الفصل السادس.

7 0 0
                                    

المكان:القاهرة.
الساعة: الثاني عشر بعد مُنتصف الليل.
اليوم:السابع مِن إبريل.

تزعزع جدار ثباتها يهوي بها إلى الدرك الأسفل مِن الأفكار المظلمة ما أن أغلق والدها الباب خلفهما، يسير بثباتٍ بخطى مستقيمة.

سحبت زجاجة مياه فورًا مِن حقيبتها، تجترع منها الماء بسرعة متوترة. فشرقت فجأة حينما بدأ والدها بالتساؤل:"أين كنتِ طوال النهار؟ سألت عنكِ في الكلية فلمْ يأتني خبر أنكِ قد ذهبتِ إليها."

ناظرته ببطء، قبل أن تتخذ صمود مستقر لجدارها الخارجي:"لقد خرجتُ مع «سلوى»."

استشاط والدها مِن ردها المُستفز وردّ بفظاظة:"ما حوار «سلوى»، وأمها هذه الأيام؟ ها؟ إما تبقين طوال اليوم عندهم، إما أن تأتي هيَ بِلا استئذان وتقضي اليوم هنا."

اطرقت رأسها بحرجٍ وهيَ تقول بخفوتٍ:"أبي..إنها ابنة خالتي، بالإضافة إنني لا أمتلك أصدقاء غيرها."

هز رأسه مغمغم بإستياء:"ولكن ليس لتلك الدرجة، إنني أرى وجهها أكثر ممَّا أراك! ما الذي أعاد العلاقات فجأة؟ هل ارتضت خالتك مرة واحدة أن تعود الأمور لمجراها! لأ أصدق."

إنزعجت مِن تلميحه لذلك الموقف الذي اتخذته خالتها مِن أمها حينما كانوا شبابًا، بسبب لا تعرفه، ولكن عندما كبرت وجدت خالتها عادت لحياتها لأول مرة.

إنها مثله تمامًا، لا تدرك السبب في عودة خالتها، نادمة، قائلة أنها هيَ مَن ظلمت شقيقتها، وتود لو عادت الأيام لتصلح خطأها.

أما هيَ فقد وجدتها كفرصة، لتتعرف على والدتها مِن منظور غير والدها وعائلته، بل وتجد شخصًا تحبه، يكون قريب الشبه لأمها.

رفعت نظريها إليّه بشجاعة وهيَ تسأله:"أبي، لمْ تخبرني ما سبب الخلاف بين أمي، وخالتي؟"

لوهلة تحول وجه أبيها للرمادي، محاكي لوجه الموتى تمامًا. لكنه لمْ ينتظر قليلًا ليتحرك مِن أمامها يتبرم بسخطٍ:"قُلت لكِ مِن قبل، هذا الخصام مِن قبل أن أتزوج بأمك، حتى إنني لا أعرف سببه."

ثُمَّ قطع طريقه فجأة وهوَ يلتفت إليها يشير بإصبعه يحذرها:"ولا تتغيبي مرة ثانية مِن الجامعة بغرض التسكع مع تلك الفتاة، إنني لا أرتاح لها أساسًا."

أمأت بسكينة خادعة ناظرة بتدقيق في أثر رحيله، الذي انتهى وما زالت تقف تنظر إلى فراغ واهي.

سمعت حمحمة غريبة مِن خلفها فاستدارت لتجدها إحدى الخادمات العاملات في المنزل. رفعت حاجبيها باهتمام تسألها:"ماذا يا «عزيزة»؟ هل هناك شيء؟"

أمالت الخادمة رأسها بحرج، والوهن يجتاح قسمات وجهها الصغير، كحجمها الضئيل، فردت بإبتسامة محرجة:"هل يمكنني الإستئذان يا سيدتي؟ هناك اثنين غيري، ولكنني متعبة الأن، ولن أقدر على المواصلة."

غيم هاديءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن