاسياً كالصخر حين يريد ذلك"لكنى أشعر براحة اكثر فى داخلى".
يا ليتنى كنت مثلك كذلك،قالت لين فى نفسها .فجايك لم يوضح لوالدته ما الذى دفعه للزواج منها.وهى تعتقد أنه قد تزوج لأنه يحب لين،وشعرت بغصة فى قلبها ،فاحتست الشاى الذى صبته لها السيدة فورستر ووضعت القطة الصغيرة فى حضنها وأخذت تداعب فروها الناعم .

روايات احلام/ عبير: جحيم هواكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن